يزخر مجال الرعاية الصحية بالعديد من برامج الإعتماد الصحي، والتي تزايدت بشكل ملحوظ منذ الثمانينات الميلادية.حيث تسعى هذه البرامج، من خلال تطبيق معاييرها،إلى تحقيق مستوى أفضل من الرعايةالصحية المقدمة من قبل المنظمات الصحية بمختلف أنواعها وتخصصهاتها, ومع تزايد تلك البرامج، تتزايد الدراسات للتحقق من فعاليتها في تحسين مستوى الخدمات الصحية.

لذا، عمدت الكثير من الدراسات السابقة على قياس فعالية تلك البرامج في تحقيق ماتسعى إليه من تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة بمقاييس مختلفة وبطرق واستراتيجيات علمية متنوعة. حتى أن بعض تلك الدراسات أثبتت عدم فعالية تلك البرامج، وعدم إرتباطها بجودة الرعاية الصحية. وبالتالي، أخذ بها بعض المتخصصين والعامة، مما أثر سلباً على سمعة تلك البرامج محلياً ودولياً.

في حين أن بعض الباحثين والمهتمين في مجال جودة الرعاية الصحية، قاموا بدراسات علمية، إما من منظور مختلف أو إستراتيجية مختلفة، وكانت النتيجة عكس ماتوصلت إليه الدراسات الآنفة للذكر. وهذا يدل على وجود تناقض بين هذه المجموعتين من الدراسات، وبالتالي  لا نستطيع الجزم بفعالية برامج الاعتماد الصحية تلك.

وتعتبر المملكة العربية السعودية من أولى الدول العربية التي شرعت في تطبيق برامج الإعتماد الصحي على مرافقها الصحية. ودعماً لهذا المشروع، تم إنشاء المجلس السعودي لإعتماد المنشآت الصحية (  سباهي  CBAHI)  في عام 2005م، كجهة إعتماد وطنية بديلة لبرنامج منطقة مكة المكرمة للجودة (MRQP) والذي أنشيء في عام 2000 م. ويهدف سباهي إلى تعزيز سلامة المرضى وتحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة في القطاعين العام والخاص. حيث أصبح الآن حصول جميع المرافق الصحية على الإعتماد إلزامياً وليس اختياراً.

ولدراسة فعالية برامج الإعتماد في المملكة العربية السعودية، قامت بعض الدراسات الأكاديمية القليلة بدراسة تأثير هذه البرامج، سواءَ المحلية أم الدولية، على مخرجات الخدمات الصحية وتحسين الأداء. حيث أن البعض توصل إلى نفي قاطع لوجود تأثير إيجابي لتلك الإعتمادات الصحية على مستوى الخدمات الصحية المقدمة، في حين أن البعض الأخر مؤيد لها وداعم لتطبيقها وإلزام المرافق الصحية بها كذلك.

وفي الحقيقة، عندما نعوم قليلاً في بحر هذه الدراسات السابقة، نرى التنوع في النوعية والكمية المستخدمة في قياس الفعالية. فبعض الدراسات اتسمت بشيء من القوة والتميز، بينما البعض الآخر من الباحثين اختار لنفسه ما هو متاح. فتنوع المخرجات، هو أمر طبيعي لتنوع المدخلات وكيفية معالجتها. فلا نتيجة قطعية قد نصل إليها للإجابة على هذا السؤال فيما يتعلق بقياس الفعالية. ولكن قد نتجه إلى تحوير هذا السؤال إلى سؤال أخر قد تكون الإجابات عليه أدق من سابقها، وهو: ماهي أسباب عدم فعالية برامج الاعتماد الصحي؟

وبالتالي، نصل إلى مجموعة توصيات علمية لضمان فعالية تلك البرامج.

عبدالعزيز الصاعدي
باحث دكتوارة ( الإدارة الصحية )
مهتم في جودة الرعاية الصحية وتحسين الأداء