الجودة الصحية (متابعات ) غدير باعمر

 

قال وكيل وزارة الصحة للمختبرات وبنوك الدم سابقا مستشار الهيئة العربية لخدمات نقل الدم الدكتور إبراهيم العمر إن الدولة تسعى من خلال رؤية 2030 إلى الاتجاه بكثير من القطاعات الخدمية والتنموية إلى إستراتيجيات من شأنها تحول هذه القطاعات من جهات استهلاكية محدودة الفعالية إلى جهات أكثر فعالية وكفاءة وذات مردود اقتصادي فعال ومشاركة تنموية مستدامة.
مؤكدا أن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة يقلل الهدر المالي، مستشهدا بتوفير نحو 3 مليارات سنويا، سواء من خلال أدوية أو فحوص أو أشعة مكررة بين القطاعات الصحية في ظل عدم وجود نظام إلكتروني موحد بين هذه القطاعات.

 
فصل المشرع عن تقديم الخدمة
بين العمر أن إستراتيجية التحول في النظام الصحي عبارة عن فصل التشريع والتنظيم والمراقبة عن تقديم الخدمات، إذ من غير المنطقي أن تكون وزارة الصحة أو الجهة المقدمة للخدمة هي الجهة المشرعة والمنظمة والمقدمة للخدمة في نفس الوقت، ومع تطبيق ذلك ستكون وزارة الصحة هي الجهة التنظيمية، أما المستشفيات فهي جهة مستقلة يمكن أن تقدم الخدمات من خلال شركة قابضة تملك الدولة فيها النسبة المسيطرة من خلال صندوق الاستثمارات العامة، بشكل يضمن لها استقلالية عن مركزية وبيروقراطية العمل الحكومي من خلال الاعتماد على مصادر الدخل المتوقعة لهذه المستشفيات، والتي قد تقدر بحوالي 50 مليارا عند المقارنة مع إيرادات القطاع الخاص الحالي وحسب قوائمه المالية، ومن الطبيعي أن يكون هناك توقعا كبيرا لتحسين وتطوير الخدمة بشكل واضح وسريع، إذ إن المنافسة ستقود هذا التغير الإيجابي للخدمة.

وطالب أن تكون هناك جهة رقابية مستقلة تتولى التأكد من تقديم الخدمات وفق النظم والأعراف ومعايير الجودة المطلوبة، هذا أهم عنصر في هذه الإستراتيجية، وهو الفارق الحقيقي عن النظام الحالي وأي اختلاف عن هذا التوجه هو في رأيي مجرد تغيير مسميات في التعاطي مع الشأن الصحي.

 
ممانعة العاملين
وعن أبرز العقبات التي من الممكن أن تواجه تحقيق هذه الإستراتيجية قال: لعل من بديهيات العقبات والتحديات في أي تغيير الممانعة لمجرد الممانعة من العاملين في نفس القطاع، فالإنسان بطبيعته ضد التغير كردة فعل سريعة، وعدم وجود كفاءات إدارية قادرة على سرعة بلورة وتنفيذ هذه الإستراتيجية، ولا ننسى أهمية الشراكة المجتمعية من خلال شرح الإستراتيجية بشكل واضح وإبراز آثارها الإيجابية على الخدمات المقدمة لهم، ويجب ألا نغفل أيضا عن إشراك الإعلام وكتاب الرأي لتقوية تطبيق تحول إيجابي بشكل ثابت وسريع مدعوم من الجميع”.

 
التحول إلى قطاع منتج
وقال الدكتور إبراهيم العمر الإيجابيات تتمحور حول التحول من قطاع مستهلك إلى قطاع منتج وذي مردود اقتصادي، واستخدام أمثل لموارده ومقدراته، كذلك توفير وظائف فاعلة لهذا القطاع تقدر بنحو 60 ألفا بحلول عام 2020، والحد من الهدر المالي العالي، والتوجه إلى توظيف المقدرات المالية والبشرية في مواضعها الصحيحة، بالإضافة إلى تقديم خدمات صحية بشكل محدد وشامل ومتاح لجميع مناطق المملكة بمعيار واحد، أما السلبيات -إن وجدت- أعتقد ستكون في بداية تطبيق التحول، وأستطيع أن أسميها تحديات كون أي تغيير إستراتيجي مهم يمر بمرحلة انخفاض عند التحول بعد ذلك يعتدل مسار الأداء تصاعديا، والأهم توفر الأدوات اللازمة والكفاءة الإدارية القادرة على قيادة الأداء تصاعديا لتحقيق ذلك بخطوات عملية مثل وضع الخطة الزمنية التنفيذية، سن الأنظمة والتشريعات التي تحكم الأداء، ووجود جهة رقابية مستقلة لتقييم الأداء وفق خطة التنفيذ، والأهم التأكد من وجود البنية التحتية السليمة.

 
تقليل الهدر المالي
أكد مستشار الهيئة العربية لخدمات نقل الدم أنه حال التطبيق أعتقد أن المردود سيكون إيجابيا من خلال عناصر عدة أولها فصل تضارب المصالح، إذ لا يمكن أن يحاسب مقدم الخدمة نفسه عن التقصير وتقييم الأداء وهو الحكم، ثانيا العمل بكفاءة صرف وفعالية، وهو جانب مهم في تقديم أي خدمة سواءً صحية أو غير صحية، ناهيك عن الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وبالتالي تقليل هدر مالي يقدر بنحو 3 مليارات سنويا سواء من خلال أدوية أو فحوص أو أشعة مكررة بين القطاعات الصحية، في ظل عدم وجود نظام إلكتروني موحد بين هذه القطاعات.

 
الخصخصة
وحول الخصخصة في النظام الصحي وأبرز تحدياتها، قال “أعتقد أن المحور الأساسي لنجاح التحول في القطاع الصحي هو القدرة على التحول إلى الخصخصة التي تعتمد على مشاركة القطاع الخاص واعتباره شريكا أساسيا في التنمية الصحية وفق أنظمة وقوانين ثابتة، وبالتالي الاعتماد على الإدارة الذاتية للمنشأة الصحية من خلال إدارة مواردها الذاتية مع وجود مؤشرات قياس أداء ثابتة لتقييم أدائها، كما هي الكثير من الشركات والمؤسسات الخاصة، بالإضافة إلى أهمية وجود بنية تحتية فاعلة للمنشآت الصحية”.

وتحدث عن أبرز الآثار المتوقعة عند تطبيق الإستراتيجية، وهل هذه الآثار قصيرة أم متوسطة أم طويلة الأمد، فقال أنا متفائل بأن الآثار ستكون إيجابية وأن أي تحول في إستراتيجية النظام الصحي ستكون بلا شك أفضل من النظام الحالي، وأن آثار التغيير تحتاج إلى وقت من 3-4 سنوات لتكون ذات مردود ملموس متى ما كانت هناك رغبة أكيدة في هذا التحول وإيمان كامل برؤيته وسرعة ودقة في تنفيذه.

 
مبادرات سريعة
قال الدكتور العمر هناك مبادرات سريعة يمكن البدء بها وتكون من ضمن السياق العام للإستراتيجية، ويستطيع المواطن والمقيم لمس آثارها الإيجابية خلال 6 أشهر، وهذا ما ينصح البدء به من خلال طرح خصخصة بعض المهام مثل المختبرات وبنوك الدم – الأشعة – الرعاية المنزلية، وهذه المبادرات باختصار يمكن تلخيص آثارها في خدمات عدة منها سرعة توفر أسرة تنويم بشكل أكبر، تقليص مدة انتظار المواعيد، تحسين وتوسيع القدرات التشخيصية، وهناك خطط لعمل ذلك وقدرة بشرط عدم وجود بيروقراطية إدارية تعيق تحقيق ذلك.