يقدّم 1350 نوعاً مخبرياً من الاختبارات.. «المختبر الإقليمي» الأول في الشرق الأوسط
الجودة الصحية (متابعات) أحلام الصبحي
يعمل المختبر الإقليمي وبنك الدم في مدينة الملك سعود الطبية بالرياض بأيادٍ سعودية، وكوادر وطنية مؤهلة تأهيلاً عالياً، وأجهزة حديثة، محققاً أرقاماً قياسية، وحائزاً أعلى الشهادات العالمية، أوصلته إلى أن يتجاوز كثيراً من أقرانه، ليحتل المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط.
ويُعد المختبر في العرف الزمني قديماً نوعاً ما، كونه أنشئ قبل 54 عاماً، لكنه في الواقع مبنى متطور، يضاهي المختبرات العالمية، إذ استطاع المسؤولون عنه، خلال الأعوام القليلة الماضية، إحداث طفرة هائلة، سواء في المبنى نفسه أو الكفاءات والقدرات التي يتميز بها العاملون فيه، أو من ناحية دقة نتائج الاختبار والتحاليل التي تعمل بين أروقته، أو عدد التحاليل التي يجريها سنوياً.
ويقول مدير المختبر الإقليمي وبنك الدم في الرياض استشاري أمراض الدم وبنوك الدم الدكتور كامل الدوسري: «خطا المختبر الإقليمي خطوات متسارعة في سبيل الوصول إلى المستوى الذي يعمل به حالياً، ويقدم المختبر خدماته على ثلاثة مستويات؛ مستوى المستشفيات، ويخدم مراجعي مدينة الملك سعود الطبية، والمستشفيات داخل مدينة الرياض، والمراكز الصحية، ثم مستوى المختبرات، إذ يخدم على مستوى البرامج الوطنية، خمسة مختبرات إقليمية داخل المملكة بشكل مباشر، وجميع المنظومة المخبرية في وزارة الصحة على مستوى الاختبارات التشخيصية الدقيقة، وأخيراً مستوى القطاعات الحكومية الأخرى، التي تحتاج إلى خدمات صحية مخبرية، مثل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وزارة التعليم، وزارة الداخلية، وغيرها من القطاعات، إضافة إلى القطاع الخاص».
ووفق تقرير بثته وكالة الأنباء السعودية اليوم (الجمعة)، فقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى وهي مرحلة التأسيس، والمختبر الآن في المرحلة الثانية، وهي المرحلة الاحترافية، إذ قُسّم المختبر إلى قسمين رئيسين: قسم للاختبارات الروتينية اليومية، وقسم الاختبارات التشخيصية التي لا تتوافر في كثير من المستشفيات؛ لكون الاختبارات التشخيصية تحتاج إلى نوع معيّن من الكوادر والأجهزة، وهذا ما يعمل عليه المختبر بالتنسيق مع مكتب تحقيق الرؤية في وزارة الصحة، وبالتعاون مع عدد من المتخصصين في عدد من القطاعات المختلفة، لتوطين الاختبارات وعمل مختبرات متخصصة.
ويقدم المختبر 1350 نوعاً مخبرياً من الاختبارات، وهو رقم متقدم، فأكبر مختبرات العالم تعمل ما بين 2000 – 2500 اختبار، ويبلغ إحصاء المختبر 33 ألف اختبار يومياً، وقدرة عمله تتجاوز 50 ألف اختبار في اليوم، ويتجاوز المعدل السنوي 13 مليون اختبار، ويعمل المختبر على خطين متوازيين، خط العمل الأساس، وخط الدعم الاحتياط، إذ يوجد لكل جهاز تشخيصي من أجهزة الاختبارات والتحاليل، جهاز بديل يؤدي العمل نفسه، وبالكفاءة ذاتها.
ويتميز المختبر بوجود الاختبارات التشخيصية الدقيقة، مثل الأمراض الوراثية، والوبائية، وبعض الأمراض التي تحتاج إلى أخذ خزعات، وعينات من المرضى، وهذه الخدمات المقدمة من المختبر مجانية للمواطنين، والمقيمين الذين لديهم تأمين طبي، إضافة إلى التعاون مع الدول الأخرى التي جرى توقيع اتفاقيات معها بهذا الخصوص.
وتتم معرفة دقة التحاليل والاختبارات وجودتها عن طريق مؤشرات الأداء المعتمدة عالمياً، التي تستطيع قياس جودة الاختبارات بدقة، لكون بعض الاختبارات لا يسمح فيها بالخطأ إطلاقاً، مثل اختبارات بنك الدم، اختبارات صورة الدم التي تعتمد عليها وظائف الكلى، ومستوى السموم في الجسم، وغيرها، وبعض الاختبارات يكون هامش الخطأ مقبولاً فيها نسبياً، لا تتجاوز 2 أو 3 في المئة، ولو حصل تجاوز في مؤشرات الأداء تكون هناك عملية تصحيح فورية.
وتعتمد معرفة الوقت المستغرق لخروج نتائج الاختبارات على المستويات الأربعة للتحاليل، وهي مستوى الاختبارات الطارئة أو الفورية وهي لا تتجاوز الساعة الواحدة، وهي خاصة بالمرضى في العناية المركزة أو الطوارئ أو قبل الدخول إلى غرفة الجراحة، فهؤلاء المرضى يكونون في أمسّ الحاجة إلى ظهور نتائج الاختبارات بسرعة وبدقة.
ومستوى الاختبارات الروتينية، وهذه تستغرق بين 4 ساعات و24 ساعة، ومستوى الاختبارات التشخيصية، وهذه تمر بعدة مراحل من التحاليل، وتراوح بين ثلاثة أيام إلى أسبوع، ومستوى الاختبارات الدقيقة جداً، وهذه تستغرق من أسبوع إلى شهر، وسبب التأخير الحاجة إلى جمع عدة عينات للعمل عليها.
وبخصوص التدريب العملي، وتطوير قدرات منسوبي المختبر البالغ عددهم 390 موظفاً وموظفة، ما بين اختصاصيين وفنيين واستشاريين وإداريين، وضع المسؤولون عن المختبر خطة تدريبية اشتملت على سبعة برامج تدريبية، ثلاثة برامج للأطباء الاستشاريين، وأربعة برامج للماجستير والدكتوراه، إضافة إلى مركز معتمد لتدريب طلبة وطالبات سنة الامتياز للعلوم الطبية والمخبرية، كما يقدم المختبر التدريب لـ15 جامعة حكومية وخاصة في الرياض وخارجها، وهناك تعاون بين المختبر وكثير من المراكز التدريبية والبحثية، وتم نشر عدد من الأبحاث العلمية المقدمة من منسوبي المختبر الإقليمي في مجلات علمية.
وبشأن بيئة العمل، فقد أوجد المسؤولون عن المختبر بيئة تحاكي الطبيعة الحية، فالأسقف مزدانة بصور الغيوم، ونخيل الأشجار، إضافة إلى اللوحات الفنية المعلقة على جدره، ما يضفي على المكان لمسات جمالية لا تمل مشاهدتها، تلقي بظلالها على نفوس العاملين، موجدة طاقة تحفيزية تجعل منسوبي المختبر يؤدون عملهم على أكمل وجه.
واستطاع المختبر نيل شهادات عالمية، وهي شهادة CAP من الجمعية الأميركية لعلم الأمراض، وشهادة اعتماد المنشآت الصحية السعودي، إضافة إلى شهادة الجودة (الآيزو)، وهذه الشهادات العالمية عادة ما تضيف إلى المنشأة الطبية، حيث تقدم التدريب للعاملين، وتطور طريقة العمل، ما ينعكس بدوره على الخدمات المقدمة للمراجعين.
وتطور عمل أخذ التحاليل والعينات في المراكز الصحية، فكان في السابق يحدد يوماً ما في الأسبوع لعمل التحاليل، وأخذ العينات، وكانت تستغرق قرابة أسبوع، وتقدم ورقياً، إضافة إلى أن نسبة رفض العينة تصل إلى 40 في المئة، بسبب وجود خلل في النقل، أو درجة الحرارة، أما الآن فالتحاليل متاحة يومياً في المراكز الصحية، وتقوم على إيصالها شركة متخصصة في النقل، ونسبة رفض العينات الآن لا تتجاوز 5 في المئة، إضافة إلى وصول النتائج إلكترونياً إلى المركز الصحي.
وبهدف خدمة أكبر شريحة ممكنة بدقة وسرعة عالية، تم إنشاء ثلاثة مختبرات مرجعية في كل من مستشفى الملك خالد ومركز الأمير سلطان الطبي في الخرج، ومستشفى الملك خالد في المجمعة، ومستشفى الدوادمي العام، لكي تخدم المراكز الصحية القريبة منها، وتؤدي كثيراً من الأدوار التي يضطلع بها المختبر الإقليمي في الرياض، متبعة الآلية ذاتها.
ويعد المختبر مرجعياً – إضافة إلى منطقة الرياض-، لأربع مناطق هي: نجران والجوف والقصيم وحائل، والاختبارات التي تُجرى في تلك المناطق تُرسل إلى المختبر الإقليمي في الرياض، الذي يعد كذلك مرجعياً لأكثر المختبرات الإقليمية في المملكة.
ويعكف المسؤولون في وزارة الصحة على إنشاء مختبر آخر يواكب التطور العمراني، والكثافة السكانية للمملكة، ويخدم أكبر شريحة ممكنة من المجتمع، إذ ستوسع وتنقل بعض أقسام المختبر الإقليمي في مدينة الملك سعود الطبية إلى المختبر الجديد الكائن في شمال الرياض، وتحديداً في طريق الملك سلمان، والذي أنجز منه 75 في المئة.