1. مفهوم الصحة العامة 

تضيقُ مساحات التفاؤل حينما يكون هناك خلل بمفهوم الصحة العامة، خاصة للمندرج تصنيفهم تحت هذا التخصص والمنوط بهم تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية،وذلك بإتخاذ تدابيرالإحتياط والوقاية .فنجد أن هذا التخصص مهمش وليس له أية أهمية على الإطلاق بمملكتنا الحبية المملكة العربية السعودية. 

ولكن في الدول المتقدمة صحياً  يعتبر قسم الصحة العامة هو الأساس لصحة وبيئة أفضل حيث أنه المرجع للأطباء أنفسهم والمرضى والمجتمع، إذ أنه يهدف إلى توفير كامل الإمكانيات التي يمكن الرجوع إليها بغية توفير خدمة صحية نظيفة سليمة وأيضا بغية نجاح الكادرالطبي كاملاُ عن طريق تطبيق المراقبة الصحية.

الجدير بالذكر أن الأكثرية من طبقات المجتمع المختلفة يجهلون معنى الصحة العامة ولايعيروه أي إهتمام،  بالمقابل نجد هذا التخصص في الدول الأخرى يأخذ الحيز الأكبر في تقديم الخدمات الصحية والتي تخدم فئات المجتمع المختلفة.

إذا ماذ ا تعني الصحة العامة ؟ 

الصحة العامة هو علم حماية وتحسين صحة الأسر والمجتمعات من خلال تعزيز أنماط الحياة الصحية، والبحث عن الأمراض ومنع الإصابات والكشف المبكر عن الأمراض المعدية.

بشكل عام مفهوم الصحة العامة هو حماية صحة المجتمع بأكمله ( قد يكون مجتمع صغير مثل حي، قرية، منقطة أو على نطاق أوسع مثل مدينة أو بلد بأكمله أو أي منقطة من العالم)

لذلك نجد أن المهنيين في مجال الصحة العامة يعملون جاهدين في محاولات لمنع المشاكل من الحدوث أو تكرارهذه المشاكل من خلال تنفيذ البرامج التعليمية وإقتراح السياسات وإجراء البحوث التي من شأنها تقليل نسبة تفشي الأمراض وبالتالي تمكينهم من وضع الخدمات المناسبة وتعزيز الصحة والعافية عن طريق تشجيع السلوكيات الصحية. 

ونجد أن البعض يُعرف الصحة العامة بأنه العلم القائم على التحصين الذي يقي من الأمراض بينما العلماء يعرفون الصحة العامة على أنه العلم القائم على اكتشاف الأمراض ومسبباتها، أما المجتمع فقد عرف الصحة العامة بأنه علم الحفاظ على الصحة ، فنجد الأطباء والممرضات يركزون بشكل أساسي على علاج الأفراد بعد أن أصبحوا مرضى، بينما العاملون بمجال الصحة العامة يعملون بجهد للحد من الفوارق الصحية من خلال إجراء البحوث العلمية لوضع خطط البرامج الصحية المختلفة بما يتناسب مع ظروف كافة فئات المجتمع والتي تحد من التفاوت في المصادر التي تملكها كل فئة و بالتالي تمكنهم من البقاء أصحاء،  وهناك عدد من الأمثلة للبرامج التي لابد من وضع خطط مختلفة تناسب كل فئة للاستفادة منها بفعالية وكفاءة، وهنا بعض هذه البرامج :-

  1. تطعيم الأطفال والبالغين لمنع إنتشار الأمراض.
  2. تثقيف الناس حول مخاطر تعاطي التبغ، وذلك بإحداث وتطبيق البرامج التي من شأنها تحد من المشكلة.
  3. تحدد الصحة العامة معايرالسلامة لحماية العاملين بالمنشأت الخاصه والعامة. 
  4. تطوير برامج التغذية المدرسية لضمان الحصول على غذاء صحي.
  5. العمل على وضع (القوانين والأنظمة والتشريعات) والتى تعززمن الصحة وذلك بتعزيز صحة الهواء خاصة في الأماكن المغلقة.
  6. تعزيز مساواة الرعاية الصحية والجودة وسهولة الوصول إليها.
  7. برامج مكافحة الأمراض المعدية لتتبع تفشي المرض ومنع الإصابات وإلقاء الضوء على الأسباب التي تجعل البعض أكثر عرضة للمعاناة وتدهور الحالة الصحية أكثر من غيره.
  8. برامج الأمراض المزمنة والحد منها
  9. برامج تحديد المخاطر الصحية  مثل سلامة الماء والغذاء والمخاطر البيئية والصحة والسلامة المهنية والإستجابة لحالات الطوارئ الصحية كالتسمم الكيميائي  والدوائي وتنفيذ إستراتجيات الوقاية.

كل هذه الخدمات تندرج تحت مجال الصحة العامة لتمنع أو تقلل من حدوث الأمراض خاصة الفاشيات وتخفف حجم المعناة والمضاعفات والإعاقات وهذا المجال هوالتوجه الحديث لغالبية دول العالم، إذ أن نظرة منظمة الصحة العالمية و إرشاداتها في السنوات الماضية ركزت على الطب الوقائي بفروعه المختلفة مثل مكافحة الأوبئة، الصحة المهنية،  الصحة الدولية وصحة المسافرين، صحة البيئة، صحة الأمومة والطفولة، الصحة المدرسية، الصحة الإنجابية، صحة الشباب، صحة المرأة، صحة المراهقين، صحة كبار السن وغيرها من البرامج و الأنشطة والتي تعتمد على مفهوم تعزيز الصحة ( Health Promotion)، والوقاية المتمثلة بالحماية الأمراض وليس اللجوء إلى المعالجة والتداوي فقط والإهتمام بالأمراض بعد حدوثها والذي يؤدي إلى فقدان الطاقة البشرية والمادية وإبطال مسيرة المجتمع بإعاقة أفرادة لذلك نجد أن من أهم أهداف الصحة العامة:

  1. تحسين جوده الحياة وبقاء الأفراد أصحاء على المدي البعيد والوقاية والحد من الأمراض السارية والمزمنة.
  2. توقع حدوث الأمراض السارية في مواسمها والعمل على مكافحتها قبل حدوثها وإذا حدثت لا قدر الله العمل على إنهائها.
  3. صياغة السياسات والإستراتجيات العامة، ووضع البرامج الصحية التى تخص مكافحة الأمراض والإشراف على تنفيذها.
  4. الإشراف على الإجراءات اللازمة لتحسين الإصحاح البيئي مع الجهات ذات العلاقة خاصة فيما يتعلق بمكافحة نواقل المرض كالحشرات والقوراض. 
  5. رصد الجوانب الصحية المتعلقة بصحة مياه الشرب والتخلص الآمن من النفايات.
  6. المشاركة في دراسة وإعداد الإشتراطات الصحية ذات الصلة بالمهن وفقا للأولوية الصحية بالتنسيق مع الجهات المعنية، ووصع المبادئ التوجيهية, ووضع معاير التدخل السريع لحماية العاملين.
  7. تعزيز الوعي الصحي والبيئي وتمكين الموظفين، والمجتمع بالمشاركة في جميع برامج الصحة العامة و الأنشطة التثقيفية الصحية.
  8. استمرار تطوير القدارت البشرية، والإمكانيات لأقسام الصحة العامة.

ولا يقتصرتخصص الصحة العامة على تقديم الخدمات الصحية فقط ولكن يشمل الكثير، وإذا نفذت هذة البرامج على الوجه الصحيح سيكون هناك نهضة بمجال الصحة. وهناك قلة فقط ممن يعُون مفهوم الصحة العامة بتوسع،  فقط إذا تم أخذ هذا التخصص بعين الإعتبار وإعطائه حيزاً ستشهد مملكتنا الحبيبة تغيراً جذرياً وإيجابياً بما يخص الصحة العامة.

إذا الصحة العامة  هي عملية مشتركة تتكون من الأفراد وصولا إلى المجتمع، والتى من شأنها توفير معلومات موثوق بها لتعزيز القرارات الصحية وتحسين الصحة من خلال شراكات قوية والعمل على حد سواء لتحسين جودة الحياة وتوفير القيادة والتدريب المستمر لضمان الإستمرارية.

بقلم/ أ.نــورة سلـيمان الحزر، أخصائي صحة عامة وتغذية.

رئيــس قسم الصحة العامـة، مستشـفى شـرق جده العام 

فريق الصـحة الـعامـة التـطوعي