إننا في ربيع أعمارنا وأيامنا، لطالما ماكنا ولازلنا نقابل أرواحاً كثيرة، وجوهاً عديدة، بعضهم يكونوا لنا أحباء، وبعضهم الآخر تذهب أيامنا معهم ولانزال معهم “غرباء”

بعضهم تجذبنا عفويتهم، بعضهم تسعدنا صحبتهم، بعضهم نجدهم أرواحاً داخل أرواحنا. وبعضهم، وجودهم لايحرك شيئاً، وموتهم لايعني لك إلا زيادة في عداد الأموات لا أكثر.

قليلون اولئك الذين يزرعون في قلوب من حولهم حباً، و وداً، وعطاءً وبلسماً. قليلون هم من يمسكون بيدك في نجاحك، وفشلك.

وقليلون جداً، من يمسكون ألسنتهم في الحديث عنك من خلفك.

إلا أنه من ضمن كُل ذلك القليل، أغلبنا يجد في قائمته شخصاً قريباً، شخصاً لطيفاً، شخصاً وجوده فرحة، وبسمة، وينابيع من المحبة.

ربما يكون صديق، قريب، حبيب، ربما إخوة، أو ربما عائلة!

أولئك القليل من نخاف عليهم جداً، من نرجوا من القدر اللا يفجعنا عليهم، ألا يذيقنا مرارة فقدهم، لأنهم أحتلوا قلوبنا، لأن لهم ذكريات عذبة في عقولنا، لأن وجودهم شيئاً عميقاً لأرواحنا وأيامنا.

هذا بشأن من يشاركونا حياتنا، وأيامنا وذكرياتنا، لكن الأمر ليس مقصوراً عليهم.

أحياناً تُوجع لفقد شخص ربما لم تقابله أو تحدثه يوماً، ربما لم تُسعفك صدف الحياة لأن تكون يوماً بين أيامه، لكن تُوجع لوداعه، تُفجع لخبر موته.

تشعر أن جزءً من أهلك و وطنك قد فقدته، تشعر أنك لن تنساه، ولن تنسى عفويته وبسمته.

تشعر بكل ذلك حينما تعلم أنك قد فقدت والداً قبل أن يكون حاكماً، تشعر بكل ذلك وأكثر حينما تعلم أن المملكة قد فقدت عبدُالله إبن عبد العزيزْ!

الرجل الذي أهدى شعبه كُل الحب، وكل الإزدهار، الرجل الذي تحسنت فيه أوضاع المرأة السعودية بشكل ملحوظ، الرجل الذي غير ثقافة العيب والعار من المرأة، وجعلها تشارك في كل ميداين الحياة، وجعل رأيها مكاناً للشورى وجعل من عملها في الأسواق كسراً لمبدأ العيب، وتعزيزاً لمبدأ الرزق الحلال والجد والإجتهاد للقمة الكريمة!

إنه الرجل الذي سبقت أفعاله أقواله، إنه القائد الذي شعرنا بحبه، فبادلناه الحب أضعافاً مضاعفة. إنه حبيب الشعب. حبيب الشعب عبدالله، نعم قد مات، قد رحل، قد ودع أرضنا.

إنها معادلة الحياة، التي تُعلمنا أننا كُلنا لله، وأننا  كُلنا إليه راجعون.

 

– رحمة الله على الذي زرع حبه وخدم وطنه رحمة الله عليه رحمةً واسعة وعلى كُل أموات المسلمين أجمعين.

 

* اُمنـية يحيى عبَاس نَتـُّو.