قد يكون تساؤلي غريباً، خاصةً و أن قطاعنا الصحي السعودي مازال يخوض غمار مرحلة التحول الرقمي، و لكن و كما أكرر دائماً: (التقنية هي أداة تمكين و ليست هدف)، و بالتالي لعل السؤال المنطقي هو:

 ما الهدف من التحول الرقمي للقطاع؟

لا شك أنه بعد تمام مرحلة التحول الرقمي ستتوفر كمية بيانات صحية مهولة، و لابد من الإعداد للإستفادة منها، فالحجم المتوقع لما ستنتجه مختلف الأنظمة الصحية من بيانات ضخمة (حول العالم) بحلول عام 2020 هو 50 بيتا بايت و من أهم تلك الأنظمة هي أنظمة السجل الصحي الالكتروني.

عوداً على سؤالي السابق ..

أرى أن تحليل و إستغلال تلك البيانات في تطوير أوجه و خدمات الرعاية الصحية يُعد هو أهم خطوة لتحقيق أهداف التحول الرقمي للقطاع.

هناك في قطاعنا الصحي السعودي منشآت لها قدم السبق و الريادة في تبني التقنيات الصحية بعضها قد تجاوز العشر سنوات و ملايين السجلات الصحية، و التي أنتجت كمية بيانات لا يستهان بها، و لكن – بحسب علمي القاصر – لم نجد إستفادة حقيقية من تلك البيانات سواءً في تحسين الخدمات المقدمة أو تطوير طرق العلاج أو حتى تحسين أنماط معيشية معينة لصحة فرد و مجتمع أفضل.

إن توفر هذا الكم المهول من البيانات للباحثين و المهتمين بالمجال الصحي لإستغلالها في تطوير الخدمات و طرق العلاج و كذلك لصحة مجتمع أفضل في نظري هذا هو الهدف الأسمى، و عليه فإن تأهيل جيل من المتخصصين في علم البيانات الصحية و تحليلها و متخصصي المعلوماتية الصحية لا يقل أهمية عن مشروع التحول الرقمي للقطاع الصحي. بل أقول: أن الإستثمار بالطاقات البشرية المؤهلة هو أحد أعمدة التحول. و كذلك العمل على صياغة اللوائح و الأنظمة التي تحكم عمليات البحث و التحليل و نشر و مشاركة البيانات هو من الأهمية بمكان.

مشروع الحوكمة و صياغة اللوائح و التنظيمات هو أساس لضمان توفير البيئة الآمنة لتمكين العاملين على معالجة و تحليل و إستغلال البيانات الصحية، و بوجود حوكمة البيانات الصحية سيسهل عملية إتخاذ القرارات بالإعتماد على بيانات دقيقة و صحيحة بشكل ميسر و سهولة الوصول إليها بطرق آمنة.

لعل المستقبل مُبشراً و خاصة بوجود المركز الوطني للمعلومات الصحية و الذي يُعول عليه الكثير في هذا المجال.

 

 

دمتم بخير

أ/ثامر بن صالح البلاع

متخصص في تقنيات الرعاية الصحية و إدارة تطوير الأعمال للشركات
‎@alballaa76