بدأ اعتماد الخدمات الصحية أول ما بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية في خمسينيات القرن العشرين. ويعتبر الاعتماد حاليا الأداة الرئيسية التي تستخدمها البلدان الصناعية المتقدمة لضمان جودة الرعاية ، وللقيام  في الكثير من الحالات بتوزيع الموارد المالية على المؤسسات الصحية ؛ فَيُعرَّف الاعتماد بأنه: عملية تقييم تقوم بها هيئة تقييم خارجية مستقلة لتقدير مدى توافق المنشأة الصحية مع المعايير الموضوعة مسبقاً من قبل هيئة الاعتماد، والهدف الأساسي للاعتماد هو تطوير أنظمة وإجراءات تقديم الخدمة لتحسين جودة خدمات الرعاية الصحية، وبالتالي تحسين النتيجة المرجوة من العلاج . لذلك نشهد تلهف المستشفيات والمنشآت الصحية للحصول على الاعتمادات العالمية منها والمحلية،فنراها تارة تتجهز للحصول على الاعتماد الدولي (JCI) وتارة تعد العدة للحصول على الاعتماد السعودي (CBAHI) .

   ولكن مايلفت النظر هو غياب معيار مهم ومفصلي في هذه الاعتمادات ، فلا نرى – على سبيل المثال – اي معيار يسأل العميل الخارجي (المريض ) بشكل مباشر ودوري بدون أي ترتيبات عن مدى رضاه وملائمة  مستوى الخدمة المقدم له برغم ان المريض هو احدى زوايا المثلث المستفيد من الاعتماد (باعتبار المؤسسة الصحية والمجتمع هما الزاويتين الأخريتين) ، كما أننا لا نرى أيضاً أي معيار ينزل الى أرض الواقع ويسأل بكل شفافية عن مدى ارتياح العميل الداخلي (الموظف) ومدى شعوره بالأمان مع من حوله ! ولعل هذه النقطة بالتحديد – معيار العميل الداخلي- هي ماجعلتني ابحر بالتفكير فيما لو تم تحديد معايير بعينها بحيث يتضمنها أي اعتماد ،لتزيد من نقاط التقييم في أولى مراحل تطبيقها و تصبح بعد ذلك معياراً أساسياُ لا يكتمل التقييم إلا به .

 في الفترة الأخيرة شاهدنا تفاقم ملحوظ في حالات العنف والهجوم الجسدي واللفظي على أفراد الطاقم الطبي : ممرضين ، أطباء ، فنيين وغيرهم ،ورغم الاستنكار والتوعد بالمحاسبة التي غالباً مايتم تهميشها والتنازل عنها إلا أن الظاهرة في تزايد ، ولعل تواجد معايير بسيطة تجتمع لتكون عظيمة سيكون أول مفتاح للقضاء على هذه الظاهرة.

 فانطلاقاً من أن الاعتماد عملية طوعية تطبق في المقام الأول على المؤسسات لا على الأفراد، أو الإدارات، أو الوحدات . سيكون جميل هذا التنافس بين المؤسسات كمجموعة متكاملة في سن قوانين لحماية الممارسين الصحيين وكل موظفي المنشأة من أي اعتداء ، كأن تسن المؤسسة قانون يُحتم وجود رجل أمن عند كل وحدة و قسم و جناح و طابق ، و أيضاً قانون بعمل نظام موحد يتكفل بحظر اسم المعتدي و أيٍ من عائلته عن تلقي الخدمة الصحية من المؤسسة، وقد تكون إحدى الخطط المضادة لهذه الظاهرة هي تدريب الطاقم على برامج الدفاع عن النفس ، وحصولهم على ميداليات تعلق باسمائهم ، حتى يفكر أي معتدي ألف مرة قبل وجود أي نية للتهجم ! أعلم ان القارئ الآن يصف فكرتي بالمجنونة ، ولكن في جلسات العصف الذهني نعتبر أي فكرة مهما كانت بسيطة أو مجنونة هي مفتاح حل في كثير من الأحيان!

وختاماً يبقى العميل الداخلي – الموظف – هو حجر أساس في كل بيئة ومنظمة ، وسلامته جسدياً ونفسياً أول و أهم مطلب حتى يتساوى الرضا عن الخدمة المقدمة وعن التغذية الراجعة بما يضمن النتيجة المرجوة من الحصول على الاعتماد، آملةً ان يتم فعلياً تطبيق ماجاء من اقتراحات أعلاه.

 

 

 

أ.هبة عدنان مؤمنة