الجودة الصحية (متابعات) أحلام الصبحي

حققت وزارة الصحة بجهود منتسبيها إنجــازات كبيــرة ونوعية فقــد تجاوز متوســط الأعمار في المملكة المعدل العالمي 70 عاما ليصل إلى 74 عاما كما انخفضت معـدلات وفيـات الرضـع بنسـبة 96 % وارتفعـت معدلات التطعيـم 137 % خـلال 35 عاما، وفي المقابل تواجه الوزارة سـتة تحديات رئيسـة هي، عدم القدرة على توفير الخدمات الصحية في الوقت والمكان المناسبين، ارتفـاع معدلات الأمراض المزمنـة واسـتمرار خطورة تفشـي الأوبئة والأمراض المعدية، وتنامــي المخاطــر فــي المنشــآت الصحيــة بســبب تفــاوت معاييــر الجــودة الطبيــة ومعاييــر سلامة المرافق، إضافة إلى الاعتماد المتزايـد علـى الكوادر الأجنبية في ظـل تزايد المواطنيـن الباحثين عن العمل، والازدياد المتسـارع فـي تكلفـة الرعاية الصحيـة في وقت تواجه فيـه المملكة تحديـات اقتصادية متنامية، وعـدم وجـود نظـام متكامـل لتكنولوجيـا المعلومات لخدمات الرعاية الصحية.

وتزدحـم الأسرة فـي التنويـم ويخسـر المرضـى فرصتهــم بالحصــول علــى الخدمــة الضروريــة المطلوبــة فــي الوقــت والمكان المناسبين، وأرجع التقرير السنوي لوزارة الصحة للعام المالي 39ـ1440 ذلك إلى بقـاء كثيـر مـن المرضى فـي المستشـفيات لمـدة أكثـر مـن الحاجـة الصحيـة التـي تسـتدعي بقاءهـم حيث تنتهي رحلــة المريــض المنوم فــي المستشــفيات بخروجــه لعـدة اتجاهـات لاستكمال علاجـه خارجهـا ومنهـا التأهيـل الطبـي، والرعايـة المديدة والتمريضية والتلطيفيــة، والرعايــة الصحيــة المنزليــة ودور الإيواء، للمرضــى النفسيين الذيــن ليــس لديهــم مأوى كمــا تزدحــم الطــوارئ وأســرة العنايــة المركــزة فــي منشــآت وزارة الصحــة لعــدم كفايتهــا ولعــدم تفعيــل دور مراكــز الرعايــة الأولية بالشــكل المطلــوب والتوعيــة بالدور المنــاط بهــا مــن الخدمــات الصحيــة التــي تقدمهــا علــى مســتوى الســكان.

الصحة تبادر لتخطيط القوى العاملة وإصلاح خدمات الرعاية الأولية والمستشفيات والمراكز وتواجــه المملكــة حسبما بين تقرير وزارة الصحة تحديــاً فــي توفــر الكــوادر الصحيــة المؤهلــة لتشــغيل الخدمــات خصوصـاً الطــوارئ والعنايــة المركــزة ونقــص توفــر بعــض الخدمــات كالصحــة النفســية الأولية والتغذيــة، وتتلخص الأولويات الاستراتيجية في تســهيل الوصـول إلــى خدمــات الرعايــة الصحيــة فــي الوقــت والمــكان المناســبين، وذلــك مــن خــلال عــدة عناصــر، وهــي التوزيــع الجغرافــي المناســب ـ المســافة مــن أحــد مقدمــي الرعايــة الصحيــةـ، والوصـول فـي الوقـت المناسـب إلـى الخدمـات ذات الصلـة والتوسـع فـي الطاقـة

الاستيعابية الإجمالية وهي أســرة المستشــفيات والطواقــم الطبيــة، وزيــادة أســرة العنايــة المركــزة والطــوارئ، كذلك زيــادة أســرة التنويــم فــي التأهيــل الطبــي، والرعايــة المديــدة وزيــادة المســتفيدين فــي الرعايــة الصحيــة المنزليــة وتوزيــع القــوى العاملــة بشــكل أفضــل وتحســين أداء مراكــز الرعايــة الصحيــة الأولية والقــدرة علــى تحمــل تكاليــف الرعايــة الصحيــة للأفراد.

العدوى وراء 11 % من الوفيات في المستشـفيات و30 % من إصابات «الكورونا» لممارسـين ووضعت وزارة الصحة الأهداف الاستراتيجية للرؤية ومبادرات التحول الوطني ولتحقيق الهدف الاستراتيجي الخاص بتسهيل الوصول للخدمات الصحية، تعمل الوزارة عبر أربع ركائز أساسية تمثلت في زيادة التغطية الجغرافية وتوزيع الخدمات الطبية، وخدمات صحية في متناول الجميع، والارتقاء بالبنية التحتية والقدرة الاستيعابية للصحة، وتسهيل الحصول على الاستشارة مع التخصص الطبي المطلوب، إضافة إلى تسهيل الحصول على الرعاية الطبية الطارئة، ومن أهم المبادرات في هذا الهدف تخطيط القوي العاملة وإصلاح وإعادة هيكلة خدمات الرعاية الصحية الأولية وتحسين أداء مراكز الرعاية الصحية الأولية، وتحسين أداء المستشفيات والمراكز الطبية والمراكز الطبية المتخصصة وتطوير أقسام العناية المركزة والطوارئ، والمركز السعودي للمواعيد والإحالات الطبية والتوسع في خدمات الرعاية الصحية الممتدة “التأهيل الطبي والرعاية المديدة والرعاية الصحية المنزلية ومراكز إيواء للمرضى النفسيين”، إضافة إلى تهيئة المراكز لتقديم الرعاية النفسية الأولية واستراتيجية المشاركة المجتمعية للترغيب ببعض المهن الصحية.

واعتبرت وزارة الصحة من التحديات البارزة الاعتماد المتزايد على الكوادر الأجنبية في ظل تزايد المواطنين الباحثين عن العمل، وشرحت أن هنالك قلـة فـي الكفـاءات المناسـبة لسـد احتياجـات سـوق العمـل الصحـي خاصـة فيمـا يتعلق بتقديـم الخدمات الطبيـة والصحية والخدمـات الصحية المسـاندة بمـا يتسـق مـع التطـور الملحـوظ فـي النظـام الصحـي والممارسـات الصحيــة والتقنيــة، مــع كــون نســبة كبيــرة مــن المواطنيــن فــي أعمــار مناســبة للتأهيـل، علاوة علـى التفـاوت الكبيـر في مخرجـات البرامـج الأكاديمية والتدريبية القائمــة، مــع الاطراد فــي التركيــز علــى تخريــج الأطباء وقلــة البرامــج الموجهــة لتنويــع المخرجــات فــي المجالات الصحيــة الأخرى، وقلــة البرامــج العليــا لتدريــب الممارسـين الطبييـن فـي التخصصـات ذات الاحتياج والجـدوى العاليـة كتخصـص طــب الأسرة والممارســة الإكلينيكية التمريضيــة والصحــة العامــة والمجتمــع، علاوة علـى الاعتماد علـى التعاقـد مـع الأجانب لسـد الاحتياجات.

وتتلخص الأولويات الاستراتيجية في دراســة احتياجــات ســوق العمــل مــن المهــارات الصحيــة والطبيــة لتقديــم برامــج تدريبيـة وأكاديميـة تقـوم علـى تأهيـل الكفاءات الوطنيـة ذات جـودة عالية محليا، والعمـل علـي توسـيع التدريـب والتطويـر المحلييـن والدولييـن مـن خلال افتتـاح وإعـادة التأهيـل والتطويـر للمراكـز تدريبيـة للممارسـين الطبييـن، وكذلـك تطويـر المناهـج الدراسـية الأكاديمية والتدريبيـة الطبيـة والصحيـة لضمـان الجــودة والمخرجــات والكفايــات بمــا يتســق مــع الاحتياجات والاهتمام بزيــادة جاذبيــة التخصصــات الطبيــة والصحيــة ذات الأثر والاحتياج العالــي والملــح.

70 % مـن المستشفيات لم تمنح التراخيـص والاعتمادات بسبب معايير السلامة والجودة

وفي التحدي الخامس الخاص بالانخفاض في كفاءة النظام الصحي والازدياد المتسارع في تكلفة الرعاية الصحية في وقت تواجه فيه المملكة تحديات اقتصادية متنامية، لخصت الوزارة الأولويات الاستراتيجية في عمــل تحــول فــي النظــام الصحــي الســعودي لضمــان الكفــاءة والفعاليــة والاستدامة الماليــة، ومن أهم المبادرات لتحقيق هذا الهدف والتي جاءت عبر الركيزة الأساسية في تحسين الاستدامة والشفافية المالية، نموذج الرعاية الصحية الحديث، وبرنامج الضمان الصحي وشراء الخدمات الصحية، والتحول المؤسسي لمرافق الرعاية الصحية، والمركز الوطني للمعلومات الصحية، إضافة إلى حوكمة القطاع الصحي وعطاء تدقيق طلبات القطاع الخاص والمشاركة المجتمعية.

ومن التحديات تنامي المخاطر في المنشآت الصحية بسبب تفاوت معايير الجودة الطبية ومعايير سلامة المرافق ســواء المتعلقــة بســلامة المســتفيدين أو مقدمــي الخدمــات وبيئــة العمـل، حيـث أوضحـت الدراسـات والتقاريـر أن أكثر من 11 % من الوفيات في المستشـفيات يعــزى للعــدوى المكتســبة مــن المستشــفيات، وأن نســبة الإصابات المرتبطــة بالرعايــة الصحيــة تصــل إلــى نحو 5 % علاوة أن 70 % مــن مستشــفيات المملكــة لــم تمنــح التراخيــص والاعتمادات بســبب عــدم اســتيفاء معاييــر الســامة الأساسية والجــودة، أمـا عـن سـلامة الممارسـين فقـد شـكلت نسـبة الممارسـين الصحييـن 30 % مـن حالات الإصابة المؤكــدة بفيــروس كورونــا، و 6 % من حــالات الوفيــات المتعلقــة بنفــس المــرض، علاوة علــى ارتفــاع التكاليــف المتعلقــة بإصابــة الممارســين بالأمراض المعديــة الناتجــة عــن وخــز الإبر.

وتتلخص الأولويات الاستراتيجية لمواجهة هذا التحدي في تطبيـق أنظمـة ومبـادئ إدارة الجـودة وسـلامة المرضـى اسـتنادا إلـى آليـات أثبتـت فعاليتهـا عالميـا بالإضافة إلـى نشـر ثقافة الجـودة داخل مؤسسـات الرعاية الصحية، وإشــراك جميــع قطاعــات الرعايــة الصحيــة فــي تنميــة هــذه الثقافــة واحتضانهــا وتطويـر الكفـاءات المطلوبـة لهـا كمـا سـتقوم بتعزيـز برنامـج الاعتماد الوطنـي لكي يكون قابلاً للمقارنـة بهيئـات الاعتماد الدوليـة المماثلـة.

إلى ذلك، أظهر تقرير سنوي أخير لوزارة الصحة عن وجود أكثر من ثمانية آلاف وظيفة شاغرة منها سبعة الآف و864 صحية ونحو 33 ألف أخرى محجوزة من إجمالي الوظائف المعتمدة في ميزانية الوزارة للعام المالي 39ـ1440 والتي تجاوزت 219 ألفا، كما كشف التقرير الذي حصلت عليه”الرياض” عن وجود 67 ألفا و677 أجنبيا في الوظائف الصحية من إجمالي 208 آلاف و645 وظيفة صحية، ولا يشمل هذا العدد العاملين في المدن الطبية، وحققت الوزارة بذلك نسبة سعودة 68 %، وفيما يخص نسبة سعودة الوظائف الصحية بوزارة الصحة على الخدمة المدنية والتشغيل الذاتي، فقد بين التقرير أنها لم تتجاوز 32 % في فئة الأطباء حيث يعمل أكثر من 27 ألف طبيب غير سعودي مقابل 12 ألفا و755 سعوديا، وفي التمريض يعمل 57 ألفا و815 سعوديا و36 ألفا و439 غير سعودي بنسبة سعودة 61 %، ويعمل في الوظائف المعتمدة على الباب الأول من ميزانية العام المالي 39ـ1440 أكثر من 178 ألفا و700 تجاوز عدد الذكور فيها 108 آلاف، أما الإناث فيشغلن 70 ألفا و551 وظيفة.