بعد زيارتك الطبيب لأي عارض صحي وحصولك على الاستشارة الطبية والعلاج اللازم لا تجعل من قوقل طبيبك القادم !

فعلى الرغم مما تقدمه لنا التقنية الحديثة من فوائد ومنافع تلبي احتياجاتنا اليومية وتسهل من عملية حصولنا على المعلومة الا أننا احيانا قد نسيء استخدامها ونحن لا نعلم ..!

إليك هذا السيناريو الذي حدث مع أحمد (33 عام) و الذي أعتقد بأنك قد عايشته أنت أو أحد المقربين منك .. 

شُخص أحمد بأحد أمراض الدم وربما أكثرها شيوعاً (نقص نسبة الحديد بالدم) من قبل أحد الأطباء المختصين و قدم له طبيبه الخطة العلاجية والدواء اللازم بعد الفحوصات والتشخيص حسب حالته المرضية ، أحمد لم يتوقف هنا بل ذهب لاستشارة (قوقل) والذي اعتاد أن يسأله عن مطعماً مميزاً بالمدينة أو فندقاً مناسبا أثناء سفره ، لكن سؤاله هذه المره كان عن فقر الدم أو نقص نسبة الحديد في الدم كما سمع من الطبيب ، خاض أحمد وجال بين المواقع والصور وتجارب الآخرين وبدأت عليه علامات التوتر والخوف مما شاهد ، الأمر يدعو للقلق حقاً ، فضل أن يكمل بحثه فشاهد ماهو أسوأ مما كان يتوقع أو ما نقل له الطبيب المعالج ، ساءت نفسية أحمد فامتنع عن استخدام الدواء الذي بحث عنه أيضاً فوجد آثاره الجانبية التي لا تقل خطورة عن المرض ذاته . لسوء الحظ أن أحمد لم يشرك طبيبه في الأمر وينقل له خوفه وقلقه حيال ما شاهد بل استمر في السؤال هنا وهناك حتى وجد ضالته عندما التقى بأحد أصدقاءه والذي عايش هذا المرض مع اخته الصغرى ونقل له التجربة كاملة مطمئناً أحمد بأن الأمر لا يتعدى ما ذكره له الطبيب في العيادة وأن الشفاء بإذن الله بالالتزام بما ذكره الطبيب لا أكثر وهو ما كان له الوقع الأكبر في نفس أحمد ليعود الى الطريق السليم والصحيح و الحمد لله . هذه ليست قصة أحمد فقط بل هي قصة الكثيرين والذين كانوا يعتقدون بأن قراءتهم ستزيد من وعيهم تجاه الحل المناسب لمعالجة الأعراض و الامراض التي يتعرضون لها .

ان اللجوء الى قوقل للبحث عن الأمراض أو الأعراض التي قد تشعر بها ليس الا زيادة الأمر سوءا وتعقيدا ً .. فعندما يبحث أحدهم سيكون بحثه بشكل عام و ستظهر له النتائج كل ما يتعلق بذلك دون مراعاة ظروفه الأخرى أو مراحل المرض أو حتى قد تتشابه الأعراض أو الأمراض فيعتقد حينها من يبحث أنه المعني بالأمر !

 ان مررت يوماً بحالة أحمد أو أحد المقربين لك لا تقلق ولن أدعوك لعدم البحث اطلاقاً ولكن احرص دائما ً بأن لا تجعل نفسك المقصود بكل تلك المعلومات فظروفك تختلف و طبيبك سيكون الأجدر بتقدير وضعك الصحي والتعامل معه لامتلاكه للأدوات التي لا يعرفها عنك قوقل لأنه ليس طبيباً !  .

أما ان كنت طبيباً فيجب عليك توضيح التشخيص بشكل كامل للمريض و شرح كل التفاصيل اللازمة والاجابة على جميع تساؤلات المريض مع تحذيره من القراءة المفرطة التي لا تزيد الأمر الا سوءا وتذكر بأنه مع تطور الحياة التقنية والخيارات المتاحة أصبح لزاما علينا كممارسين صحيين مجاراة ما  ينشر في الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ونحذر مرضانا من مغبة تصديق كل ما يقرأه أو يشاهده فالمريض اليوم ليس هو قبل 10 سنوات أو أكثر  ، وكما أننا نهتم بالصحة الجسدية فالأمر لا يقل أهمية عن الصحة النفسية والتي يعلم الجميع أثرها وأهميتها  بالنسبة للمريض و عائلته .