سلامة المرضى…كيف تساعدنا تقنية المعلومات؟-2

د.عبدالكريم الجبالي- جامعة الدمام

استعرضنا في الجزء الأول أهمية وتعريف مفهوم سلامة المرضى ونقاط خدمة تقنية المعلومات لهذا المفهوم وآليات الارتقاء به  كما الارتقاء بجودة الخدمات الصحية. و نكمل هنا الحديث  من زاوية أخرى حيث اهتمت مؤسسات الرقابة والاعتماد المهني سواء الحكومية أو العالمية بسلامة المرضى كإحدى أولوياتها وأضحى الاعتبار الأهم للتقدم في تحسين مؤشرات سلامة المرضى كشرط ومؤشر رئيسي لتحقيق الاعتماد المهني وترخيص عمل مؤسسات الرعاية الصحية. وقد توجهت الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية لأساليب وأدوات وسياسات صحية وتنظيمية لتحقيق أهداف سلامة المرضى ومن ذلك تم اللجوء إلى أدوات التقنية الحديثة من الاتصالات وتقنية المعلومات والتي تمتلك القدرة لتقديم المساعدة في زيادة مستوى سلامة المرضى جنبا إلى جنب مع رفع جودة خدمات الرعاية الصحية من خلال أدوات وتقنيات مختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر

  1. زيادة فعالية العناية الطبية من خلال:
  • زيادة الوصول Accessibility  للخدمة من خلال (Tele-health )   واستخدام أساليب التشخيص عن بعد وملاحظة المرضى عن بعد وتوفير الرعاية المنزلية للحالات المزمنة من المرضى دون الحاجة لزيارة المريض للمستشفى أو تقليل عدد تلك الزيارات.
  • تقليل الأخطاء  والعثرات الشخصية للفريق الطبي المعالج  أثناء العلاج لوجود آليات التنبيه والإلزام بخطوات وتسلسل وتتابع خطوات وعمليات الرعاية الصحية جنبا الى جنب وجود توثيق تفصيلي لكل اجراء مرتبط ببيانات القائم والمنفذ للإجراء وتوقيته.
  • زيادة الرعاية المتواصلة (Continuity Of Care) لوجود الاتصال وتبادل المعلومات مما يقلل من الوقت الضائع بين وحدات وأقسام المؤسسة الطبية
  • الإعلان والتنبيه بأشكال وآليات منوعة عن وصول حالة المريض للخطر
  • زيادة مستوى رضا المرضى عن الخدمة المقدمة له
  1. تقليل الأضرار الناتجة عن أخطاء المعالجة وذلك بالتالي:
    • تنبيه وتحذير وتذكير الكادر الصحي والمريض بمواعيد الإجراءات الطبية وكذلك أنواع وأحجام وقياسات وصلاحية وملائمة الادوية والعلاجات والمستلزمات الطبية وغيره
    • تقليل أوقات انتظار تلقي الخدمات الطبية بجدولة وإعادة جدولة والتأكيد والتذكير بالمواعيد والإجراءات العلاجية
    • السجلات الصحية الإلكترونية وما فيها من خصائص تدعم عمل الأطباء والممرضين والمساعدين
    • التسجيل الكامل لكل وقائع المعالجة وخدمات التدقيق والتصحيح والتنبيهات المختلفة للمستخدم
    • التحذيرات من تعارض و تضاد وتفاعلات الأدوية  مع بعضها البعض.
  1. التحويل والانتقال بين الأقسام والوحدات الطبية بشكل إلكتروني مع استلام وتسليم موثق لكل ذلك
  • الوصفة الإلكترونية للدواء وطلبات إجراء الفحوصات والتحاليل والتصوير الطبي
  • الفاتورة الإلكترونية للعلاج والمعاملات الإلكترونية مع شركات التأمين وكذلك التسديد والتعويض للمستحقات والاقساط وسائر المعاملات المالية
  • استخدام أجهزة وأنظمة التحكم الآلي ودعم اتخاذ القرار الطبي مثل تحديد وإعطاء جرعات الأنسولين للمرضى في العناية الحثيثة وغيرها
  1. تقليل احتمالية حدوث الآثار السلبية للعلاج
  2. تجنب إيذاء المريض  او التقليل منه عند وقوع الحوادث
  3. تعلم الكادر الصحي بشكل مستمر ومباشر من الأخطاء الطبية والآثار السلبية للعلاج
  4. محاكاة الممارسات الفضلى والحالات الدراسية للأخطاء الطبية والحلول لها أثناء التدريب والممارسة والتعليم الطبي المستمر.

ومن هنا لا بد من العمل للاستفادة القصوى من أدوات تقنية المعلومات لتطبيق هذه الحلول الناجعة أو غيرها لمواجهة مشاكل وإشكالات سلامة المرضى وجودة الرعاية الصحية وكل ذلك مرتبط عضويا بزيادة التدريب والتأهيل للعاملين في القطاع الصحي جنبا إلى جنب مع التأهيل المهني والاكاديمي المستمر للعاملين ومقدمي الخدمات الصحية. من جانب آخر فإن إدماج واستحداث مقررات دراسية إجبارية في تقنية المعلومات والصحة الإلكترونية لطلاب التخصصات الصحية في مراحل مبكرة وعلى مدى المراحل التدريسية المختلفة يؤدي بلا شك لترسيخ الممارسات  المطلوبة في وعي وعمل متخصصي الحقل الصحي كافة.

ومن ناحية أخرى فإن تقنية المعلومات بشكل عام وتقنية المعلومات الصحية وأخواتها من العلوم المترابطة معها وخصوصا علم وفن تطوير البرمجيات تواجه تحديات جمة تتمثل في الاستجابة المكافئة لما تحتاجه وتتوقعه برامج سلامة المرضى وجودة العناية الصحية من  أدوات وبرمجيات حديثة ذات  فعالية وأدوات ومزايا تحقق سلامة المرضى بل الاهداف المتوقعة من استخدامها كتقنية واداة لغرض محدد وليس لذاتها  اضافة الى التحدي المتمثل في تكامل وتوافق تلك البرمجيات مع الانظمة البرمجية الأخرى المستخدمة في المؤسسة الصحية نفسها أو على إطار أوسع.

وفي إطار ذي صلة هناك حاجة لإنشاء مرصد وطني او اقليمي لتبني وتشجيع  ودعم الحلول التقنية والصحة الإلكترونية  يعمل ضمن إطار قانوني وتشريعي على متابعة ورصد احصائي وبحثي متخصص لجميع حالات ومصادر وأسباب الاخطاء الطبية كأحد المعوقات  وكل ما يتعلق  بجودة الخدمات الصحية وسلامة المرضى  مع تعزيزه بدليل للصحة الإلكترونية من تطبيقات وأنظمة وسياسات وممارسات فضلى مع العمل على نشر النتائج التي يتم تحقيقها وتعميمها على الأطراف المعنية وإيجاد نظام تحفيز للتقدم في اعتماد واستخدام مبادئ تبني وتوظيف تقنية المعلومات الصحية وخصوصا السجلات الطبية الإلكترونية وربط كل ذلك باستراتيجية الصحة الوطنية أو الإقليمية.

ختاما يبقى التأكيد على  أن معالجة الاختلالات المتعلقة بسلامة المريض والتحذير المبكر منها يبقى في مقدمة قضايا الرعاية الصحية مع الإقرار أن المسألة لم تحظ بالعناية المكافئة أو المناسبة عمليا في بيئة عمل تواجه تحديات وضغوط عمل مختلفة ومنوعة اضافة الى وجود انطباع عام أن القطاع الصحي تأخر في الاستثمار في  استخدام وتوظيف تقنية المعلومات مقارنة بالقطاعات الأخرى مما يضفي على مهمة دمج  تقنية المعلومات وتوظيفها بعض التحديات الإضافية تتمثل في مواكبة وموائمة تطورات التقنية المتسارعة مع التخصصات الصحية المختلفة المساهمة في تقديم الرعاية الصحية مع التأكيد المستمر على الفرص الكبيرة التي توفرها تقنية المعلومات للمجال الصحي ليحقق مقدموا الخدمة الصحية المستوى المتوقع منهم في الجودة وسلامة المرضى.

ونخلص إلى أن ما يقدم من جهد ومال للحفاظ على سلامة المرضى  هو في صميم الخدمات التي تقدمها مؤسسات الرعاية الصحية وأنه استثمار في الإنسان الذي هو جوهر ومحور بناء ونهضة المجتمع والدولة.