قبل عشر سنوات كنا نقضي ثلث يومنا مابين البحث عن صديق أو مناسبة أو أي تجمع لقضاء أوقات فراغنا لفضفضة ووناسة وترويح عن النفس لذلك كان غالبية من يجلسون في بيوتهم لوحدهم أو مع أخوانهم يطبق عليهم مصطلح “الطفشان” وإلى قبل قرابة خمس سنوات تقريبا تحول مصطلح “الطفش” من أماكن العزلة إلى مواقع التجمعات والمناسبات وتجد كل من يحيط بك في عزلة الكترونية لذلك أنت وسطهم في “طفش” وكل منهم يفضل الوحدة و الاستقلالية ليعيش عالمه الخاص.

ذات يوم وتحديدا قبل 954 يوم راجعت مستشفى بسبب آلام في البطن اكتشفت وقتها أن ضغطي في أعلى درجات الارتفاع وبعد إجراء الفحوصات تم أبلاغي بضرورة متابعة الضغط، ومن هنا بدأت رحلتي مع صحتي الالكترونية حيث وأنا في طريقي لمنزلي سألت “العم قوقل” ماهي أسباب ارتفاع الضغط وعلاقتها بآلام البطن وشرعت في تطبيق فتاوى علماء الصحة الالكترونية ومقارنتها بما يدور على أرض الواقع طبيا فبالرغم من اتباعي للنصائح الالكترونية الا أن ضغطي لم ينزل خلال تلك الفترة ولا أعلم هو بسببهم أم بسبب ضغطي إلا أنه بعد اكمالي للتحاليل و الفحوصات أكتشفت أصابتي بمرض مزمن في الكلى وليس له علاج .

من هنا ولأني مريض يبحث عن قشه خوفا من بعبع المرض ركبت عده دبابات و جمال وحناطير الصحة الالكترونية بداية من نصحية الحجامة مرورا بالكي المروع وغيرها من الوصفات المجرثمة وخلاف الرقية والطب الانعكاسي واليوغا وغيرها من التوجيهات و الاعلانات عن اختراعات طبية والجزم بالعلاج بسهولة وتأكيدات مجربة لمرضى غير موجودين على أرض الواقع لمستشفيات مشبوهة في الصين والهند وصولا للعلاج بالخلايا الجذعية الذي لايزال في مرحلة التجارب ويروجونه وكأننا فئران تجارب إلا أنني قد جربت بعض من تلك وتجاهلت الكثير منها رغم الترويج الاعلاني الشيق والضخم لها في المواقع الالكترونية و كأنهم يروجون لمكياج وليس حياة إنسان .

بعد 450 يوم من بداية أيام مراجعة المستشفى “صكني” دكتور في مستشفى بأحد الدول العربية “كف الكتروني” وما أجملها من “لطمه” أعادت لي البصيرة بعد أن قال بالحروف الواحد ” طب شعبي والا طب برازيلي، مرضك ليس له علاج لو رحت المريخ ولا تساهم في تطوره بالخلطات العجيبة” وقتها حزني لم يكن على نفسي بقدر ماحزنت على غيري ممن يطبقون اعلانات الصحة الالكترونية والتي فيها الكثير من الغث مما قد يتسبب بتدهور حالتهم وخسارة أموالهم .

في الواقع نحتاج إلى من يعتني بصحتنا الكترونيا لأننا “طفشنا” فعلا من الفتاوى الالكترونية ويكون ذلك من خلال مواقع وصحف وحسابات تواصل تكون جميعها متخصصة في الصحة وتركز على مايبحث عنه السليم قبل المريض في جانب التثقيف والوقاية الصحية من خلال تعاون خبراء وأطباء وكل ممارس صحي يمكنه أن يقدم خبراته من واقع عمله و الأهم من ذلك أن نعتمد على ما يخرج من مراكز الأبحاث وتغطي كل مايحتاجه المجتمع على جميع الاصعدة ونتحول مع خطة الملكة 2030م برفقة صحة الكترونية ذات جودة مميزة .

 

 

حاتم المسعودي