على الرغم من رواج استخدام منهجية التفكير التصميمي في الأعمال و الحلول التقنية، الا أن هذه المنهجية أثبتت نجاحها أيضاً في المنظمات الصحية  ، لقدرتها في حل المشكلات وتعزيز التعاطف والابتكار وتحسين تجربة المريض ، ويعود ذلك لطبيعة هذه المنهجية التي تقوم بتلبية رغبات المستفيدين والتعاطف مع احتياجاتهم قبل البدء بتصميم خدمة أو منتج ما ، وهو ما يجعل ضمان  نجاحها كبيراً ،  يُعرف تيم براون ( أستاذ في جامعة ستانفورد والرئيس التنفيذي لشركة IDEO  ) التفكير التصميمي بأنه ” نهجاً يركز على الانسان من خلال الابتكار يعتمد على  أدوات المصمم لدمج احتياجات الناس بالإمكانيات التقنية ومتطلبات نجاح الاعمال ” . واذا ما اردنا  التركيز أكثر على تطبيقات التفكير التصميمي في المنظمات الصحية نجد أن المنظمات الصحية المتميزة والرائدة استعانت بهذه المنهجية لحل مشكلاتها وتعزيز التعاطف و الابتكار في أعمالها فعلى سبيل المثال  ولدى منظمة كايزر بير ماننت كانت عملية تبادل المعلومات بين طاقم التمريض وهي ما تعرف ب endorsement  تضيع الكثير من الوقت وبالرغم من ذلك كانت تحدث أخطاء أثناء تبادل المعلومات بالإضافة لافتقاد المرضى للعناية اللازمة خلال تلك العملية ، وبعد الاستعانة بخبراء التفكير التصميمي والذين اشركوا الطاقم الطبي وبعض المرضى المتعاونين في عملية تحسين جودة هذه العملية كانت النتيجة هي ابتكار لوحة إلكترونية بجوار سرير المريض يتم تدوين الملاحظات عليها ثم  استعراضها سريعاً للممرضة اللاحقة ، كان أثر ذلك عظيما ً ، والسبب في بداية الأمر هو التعاطف مع هذه المشكلة حتى الوصول لتجربة الحلول قبل تنفيذها فعلياً ، مما انعكس أثره على جودة العملية وشعور المريض بالعناية من خلال تدوين الملاحظات وتواجد طاقم التمريض بجواره . وتشمل منهجية التفكير التصميمي خمسة مراحل تبدأ بالتعاطف ثم تحديد التحدي بشكل واضح ودقيق ثم عملية صناعة الأفكار ثم تقديم نموذج مبدئي ثم التجربة أو الاختبار ، ومن خلال هذه المراحل الخمس نستطيع الخروج بنتائج مبهرة ذات قيمه مستوحاه من احتياجات المرضى و محدده بشكل دقيق وتمت تجربتها لضمان نجاحها عند تطبيقها فعليا ً،  ان خلق الأفكار والخروج بابتكار لحل مشكلة ما يحتاج لعملية ديناميكية ومرنة وهذا ما جعل من التفكير التصميمي عملية فعالة للخروج بحلول وابتكارات للتحديات التي تواجه الرعاية الصحية من خلال تعاطف اكبر مع المستفيدين ، يقول تيم براون ” على الرغم من أن الناس في كثير من الأحيان لا يستطيعون اخبارنا بما يفعلونه او يحتاجون اليه بالفعل ، الا ان سلوكياتهم الفعلية قيمه ولا تقدر بثمن ،فهي أدلة حول مجموعة من الاحتياجات الغير ملباة ” . في حقيقة الأمر يمكن ان نتعلم من التفكير التصميمي ألا نفكر بالنيابة عن الآخرين ثم نطرح حلولا لمشكلاتهم باعتقادنا انها مجدية ، ونتفاجأ بعدم الجدوى منها متناسين رغبات واحتياجات المستخدمين النهائيين للخدمة ، في رأيي الشخصي على الأقل  تعد هذه المنهجية من المنهجيات الرائعة والتي قد تقدم لنا نقلة نوعية اذا ما أردنا تعزيز ثقافة الابتكار في منظماتنا الصحية وتعزيز مهارات التعاطف لدى العاملين وتطوير أدوات التحليل  لينعكس ذلك على جودة الخدمات المقدمة  والقدرة على مواجهة التحديات ،  فهل سنرى التفكير التصميمي يوماً بمستشفياتنا ؟ ..

دمتم بخير ..