تستحوذ المستشفيات بكل أنواعها وتخصصاتها على أهمية خاصة لدى المخططين الصحيين وكل من له صلة بالعمل الصحى انطلاقا من القناعة بان للمستشفيات مسؤولية اتجاه المجتمع تتمثل فى توفير الخدمات الصحية ليساهم المعافين صحيا فى الانتاج والتنمية الاقتصادية، لذلك تحظى المستشفيات للدور الكبير الذى تلعبه فى المجتمع بالمساندة من الدولة ووزارة الصحة وكل من له صله ، يمكن تفسير هذه المساندة بدأ من وضع الخطط و الاستراتيجيات التى من شأنها تحسين الخدمات الصحية ومتابعتها  والرقابة عليها وتجويدها بهدف خلق مجتمع صحى سليم.

تستهلك المستشفيات الجزء الاكبر من ميزانية النظام الصحى مقارنة بمستويات الرعاية الاخرى فى العديد من الدول ، ونسبة لهذا الدور الكبير والميزانية المقدره تواجه المستشفيات أشكاليات كبيرة فى تقديم الخدمات الصحية بجودة ومستوى تكاليف مقبول ، هذا الهدف جعل الامر بمثابة الآرق المستمر للمستشفيات ، لكن يرجع السبب الحقيقى لهذا الآرق ان المستشفيات لاتقوم بعملية أحتساب لتكاليف هذه الخدمات بشكل علمى صحيح ، والواقع يؤكد أن العملية تتم غالبا بطرق تقديرية عشوائية لاتراعى الزيادة فى اسعارهذه المكونات من عام الى اخر ، ولحل هذه الاشكاليات أخذت الانظمة الصحية المعنية بالتخطيط بالبحث الكثيف عن أنسب الطرق لتقدير تكاليف هذه الخدمات بشكل علمى يؤدى الى تحسين الايرادات الكلية للمستشفيات وبالتالى تنشيط الجوانب الاخرى التى ترتبط باداء العاملين والكوادر الصحية والتى بلا شك يتأثر أداءها سلبا أوايجابا فى حالة زيادة او نقصان الايرادات الكلية للمستشفيات.

بما ان الدولة فى الغالب هى الممول الرئيسى للخدمات التى تقدمها المستشفيات (الحكومية ) لذا كان من الضرورى التأكد من أن تكاليف هذه الخدمات مشمولة لكل العناصر المكونة لها سوا كانت تكاليف مباشرة أو غير مباشرة ، ولا يتم هذا الامر على مستوى الخدمات الصحية ككل بل على مستوى الخدمة الواحدة ، كمثال لذلك لتقريب الفهم يجب على المخططين المعنيين عند حساب تكاليف الفحوصات المعملية مثلا ان يحسبوا تكاليف كل فحص على حدى مع مراعاة تضمين التكاليف المباشرة والغير مباشرة ، كما يمتد هذا الشرح ليشمل كل العمليات والخدمات التشخصية وكل الخدمات التى تقدمها المستشفيات ولها تكاليف .

هنالك قصور فى المعرفة المتعلقة باحتساب تكاليف الخدمات الصحية المقدمة بواسطة المستشفيات وقد يعزى ذلك للعديد من العوامل التى ساهمت بطريقة او اخرى فى اشكاليات عميقة تعانى منها المستشفيات الى يومنا هذا. فى رأينا ان القطاع الصحى الحكومى لم تتوفر لديه الارادة الحقيقية فى معرفة هذه التكاليف بصورة مبنية على منهجية علمية على عكس مستشفيات القطاع الصحى الخاص والتى تهتم بصورة كبيرة بمعرفة تكاليف الخدمات التى تقدمها بمبررات معرفة الربح والخسارة . كما يمكن ارجاع هذا القصور لقلة الكوادر المدربة فى هذا المجال .

تزداد الحاجة يوم بعد يوم لتعظيم معرفة كل العاملين بالقطاع الصحى بتكاليف المستشفيات بعد أن أضحت من المواضيع التى تتفق حولها الانظمة الصحية والتى تتجه نحو الاستخدام الامثل للموارد الصحية المتاحة بكفاءة، لذلك صار امتلاك هذه المعرفة ضرورة ملحة لكل العاملين فى القطاع الصحى .