2012/09/07

 

كتبت قبل عام مستهجنا طريقة تعامل الإعلام مع قضايا الأخطاء الطبية ، واللبس الواضح في كثير من الحالات التي تنشر في الصحافة بين مفهوم “الأخطاء الطبية” و “المضاعفات الطبية” ، وتأثير ذلك السلبي على ثقة المجتمع في المهنة الطبية ، وعلى علاقة المريض بالطبيب ، وعلى الحركة الطبية في المملكة بشكل عام. للأسف ما يقوم به الإعلام بسرد القصص الغير موثقة والغير محققة علميا يضر المجتمع أكثر من خدمته.

لن أكرر ما كتبته قبل عام  متسائلا “هل يخطئ الأطباء؟”، ولكن المتابع للصحافة المحلية خلال العام الماضي يلحظ تدهور العلاقة بين الإعلام والطب ، ويسمع عن مقتل طبيب على يد مريض ، وضرب طبيب بالحذاء وتحطيم عيادته ، وقبل أيام أطل علينا الأستاذ تركي الدخيل بمقاله “مستشفيات .. أم مسالخ؟” ولحقه الأستاذ صالح الطريقي بمقاله “مستشفيات ومسالخ” ، فأي لغة تخاطب يتعاملون بها؟ ومن سيحفظ سمعة الطب في السعودية؟

لاينكر أحد وجود الأخطاء الطبية في أي مستشفى في العالم ، فأكبر صدمة وجهت للمجتمع الطبي العالمي تقرير “كل ابن آدم خطاء” والذي نشره معهد الطب الأمريكي عام 2000م في حوالي 300 صفحة وبطرق علمية ومنهجية وقدّر أن عدد الوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الأخطاء الطبية قد يصل إلى 98 ألف نسمة سنويا!

   حل مشكلة “الأخطاء الطبية” لن يتم عبر صفحات الجرائد ، فلن يتعدى الأمر غير تبادل أصابع الاتهام بين جهة وأخرى والذي سيزيد من تأجيج الأزمة وتوسيع الفجوة وهز ثقة المجتمع في الطب. ولكن حلها يكون عبر انشاء “الهيئة العامة لسلامة المرضى” بحيث تكون هيئة مستقلة ذات شخصية اعتبارية وترتبط مباشرة بمجلس الوزراء مثل“الهيئة العامة للغذاء والدواء” ، وأن يقوم بإدارتها إدارة تنفيذية -مستقلة عن أي قطاع صحي ضمانا للحيادية- من المتخصصين في “سلامة المرضى و الجودة النوعية في الرعاية الصحية، مثل العديد من هيئات سلامة المرضى في الولايات المتحدةوكندا وبريطانيا واستراليا.

ومن ضمن المهام المقترحة لهيئة سلامة المرضى:

تعزيز وتثقيف الأطباء والمجتمع بسلامة المريض عن طريق بناء القيادات الصحية المتخصصة في هذا المجال واجراء الابحاث وتفعيل البروتوكولات التي تضمن سلامة المريض ودعمها دعما ماليا

 تحديد الأخطاء الطبية والتعلم منها عن طريق انشاء نظام وطني عام للإبلاغ عن الأخطاء الطبية وتشجيع المنظمات الصحية وممارسي المهنة في المشاركة في التبليغ الطوعي عن أخطاءهم الطبية

رفع مستويات الأداء والتوقعات لتحسين مجال سلامة المريض من خلال عمل المنظمات الرقابية والجمعيات المهنية

تنفيذ نظم السلامة في مؤسسات الرعاية الصحية

تعزيز مفهوم فرق العمل بين مختلف تخصصات مقدمي الخدمة في تقديم الخدمة الصحية واجراء البرامج التدريبية للممارسين الصحيين لتعزيز مفاهيم فرق العمل وأساسيات التخاطب باستخدام أحدث أساليب التعليم الطبي مثلالمحاكاة

فنأمل من مجلس الشورى أن يتبنى هذا المقترح ويحمي سمعة الطب في السعودية، وإلى أن يتم إنشاء “الهيئة العامة لسلامة المرضى” أتمنى من الإخوة الإعلاميين قراءة كتابكل ابن آدم خطاء

 

 

 د.سهيل باجمّال 

Assistant Professor of Orthopedics,