ذهب أحد الأصدقاء لينهي معاملة له في أحد الدوائر الحكومية بناءاً على موعد حجزه مسبقاً، و في زحمة الطريق تأخر ووصل بعد الموعد بما يقارب النصف ساعة،

فاعتذر الموظف عن خدمته لوجود مراجعين آخرين و لهم مواعيد أيضاً، فطلب من الموظف أن يتساهل معه لكنه رفض، و عاد للعمل و هو يستشيط غضباً و يذم في ذاك الموظف و بالدوائر الحكومية عموماً على عدم مراعاة الظروف، وسبحان الله هو ذاته الذي رفض أن يستقبل مريضاً تأخر عن موعده بسبب الظروف و أعطاه موعداً جديداً!!
ما أريد أن أوصله هنا أن التغيير في مستوى الخدمات و رضا المستفيدين منها ينبع من أمرين هامين، أولهما القيادة الناجحة وأنظمتها،

الأمر الثاني هو الأفراد المنفذين للعمل ومقدمي الخدمة وهذا هو محور الحديث الذي ألمحت له بالقصة السابقة، فحسب ما ينشر بالصحف و بوسائل التواصل الإجتماعي عن عدم رضا المراجعين فأغلبه ينتج عن مشاكل في التعامل و سوء خدمة مقدمة من الأشخاص،

وهناك أيضاً استياء من الأنظمة ولكن ليس بحجم التعامل و مشاكله، وعندما نعود للأسباب نكاد نراها تصرفات فردية أو تختص بمؤسسة معينة داخليا بسبب سوء إدارة البعض، ودوماً يردد المنادين بالإصلاح والمطورين بإن الإصلاح لابد أن يأتي من رأس الهرم، ولكن للأسف مع اتساع حجم مملكتنا الحبيبة، واعتماد أغلب المؤسسات على أهرام كبيرة جداً ( الوزارات الحكومية ) أصبح التغيير الذي يأتي من رأس الهرم يأخذ وقتاً طويلاً لدرجة أن رأس الهرم يتغير و لم يصل التغيير إلى منتصف الهرم، ويتغير المنهاج والتغيير الجديد مع رأس الهرم الجديد، و تتكرر هذه المعادلة باستمرار.
الطريق إلى نجاح مؤسسة ما لابد أن يبدأ بالقيادة فعلاً، ولكن لابد أن لا نهمل أهمية سرعة التغيير في الفرد، و محاولة القضاء على التناقض الفكري في المجتمع، مثل الذي ينتقد وجود المهملات في الأماكن  العامة بشكل كبير و بعد دقائق يلقي النفايات في غير الأماكن المخصصة لها، يتحدث عن تحسين التعامل مع المراجع أو المستفيد وفي ذات الوقت يهمل المراجعين لديه، لابد أن تتغير ازدواجية المعايير لدى البعض، فعندما يكون هو المراجع لا يقبل بدقيقة تأخير، وعندما يكون هو مقدم الخدمة يرى أن ساعة تأخير ليست مشكلة، فإذا ما أردنا تطوير مؤسسة ما فلابد أن لا نهمل الأفراد و نهتم بالقيادة، فالقيادة الناجحة قد تضع الحلول و الخطط ولكنها لن تنجح بدون أفراد مستعدين لتنفيذ هذه الخطط.
الانتقاد أمر صحي جداً إذا كان بناء و به استهداف للتحسين والتطوير، ولكن علينا أن لا نهمل انتقاد الذات و تطويرها،

فكل إنسان يتعلم بشكل يومي و يتحسن إذا ما راجع كل خطوة في يومه و درس الإيجابيات والسلبيات، وللأسف درج على البعض أن يردد دوما عند السؤال عن أحواله بأن يجيب ( أنا زي ما أنا ما تغيرت الحمدلله )،

نعم الحمدلله و لكن عدم التغيير للأفضل في حد ذاته يعتبر خلل يحتاج إلى معالجة، فمن لا يملك القدرة على تحسين ذاته سيصعب عليه تغيير المجتمع، نعم كما يقال:  (أصعب إدارة هي إدارة الذات) ولكنها هي أكثر الإدارات فائدة للشخص و مجتمعه، لذلك لنلتفت دوماً إلى التحسين المستمر في حياتنا و لا نقف عند درجة معينة، فتوقفنا عن التحسين والتطور هو موت أثناء الحياة.

 

 

محمد السنان 
كاتب مهتم بالتوعية المجتمعية و تطوير الخدمات الصحية
@5rbshatsinan