جودة الحياة هي ثقافة التعامل مع الذات.. وهي ثقافة الموازنة بين الجسم والنفس. 

وشمولية هذا المصطلح وتعدد جوانبه تتضح في التعريف التالي: ” قدرة الفرد على تحقيق التوازن بين احتياجاته ورغباته وبين استمتاعه بحياته ووجوده الايجابي فيها ” 

الاهتمام بجودة الحياة يشمل الاقرار بأن التنمية ليست فقط تنمية اقتصادية، وانما هي تنمية اجتماعية وتنمية ذاتية للأفراد وتنمية للبيئة التي تحيط بهم. 

 

 

الصحة والتواجد الجيد 

من مؤشرات جودة الحياة المتعارف عليها لدى الكثير هو مدى توافر الرعاية الصحية والوقائية في المجتمع للحد من الأمراض والأوبئة، فجودة الحياة ليس مجرد غياب المرض وإنما كيفية استمتاع الانسان بحياته طالما أنه مازال على قيد الحياة سواء في وجود المرض أو في غيابه. 

لكن في الوقت ذاته لكي يستمر المجتمع في الارتقاء بجودة حياة أفراده لابد وأن يكون هناك اهتمام خاص بالمرض – خاصة الأمراض المزمنة – وبالرعاية الصحية المقدمة له. 

 

أساليب الحصول على الرعاية الصحية: 

– التأمين الصحي 

– تشجيع الأفراد على اتباع نمط حياة صحي 

– الاهتمام بالفرد قبل مجيئه للحياة بتقديم الرعاية المبكرة للأم قبل وأثناء الحمل 

– الاهتمام بالصحة العقلية للفرد (معدلات الانتحار والأمراض النفسية) 

 

كيف يمكن تحقيق مؤشر جودة الحياة الصحية؟ 

اولاً: التثقيف الصحي عن طريق استخدام قنوات متعددة مثل: 

✔ وسائل الاعلام (التلفزيون، الوحدات الاعلامية المتنقلة، والبرامج الاذاعية) 

✔ البرامج والمواد التدريبية في مجال الصحة الوقائية 

✔ القضاء على الأمية وزيادة وعي الأفراد بالصحة 

✔ استخدام الانترنت للحصول على المعلومات الصحية 

 

ثانياً: مواكبة التغيرات السريعة التي تمر بها الصحة على مستوى العالم 

عن طريق إنشاء هيئة استشارية رسمية بكل بلد لمتابعة ما يطرأ من تغيرات في مجال الصحة، على أن يكون من بين مهامها ضمان حصول كل فرد على خدمات الرعاية الصحية وعلى أعلى مستوى. 

 

ثالثاً: ضمان توفير الرعاية الصحية في ساعات الليل المتأخرة وأوقات العطلات 

وذلك بإنشاء العديد من المراكز الصحية في أماكن مختلفة لتخفيف الضغط على المستشفيات، ولضمان حصول الأفراد على الخدمات الصحية في أي وقت وفي كل مكان. 

 

رابعاً: الحد من انتشار الأمراض المعديّة مثل الايدز والتهاب الكبد الوبائي من خلال: 

✔ زيادة حملات التوعية التعليمية للوقاية من الأمراض 

✔ توفير الأماكن المجهزة للاعتناء بالمرضى المصابين وتأمين وسائل نقلهم مع توفير 

الرعاية الكاملة لهم 

✔ متابعة شركات الأدوية لضمان توفير الأدوية والعقاقير وبأقل تكلفة ممكنة 

 

  

خامساً: توفير خدمات الصحة العامة 

✔ ضمان سلامة الطعام والماء والهواء 

✔ تشجيع السلوك الصحي السليم 

✔ تعزيز البرامج الوقائية 

✔ تكثيف الجهود للحد من الأمراض 

✔ تقديم خدمات صحية على أعلى مستوى وبجودة عالية مع إمكانية الحصول عليها 

بسهولة 

سادساً: الحد من استخدام العقاقير، السجائر، الكحول، المهدئات، والحبوب المنومة 

✔ تحسين الظروف المعيشية لذوي الدخل المنخفض والقضاء على البطالة المسبّبة 

للانحراف 

✔ التأكيد على الدور الرقابي للأسرة والمدرسة في تربية النشء 

✔ توفير برامج علاجية تهتم بالمدمنين والتركيز على مرحلة ما بعد العلاج 

✔ توفير مراكز التأهيل التي تهتم بهؤلاء المرضى 

✔ تطبيق أقصى العقوبات على الممارسات الضّارة بالصحة 

 

سابعاً: تقديم الدعم المالي 

زيادة الموارد المخصصة للصحة بشأن الطب الوقائي والبحوث الصحية ذات العلاقة بالأسباب والنتائج الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمشاكل الصحية، وبحوث الأدوية والعقاقير، وخدمات كبار السن وذوي الاعاقات والمشاكل الصحية. 

 

ثامناً: توفير برامج خاصة بالخدمات الداعمة 

وهي التي تقدم للمعاقين وكبار السن وتشمل الخدمات الصحية والاجتماعية داخل وخارج المستشفيات عن طريق تدريب وتأهيل من يقومون بخدمتهم وتوفير التغذية الملائمة لهم وتنظيم أوقات تناولهم للدواء. 

 

تاسعاً: توفير العناية الصحية للمشردين 

عن طريق توفير الخدمات الصحية المناسبة لهم في أماكنهم والتي تصل إليهم بمساعدة الدوريات الصحية. 

 

جودة الحياة في الامارات “نموذج” 

حلّت دولة الامارات ضمن أفضل عشر دول عالمياُ في مؤشرات جودة الحياة في المسح العالمي لعام 2018 الذي يقيس مستويات جودة الحياة. من خلال رصد توجهات الأفراد في 160 دولة حول العالم. وحققت دولة الامارات المركز الأول عالمياً في مؤشر الرضا عن توفر الرعاية الصحية الجيدة، متقدمة من المركز الثاني في العام الماضي، ما يعكس جهود الحوكمة في تطوير هذا القطاع الحيوي، كما حققت المركز الأول في مؤشرات إضافية هي: مؤشر الرضا عن جهود الحكومة لحماية البيئة الأمر الذي يؤكد الدور المهم للحكومة في مواجهة تحديات التغير المناخي والحفاظ على البيئة، ومؤشر نسبة السكان العاملين بأجر، ومؤشر نسبة السكان العاملين بدوام كامل، ما يعكس موقع دولة الامارات وريادتها عالمياً في نسبة استخدام الهاتف الذكي، ومؤشر الشعور بالأمان باعتماد القياس الاماراتي، ما يؤكد ريادة دولة الامارات في تعزيز مستويات الأمن والأمان. 

  

وحلّت الامارات في المركز الثاني عالمياً في مؤشرين، هما: مؤشر الرضا عن الشوارع والطرق السريعة التي تشكل إحدى أفضل البنى التحتية عالمياً، ومؤشر تمتع الأفراد بصحة جيدة لأداء المهام اليومية، ما يعكس المستوى المتقدم للرعاية الصحية في الامارات. 

وجاءت دولة الامارات في المركز الرابع عالمياً في مؤشر ملاءمة المدينة لإقامة الأفراد من دول أخرى، في تأكيد لموقع الدولة المتقدم في مستويات جودة الحياة وحلولها في المراكز الأولى عربياُ على مستويات المدن الأفضل في مؤشرات جودة الحياة المختلفة. 

 

 

كما حققت الامارات المركز الخامس في مؤشر احترام الأطفال ما يؤكد جهود الدولة المتواصلة لرعاية الطفل والحفاظ على سلامته وضمان مستقبل أفضل له، فيما حلت في المركز السادس عالمياً في مؤشرين هما: مؤشر الشعور بتحسن المستوى المعيشي للفرد، ما يعكس النمو المستدام للقطاعات الاقتصادية في دولة الامارات، ومؤشر الوصول الى الانترنت، ما يؤكد تقدم البنى التحتية التكنولوجية في دولة الامارات. وحلت الدولة بالمركز السابع في 3 مؤشرات هي: مؤشر الرضا المتوقع عن الحياة خلال السنوات الخمس المقبلة الذي يعكس التفاؤل بالمستقبل، ومؤشر الرضا عن المستوى المعيشي للفرد، ومؤشر الرضا عن المدينة التي يسكنها الفرد، ما يؤكد المستويات العالية لجودة الحياة التي يحظى بها الأفراد في مجتمع دولة الامارات. 

 

 

أما المؤشرات التي حققت فيها دولة الامارات المركز التاسع عالمياً فكانت: مؤشر الرضا عن وسائل النقل العام، ومؤشر الرضا عن اتخاذ الخيارات الشخصية في الحياة بحرية، ما يتجسد في البيئة الاجتماعية المنفتحة والمتناغمة والمتسامحة التي تتمتع بها الدولة.

وحققت دولة الامارات مراكز متقدمة في عدد من المؤشرات الأخرى التي يرصدها المسح، أهمها: 

مؤشر شعور الأفراد بأن الأوضاع الاقتصادية تشهد تحسناُ، ومؤشر الثقة في المؤسسات المالية، ومؤشر الرضا عن توافر فرص التعلم والنمو للأطفال، مؤشر الشعور حيال دخل الأسرة، ومؤشر احترام الفراد، ومؤشر جودة الهواء، ومؤشر جودة المياه. 

 

  

نظام صحي 

يتضمن محور «نظام صحي بمعايير عالمية» 10 مؤشرات تسعى من خلالها الأجندة الوطنية إلى ترسيخ الجانب الوقائي وتخفيض معدلات الأمراض المتعلقة بنمط الحياة كالسكري والقلب وأمراض السرطان لتحقيق حياة صحية وعمر مديد، إضافة إلى مكافحة التدخين، وتطوير جاهزية النظام الصحي للتعامل مع الأوبئة والمخاطر الصحّية، لتكون الإمارات من أفضل الدول في جودة الرعاية الصحية. وتتطلع الدولة إلى تطبيق نظام صحي يستند لأعلى المعايير العالمية، حيث ستعمل بالتعاون مع جميع الهيئات الصحية في الدولة على اعتماد كافة المستشفيات الحكومية والخاصة وفق معايير وطنية وعالمية واضحة من ناحية تقديم الخدمات وجودة وكفاية الكادر الطبي. 

  

المملكة العربية السعودية – برنامج جودة الحياة 2020 

  

برنامج جودة الحياة 2020 أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 وتم الإعلان عنه في 17 شعبان 1439 هـ الموافق 3 مايو 2018 ويُعنى بتحسين نمط حياة الفرد والأسرة وبناء مجتمع ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، وذلك من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية. 

كما يسهم تحقيق أهداف البرنامج في توليد العديد من الوظائف، وتنويع النشاط الاقتصادي، وصولاً إلى إدراج مدن سعودية على قائمة أفضل المدن للعيش في العالم. حيث يعمل برنامج جودة الحياة 2020 على تحسين جودة الحياة في السعودية، من خلال محوري تطوير أنماط الحياة، وتحسين البنية التحتية. فيعمل على تطوير أنماط الحياة من خلال تفعيل مشاركة الأفراد في الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية. كما يعمل على تحسين البنية التحتية من خلال الارتقاء بالنقل، والإسكان والتصميم الحضري والبيئة، والرعاية الصحية، والفرص الاقتصادية والتعليمية، والأمن والبيئة الاجتماعية. 

 

 

 

 

 

بقلم/ د.أميرة عبد الرحمن أحمد برهمين 

باحثة / مستشفى النور بمكة / سبتمبر 2019م