تقرير الجودة الصحية_إعداد: عبدالرحمن حمد المزروع

 

أعتمد معالي وزير الصحة رئيس المجلس الصحي الدكتور توفيق الربيعة مؤخرا توصية برفع مستوى الاعتداء على العاملين الصحيين في المرافق الصحية إلى مرتبة جريمة كبرى، مما يطرح التساؤل والنقاش عما إذا كان الإعتداء على العاملين الصحيين وصل لمرحلة الظاهرة أم لا؟ وما هي أهم أسباب حدوث ذلك وما أفضل الحلول لمثل هذه الحالات؟

 

ظاهرة أم حالات محدودة؟

في هذه المجلة الرائدة، وبتاريخ 20/09/2016م، تم نشر خبر للأستاذة منال باسنبل بعنوان: “ضرب الكوادر الطبية ليس ظاهرة”، وتم الإشارة فيه بأن المحامي عبدالعزيز نقلي والدكتور ياسر المزروعي لا يعتبران الإعتداء على العاملين في القطاع الصحي ظاهرة، وأن ما حصل مجرد حالات محدودة ونادرة، قد يكون بسبب الضغوط التي يتعرض لها بعض المرضى أو مرافقيهم، والذين غالبا ما يرغبون بتجاوز الأنظمة. وتم الإشارة في ثنايا الخبر بأن جميع مستشفيات الصحة لديها أقسام أمن تمتلك صلاحيات في التدخل المباشر لمثل هذه الحالات عند حدوثها، علاوة على وجود المدير المناوب الذي يكون مسؤولا عن إدارة المستشفى وإعداد تقرير عن سير العمل خلال فترته، وفي حال وجود أي قضية اعتداء فإنه يتم التعامل معها وفق ما يحفظ الحقوق، حيث يتم إبلاغ الشرطة ومدير المستشفى ومدير الشؤون الصحية وإشعار وزارة الصحة بذلك لإتخاذ الإجراءات النظامية.

لكن في صحيفة الرياض العدد رقم 17218، كتب الدكتور هاني محمد العبدلي مقالا بعنوان: “ظاهرة الإعتداء على الأطباء، هل من رادع؟” ذكر فيه الكاتب “أن الاعتداء على الأطباء سواء كان لفظيا أو جسديا أصبح ظاهرة من الظواهر السيئة التي بدأت تنتشر في المجتمع وتكاد تتكرر بشكلٍ متواصل”.

وفي هذا التقرير، نشير إلى أهم الأسباب المحتملة والتي تؤدي إلى حدوث الإعتداء على العاملين الصحيين وأهم طرق علاجها وتلافيها.

 

أسباب حدوث حالات الإعتداء على العاملين الصحيين:

* التعامل مع المرضى أو ذويهم في المرافق الصحية يختلف عن التعامل مع المستفيدين من الخدمات في القطاعات والمجالات الأخرى، ومن يعمل في القطاع الصحي يعي ذلك تماما، ومنسوبي القطاع الصحي يقدرون الحالة النفسية للمرضى ومرافقيهم، ولكن في النهاية، فإن العاملين في القطاع الصحي يمرون بما يمر بالآخرين من ظروف، لذا وفي حالات نادرة قد يحصل التقصير أو التصرف غير الملائم من أحد العاملين الصحيين ويتسبب ذلك في سوء التفاهم بين الطرفين قد يصل لتصرف خاطئ أو إعتداء بدلا من التصرف السليم كالتواصل مع إدارة الموظف وتقديم شكوى بالطرق النظامية.

* إرتفاع سقف التوقعات لدى بعض المرضى أو مرافقيهم، والذي أحيانا يكون فوق طاقة المرفق الصحي، مما يسبب التذمر والضجر من الخدمة مهما كانت معقولة ومناسبة بناء على الإمكانيات المتوفرة.

* ما ينشر من أخبار سلبية عن القطاع الصحي في بعض الوسائل الإعلامية والتي قد يتم صياغتها بطريقة غير مهنية أو بتضخيم الحدث والمبالغة فيه بدون الرجوع للمرفق الصحي للتأكد، ومن ثم يتم تناقلها في وسائل التواصل الإجتماعي، مما يجعل بعض المرضى أو ذويهم يزورون المرفق الصحي وهم في حالة إحتقان وشحن يتوقعون مواجهة السلبيات التي يتصورونها.

* المقارنة غير المنصفة وعدم مراعاة الفروق في الإمكانيات بين المرافق الصحية وعدم النظر إلى العوامل التي تؤدي إلى ذلك.

* غياب الوعي لدى بعض المرضى أو مرافقيهم، حيث يظن البعض أن الإجراءات النظامية مجرد روتين ينبغي تجاوزه، وأن الشكوى النظامية غير مجدية.

* قلة أعداد الكادر الطبي في المرفق الصحي وما ينتج عنه من ضغط شديد على العاملين قد يتسبب بوقوع بعض الأخطاء غير المقصودة أو التقصير في تقديم الخدمة.

 

 

الحلول المقترحة لتلافي حالات الإعتداء على العاملين الصحيين:

* ما تقدم به معالي وزير الصحة من توصية لرفع مستوى الاعتداء على العاملين الصحيين إلى مرتبة جريمة كبرى بادرة يشكر عليها، حيث أن تكرار الإعتداءات قد ينعكس سلبا على كامل القطاع وقد يسبب عزوفا عن العمل في القطاع الصحي.

* التوسع في الخدمات الصحية وتوفير العدد الكافي من الكادر الطبي تلافيا لحالات الضغط التي تواجه العاملين في بعض المرافق الصحية.

* توعية العاملين الصحيين وإلحاقهم بالدورات التدريبية وتوجيههم بالتعامل الحسن مع المرضى ومرافقيهم، وتذكيرهم دائما بأن عملهم إنساني بالدرجة الأولى، وتحفيزهم على إحتساب الأجر من الله عز وجل في عملهم وحسن تعاملهم.

* توعية المراجعين ومرافقيهم بالإجراءات والسلوكيات السليمة عن طريق اللوحات الإعلانية والكتيبات في أماكن الإنتظار وغرف التنويم، وإرشادهم بالتواصل مع الإدارة في حال وجود أي ملاحظات.

* تقديم الحوافز التشجيعية للعاملين الصحيين ومكافأة من يقدم أعمالا إضافية أو تطوعية ليست من ضمن مهامه الرئيسية.

 

ختاما: يجب أن نتذكر جميعا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “الرفق لا يأتي إلا بخير”، ولا ننسى أن الدين المعاملة، وأن الإنسياق والإستسلام للعاطفة غالبا ما ينعكس سلبا على المواقف التي نتعرض لها، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

 

المصادر: