تعريف الصحة 

الصحة هي تمتع الإنسان بالعافية, وهذا المفهوم يصل لأبعد من مجرد الشفاء من المرض، فالصحة السليمة تعني الخلو من جميع الأمراض ،والتي يتطلب الوصول إليها الموازنة بين الجوانب المختلفة للشخص ودمجها، من هذه الجوانب: الجسمانية، النفسية، العقلية والروحية

إذاً…

تتأثر الصحة العامة بالعديد من العوامل ومن أهمها مكان السكن، والعوامل الوراثية، والدخل، والتعليم، والعلاقات الاجتماعية. ويعرف هذا كله بـ ”المحددات المجتمعية للصحة، والتي تختلف من فرد لآخر. ولهذا نرى أن الصحة العامة الحديثة تقوم  على مواجهة هذه التفاوتات الصحية عن طريق وضع السياسات والقوانين التي تتناسب مع حال السكان لتحسن صحتهم، وذلك بحسب دستور منظمة الصحة العالمية الصادر في جنيف عام 1946م

عناصر الصحة: 

عناصر الصحة في أي مجتمع _ سواء تم تحديده بالمكان السكني أوبالثقافة أو غير ذلك _هي:  التغذية ، الرياضة ،الراحة، النظافة، النمو السليم، التفاعل مع الضغوطات و العلاقات الاجتماعية. التعامل مع هذه العناصر لتوفير حق الحياة الصحية يجعل منها حقوق لكل فرد

التغذية:  الحق في الغذاء ويشمل مياة الشرب، جودة المنتج الغذائي ومنتجات الأغذية وخلوها من المواد الكيائية التي تضر بالصحة العامة، الوقاية من آثار السموم المستخدمة في المبيدات الحشرية للمزارع…إلخ ، فهل هناك وعي كافي من أفراد المجتمع بالخدمات والحقوق المقدمة لهم لضمان حقهم في التغذية الصحية؟ 

الرياضة:  لاشك أن ممارسة الرياضة لها علاقة وثيقة بكافة جوانب الصحة، لذلك استناداً للمادة رقم 2 من معايير تصنيف المدن الصحية  وجود مساحات خضراء كافية، لأن توفير المساحات الخضراء يشجع على ممارسة الرياضة للسكان، فهل المساحات الخضراء المحيطة بنا كافية لممارسة الرياضة؟؟؟

الراحة: لها آثار سيكولوجية و اثرولوجية على الشخص فمثلًا شعور السكان بالرضا اتجاه الخدمات المقدمة لهم في أماكن إقامتهم  يمنحهم الراحة ( راحة الجسد وراحة العقل وراحة النفس) بالإضافة إلى أن الراحة تجعل الانسان قادرعلى العطاء  والإنتاج بشكل أفضل سواء على الصعيد  الوظيفي أو التعليمي فهل تشعربالراحة في  مكان إقامتك؟؟؟

النظافة والسلامة البيئية:  التمتع بالنظافة ومعالجة المخالفات حق من حقوق السكان ابتداء من شروط تصميم المباني إلى طرق التعامل مع منتجات إعادة التدوير، كذلك القضاء على التلوث البيئي عن طرييق إعادة تأهيل المناطق السكنية كمنطقة الوسط والأحياء التاريخية فيها. بالإضافة إلى خدمات الصرف الصحي والحد من انتشار البعوض وانتقال الأمراض، ولهذا فإن الخدمات المقدمة للسكان في أي مجتمع لابد وأن تتناسب مع الأوضاع الخاصة للمنطقة الجغرافية والعوامل المؤثرة على نظافتها وسلامتها البيئية.  

النمو السليم: تتأثر السلوكيات والحياة الأسرية  بالعادات والممارسات الخاطئة التي قد تنشأ من الثقافة و التقاليد والجهل وهذا ماقد يعرقل عملية  النمو السليم. إذ أن عملية العناية بالصحة عملية تبدأ منذ الطفولة و تكون بالتعليم و التلقين، فطريقة الوالدين في التعامل مع الأمراض والحياة بشكل عام يرسخ في ذهن الطفل نمط صحي معين. فمثلاً الاهتمام بالكشف الدوري العام و للأسنان أو لسرطان الثدي للأم  أو لسرطان البروستات للأب يعزز من أهمية الملاحظة والمراجعة الطبية في نفس الطفل، والعكس صحيح فمثلاً الاعتماد الكلي على طرق العلاج الشعبية وعدم مراجعة الطبيب يعزز في نفس الطفل نمط غير سليم للعناية بالصحة ، وهكذا يكون النمو السليم نتيجة لآثار كافة العناصر الموجودة في محيطه البيئي

التفاعل مع الضغوطات: إدراك الأثر السلبي للضغوطات ومصادرها على صحة الفرد والمجتمع و التعامل معها بطريقة صحية واجب على كل جهة وفرد، إذ أن توفير الخدمات و القوانين التي تساعد ذلك أمر أساسي لاستمرار الإنتاجية والصحة العامة. فمثلأ في بعض المنظمات هناك نظام يفرض على الموظف الحصول على إجازة كل مدة معينة أو في حال عدم  مطالبة الموظف بأي إجازة خلال العام كامل، الهدف من هذا النظام هو ملاحظة الحالة النفسية للموظف ودعمها ومعرفة السبب في تعريضه لنفسه لضغط العمل لفترات طويلة، فقد يكون الموظف يعاني من مشاكل في المنزل أو مشاكل مادية أو حالة من الاكتئاب تستدعي التدخل الطبي

العلاقات الاجتماعية: توفير مساحة لبناء العلاقات الاجتماعية وتعزيزها و السماح بممارسة وتشجيع الأنشطة المناسبة في كل منطقة سكنية أمر ضروري للحصول على بيئة صحية متكاملة، إذ أن العلاقات الاجتماعية لاتقدم الدعم النفسي فقط بل الدعم المادي و الأسري لعدد كبير من الناس

حماية الصحة: 

تقع مهمة حماية الصحة تحت مسؤولية حلقة متكاملة ومتعاونة من كافة الجهات التابعة للحكومة من أهمها وزارة الصحة وزارة البيئة والمياه والزراعة ، هيئة حقوق الإنسان، وزارة الشؤون البلدية والقروية …إلخ ، إذ أن كل تشمله البيئة المحيطة بالإنسان من خدمات وقوانين وجمادات وكائنات  تنعكس بطريقة مباشرة وغير مباشرة على صحته أو على أحد عناصر الصحة _هذا ماتقوم عليه الصحة العامة_ وهكذا نجد أن البيئة المحيطة تختلف باختلاف المساحة الجغرافية التي يعيش فيها الإنسان (المنطقة السكنية ) فيأتي السؤال هل أدركت الحكومات ذلك؟  لتصبح أعمالها وقراراتها في خدمة الصحة العامة لتحسين البيئة المحيطة بالإنسان؟؟ 

ولأن الحياة و الصحة لا تقومان إلا بالتعاون، فإن الحفاظ عليهما والرقي بهما عمل الأفراد كما هو عمل الحكومات، فوعي الأفراد وتفعيل دورهم في  المسؤولية الثقافة البيئية واستخدام الخدمات و المطالبة بحقوقهم التي وفرتها الحكومات لهم و المشاركة في تحسين هذه الخدمات هو أمر أساسي لضمان الحياة الصحية.كلما كان هناك شفافية وأمانة من قبل الأفراد و الحكومات في التعامل مع بعضهم، كلما انعكس ذلك على عناصرالصحة العامة بالإيجابية

 

بقلم / شذا كريم المولد 

ماجستير صحة عامة 

فريق الصحة العامة التطوعي