منذ نعومة أظفارنا و نحن نُلقن من أهلنا أهمية الشهادات العليا، و قبلهم كان دورهم مع أهليهم عندما كانت الشهادة الثانوية ذات الأهمية نفسها. في يومنا الحالي، نسمع في المجالس و التجمعات المقارنات، و المراهنات أحياناً، على الشهادات العليا. و في هذا السياق، استوقفني حوار منذ فترة ذكرني بسؤال سؤلته في أكثر من مقابلة شخصية: الشهادة المهنية.. هل باتت أهم من الشهادة العلمية؟ أم مكملة؟ عندما يتقدم شخصان لوظيفة ما، هل الأهم شهاداته التعليمية؟ سنوات الخبرة؟ أم الشهادات المهنية؟

نعم الشهادات التعليمية لا غنى عنها و لا شك في أهميتها. سنوات الخبرة مهمة أيضاً، لكنها قد تكون محدودة و محصورة في نطاق ما بدون تنويع و لا تجديد. إذاً، كيف يتميز الموظف؟ و كيف يطورمن أداءه؟ بلا شك عن طريق الشهادات المهنية. فما هي هذه الشهادات و ما هو مردودها على الموظف و على المنظومة التي ينتمي إليها؟

الشهادة المهنية هي شهادة تخصصية اختيارية يحصل عليها الفرد الراغب تطوير معرفته، خبرته و مهاراته في تخصص معين أو مجال معين. يتم الحصول عليها إما عن طريق اجتياز دورة معينة أو إختبار أو، كما هو الحال في أغلب الأحيان، عن طريق الإثنان معاً. تصدر هذه الشهادة من جهة رسمية معتمدة بحيث تكون محكومة بمعايير معينة تضمن جودة المخرجات.، لعل أشهرها

(The National Commission for Certifying Agencies (NCCA

يتميز الموظف الشغوف بتعطشه الدائم للإبداع و التطوير، و هو ما يضمن للمنظومة استمرارها و ازدهارها. قد يشكك بعض المدراء بالفائدة العائدة من هذه الشهادات في حال قرر الموظف ترك المنظومة، نظراً للإلتزامات المالية المترتبة من التدريب و الإختبار للحصول على هذه الشهادات.

يكون الرد العاقل و المنطقي لهذه الشكوك مقولة سمعناها كثيراً و هي: تكلفة مدفوعة على موظف “قد” يتركنا أم تكلفة موظفين لم يطوروا أنفسهم و ينقصهم التجديد؟

إكتساب مثل هذه الشهادات لها فوائد عديدة.. أذكر منها الأكثر تأثيراً و أهمية:

  • 1- يُفَضَّل حامل الشهادة المهنية على زميله بحيازته ميزة تنافسية لما لديه ما يثبت قدرته و كفاءته في مجال التخصص الذي يعمل فيه. ففي الأوضاع الراهنة و اشتداد حدة التنافس، يبرز حاملوا الشهادة المهنية عن زملاءهم.
  • 2- تساعد الشهادة المهنية حاملها على الأداء المتميز إذ تكون له كالقاعدة الراسخة التي ييني عليها و الأعمدة التي يسند عليها. فطريقة الحصول عليها من تدريب ثم اختبار تقدم لصاحبها المؤهلات و المهارات التي تضمن له إدارة مشاريعه بسلاسة و الإنجاز بكفاءة.
  • 3- الشهادة المهنية لها مردود مادي على حاملها. فالوقت و الجهد و التكلفة ليسوا إلا استثمار دفعه حامل الشهادة. حيث أثبتت الدراسات أن أصحاب الشهادات المهنية ارتفعت رواتبهم بين 20-40%.
  • 4- الحصول على مثل هذه الشهادات فيه ضمان اكتساب خبرات جديدة تؤهل حاملها التخلي عن عاداته الحالية التي قد تسبب عدم الكفاءة أو ضعف في جودة مخرجاته. إ ذ تحرص مثل هذه الدورات التدريبية و الاختبارات أن يكون محتواها غني بكل ما استجد في مجال التخصص المطلوب و مواكب لكل التقنيات و الدراسات المطبقة فيه و عليه.
  • 5- حصول الموظف على مثل هذه الشهادات تعطيه مصداقية على حرصه لتطوير نفسه و على قدرته على الإنجاز خصوصا إذا أخذها من جهة رسمية معتمدة.

هذه الشهادات بلا منازع إستثمار ناجح لحاملها حيث تبني له درجات السلم الذي يتسلقه للقمة. و يبقى السؤال: هل سنستوعب أهميتها و ندعم شبابنا و نحفزهم على التطوير و التقدم أم سنبقى في دوامة الشك المظلمة ونجعلها تنحدر بنا بفكرة: “ماذا لو دفعت عليه و تركني؟”

 

دمتم بود.

بقلم أ/مي الصقير .