تقرير الجودة الصحية – إعداد أ/ عبدالرحمن المزروع

 

 

 

 

الهدف الأساسي من النظام الصحي هو الحصول على الرعاية الصحية المناسبة و تقديم العلاج و المشورة الطبية و التوعية الصحية والمحافظة على صحة الفرد و المجتمع و تعزيزها، كما يعتبر إحترام خصوصية المريض واجب من واجبات الأنظمة الصحية و منسوبيها و هو حق من حقوق المرضى و ذويهم، و هذا ما يؤكده و ينص عليه النظام الصحي في المملكة العربية السعودية و غيرها من الدول، لكن من المؤسف أن نطالع بين الحين و الآخر ما يخالف هذا النظام خصوصا مع الإنتشار الواسع لوسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي، فيلاحظ مؤخرا ظهور بعض التجاوزات سواء من ممارسين صحيين أو من غيرهم حيث أنتشر في الوقت الحالي ظاهرة التصوير مع المرضى و الحديث عن شكواهم و علاجهم و العمليات التي أجريت لهم وذلك إما بغرض الدعاية أو بغرض الدعاء والإستعطاف و الحث على الزيارة و غير ذلك، و جميع هذه الممارسات مهما كان سببها فإن فيها إنتهاك لخصوصية المريض، و تدخّل غير لائق في وضعه و ظروفه الشخصية و قد يسبب إنعكاسات سلبية على صحته و على حالته و حالة ذويه النفسية، و علاوة على ما تنص عليه الأنظمة الصحية للحفاظ على خصوصيات المريض و صيانتها فهذا هو الواجب شرعا فلا يجوز شرعا إفشاء أسرار و خصوصيات الآخرين أو نشرها و التحدث بها  كما أن كتمان ذلك و مراعاة مشاعر الآخرين فضيلة أخلاقية يسمو من يتحلى بها.

 

 

 

 

خصوصية المريض في المملكة العربية السعودية:

تحرص وزارة الصحة السعودية و القطاعات الصحية الأخرى في المملكة على إحترام خصوصية المريض، ففي وزارة الصحة تم مؤخرا إنشاء وكالة جديدة تتولى متابعة الإلتزام بالأنظمة و أخلاقيات المهنة في القطاعين الصحي العام و الخاص، كما أعادت الوزارة هيكلة بعض الإدارات و  الأقسام و  عملت على العديد من البرامج و الأنظمة و تم تحديث بعض المواد و اللوائح بالتنسيق مع القطاعات الصحية الأخرى، و التي تهدف لتوفير الظروف و البيئة المناسبة للمريض و ذويه و الوقوف على حاجاتهم و إستطلاع آرائهم في الخدمات الصحية المقدمة لهم بهدف الارتقاء بها و تحسينها، كما تم طرح وثيقة حقوق و مسؤوليات المرضى و التي أشتملت على حقوق المرضى و ذويهم كالحصول على الرعاية الصحية المناسبة و الحماية و السلامة و الإحترام و التقدير و المشاركة في خطة الرعاية الصحية و التأكيد على الحفاظ على سرية المعلومات الخاصة بالمريض و عدم مشاركتها إلا بموافقته أو موافقة الوصي القانوني عليه و منع سوء استخدامها، كما نصّت الوثيقة على الحفاظ على ستر عورة المريض في غير ما تقتضيه ضرورة العلاج و رفض مقابلة أي شخص لا علاقة له بتقديم الرعاية الصحية و أكدت على توفير الملابس المناسبة  و الأدوات الشخصية الضرورية له  و نقله إلى غرفة خاصة للفحص إن لم تكن غرفة التنويم مناسبة لذلك مع ضمان تواجد شخص من نفس جنس المريض أثناء الفحص السريري أو التداخلات المطلوبة، و كذلك ألا يطلع على ملفه الطبي سوى الفريق الطبي المشرف على العلاج أو فريق برنامج إدارة الجودة أو فريق الأبحاث في المنشأة الصحية أو الأشخاص المخول لهم خطيا من قبل المريض أو الوصي القانوني عليه أو الجهات القضائية، في نظام مزاولة المهن الصحية نصّت المادة الحادية و العشرون على أنه يجب على الممارس الصحي أن يحافظ على الأسرار التي علم بها عن طريق مهنته و لا يجوز له إفشاؤها إلا إذا كان الإفشاء مقصودا به الإبلاغ عن حالة وفاة ناجمة عن حادث جنائي أو للحيلولة دون ارتكاب جريمة و لا يجوز الإفشاء في هذه الحالة إلا للجهة الرسمية المختصة، أو يكون الإفشاء للإبلاغ عن مرض سارٍ أو معدٍ أو دفع الممارس لاتهام وجهه إليه المريض أو ذويه يتعلق بكفايته أو بكيفية ممارسته المهنة، أو إذت وافق صاحب الشأن على إفشائه أو كان الإفشاء لذوي المريض مفيداً لعلاجه أو إذا صدر له أمر بذلك من جهة قضائية.

 

 

 

 

و إستكمالا لهذه الجهود المشكورة لوزارة الصحة فقد حذرت الوزارة مؤخرا المنشآت الصحية من الممارسات السلبية في وسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي خاصة في مجال الإعلانات و شدّدت على ضرورة عدم إستغلال المرضى بأغراض إعلامية أو دعائية و ذكرت الوزارة أن نشر صور و مقاطع العمليات الجراحية و التجميلية يعد مخالف لأخلاقيات الممارس الصحي و تعدي على حقوق المرضى، مؤكدة على جميع المنشآت الصحية و على الممارسين بضرورة الإلتزام بأخلاقيات الممارس الصحي، و أوضحت الوزارة بأن من يخالف النظام من المنشآت الصحية يعاقب بإغلاق المنشأة لمدة تصل إلى 60 يوما مع غرامات مالية تصل إلى 100 ألف ريال كما يعاقب كل من يخالف النظام من الممارسين الصحيين بغرامة مالية لا تزيد عن 50  ألف ريال.

 

 

 

 

حملة تثقيفية:

تعتزم وزارة  الصحة إطلاق حملة تثقيفية  بهدف منع الممارسات السلبية في وسائل الاعلام و التواصل الإجتماعي خاصة في مجال التجميل كنشر الصور و مقاطع الفيديو و أوضحت الوزارة أن الحملة تتضمن أبرز هذه الممارسات و أسباب منعها و إعطاء المنشآت الصحية مهلة 30 يوم للتقيد بإزالة كافة المحتويات من وسائل الاعلام و البدء بتطبيق العقوبات على المخالفين و أهابت الصحة بالجميع التعاون معها والإبلاغ عن أي مخالفات بهذا الخصوص من خلال الإتصال على الرقم ٩٣٧ و أعادت الصحة التأكيد ‏‎على كافة الممارسين الصحيين في القطاعين الخاص و العام أهمية تطبيق معايير سلامة المرضى و التقيد بالرخص النظامية و التأهيل من الهيئة السعودية لتخصصات الصحية و الحرص على صحة المرضى و تحقيق سلامتهم و جعلها محور اهتمامهم مع الالتزام بأخلاقيات المهنة و نظام مزاولة المهن الصحية.

 

 

 

 

و مع الشكر وا لتقدير لوزارة الصحة و منسوبيها الكرام على هذه الجهود المباركة، إلا أننا نأمل أن تشمل هذه الحملة التثقيفية جهودا و تعليمات موجة لمسئولي المنشآت الصحية و مسئولي الوزارة، حيث يلاحظ قيام بعض المنشآت الصحية بأعمال الصيانة أثناء وجود المرضى و المنومين و عدم مراعاة وجودهم كما أن بعض الأطباء يستقبل المريض مع وجود زملاء له أو مرضى آخرين في العيادة كما يفضّل مراعاة المرضى في بعض التخصصات و ذلك بعدم دعوتهم بالإسم كاملا أمام المراجعين تلافيا للإحراج، و أن يتم العمل على تطوير آلية التنسيق الطبي بين المرافق الصحية بما يحفظ سرية المعلومات و التقارير الطبية المرسلة و عدم إتاحة الإطلاع عليها من غير المختصين، كما نأمل أن تشمل هذه الحملة التثقيفية كافة شرائح المجتمع لنشر الوعي بين الجميع و معرفة حقوقهم و واجباتهم و مسؤلياتهم و نحافظ جميعا على خصوصيات المرضى و ذويهم و نتحلى جميعا بهذه الفضيلة.

 

 

 

 

ملخص:

 إحترام خصوصيات الآخرين فضيلة شرعية و أخلاقية و مهنية، و خصوصيات المرضى من أهم هذه الخصوصيات و هي واجبة على الجميع خصوصا الممارس الصحي الذي يطلع على معلومات ليست متاحة للآخرين و إستغلال هذه الخصوصيات لأهداف شخصية أو مهنية يعتبر مخالفا للشرع و الخلق السليم و المهنية العملية، لذلك صدرت التعليمات من الجهات ذات العلاقة بالحفاظ على خصوصيات المرضى و مراعاة المريض و ذويه، و أوضحت التعليمات متى يكون إفشاء هذه الخصوصيات متاحا.

 

مع تمنياتنا للجميع بالصحة و العافية.

 

 

 

 

المصادر:

1- وثيقة حقوق و مسؤوليات المرضى.

2- “الصحة” تحذر من الممارسات السلبية في وسائل الإعلام و التواصل الإجتماعي.

3- «حقوق المريض».. مسؤولية أخلاقية و مهنية.