لطالما تسائلت بيني وبين نفسي ماهو سر ارتباطي العميق بحب أمي؟ 

رغم بعدي عنها وعملي في مدينة أخرى، ورغم أني قد أكون الأقل حظاً ببرها ، ورغم أني حاولت مراراً وتكراراً 

كف عقلي عن التفكير بها عند اتخاذ أي قرار!

ثمة أواصر بنتها بداخلي حين كنت لا أزال معها ،اشتاق لهذه الأواصر التي استشعرها بالرغم من بعد المسافة ، 

مثل قطعة الخبز المحشوة بالجبن والخضار التي كانت تصنعها لي بحب كل صباح قبل ذهابي للتدريب ، 

و حصة الأسد من هدايا و ألعاب الأطفال التي كانت تخبئها لي لحين عودتي من السفر برغم تجاوزي الخامسة والعشرين

 من العمر ، و الدمعة التي تقتلني حين كانت تذرفها في كل مرة تودعني للذهاب الى مدينة تبعد نصف ساعة بالطائرة!

 

هي أم .. و ابنة .. 

أخشى عليها كثيراً ألا يعود لها متعة لأقرانها ، أحب ان أمازحها ، أحب ضحكتها كثيراً ، أتعمّد ألا اتواصل معها حين 

حزني الشديد حتى لا تشعر بأي ضيق أشعر به ، 

و اكتفي حين أراها بطلبي منها ان تقرأ عليّ القرآن و تمرر يدها الحانية 

على رأسي وجسدي ، أشعر وقتها فعلاً أن كماً كبيراً من الهموم قد أُزاح عنّي!

لا أدري ان كنت الابنة المفضلة لديها ، لكنّها حتماً الإنسانة الوحيدة المفضلة لدي ، لا يأخذ مكانها صديقة ولا أخت ولا 

زوج ولا أقرب قريب ، هي امراةٌ عظيمة سرقت “وداد” قلبي .