القطاع الصحي: تحديات وتحولات  

د. أسامه فلاته  11/06/2022 – لندن  

تواجه الحكومات حول العالم تحدياتٍ كبيرة تحول دون تمكينها من تقديم الرعاية الصحية المثلى للمستفيدين، مما يدفعها إلى إعادة تشكيل أنظمتها الصحية باستمرار من خلال تبني استراتيجيات وإطلاق مشاريع ومبادرات للخروج بالحلول المناسبة والمستهدفات المرجوة.  

وللتغلب على التحديات التي يواجها النظام الصحي في المملكة، تبنت وزارة الصحة برنامجاً للتحول في القطاع الصحي كأحد البرامج التنفيذية لتحقيق رؤية المملكة 2030. اعتمد برنامج التحول الصحي نمـوذج وطني حديث للرعاية الصحية، اشتمل على نظم الرعاية الصحية الستة التي ستغطي جميع الاحتياجات الصحية للمستفيدين. كما تضمن مستويات الرعاية التي ستقدم من خلالها الخدمات، وحدد الممكنات التي ستساهم في دعم وتيسير التحول من خلال تطبيق مبادرات صُمِّمت خصيصا لإحــداث تغيــرات سُــلوكية، وتحســين صحــة الفــرد وتخفيــض التكلفــة العلاجيــة.

ويطمح القائمون علىإدارة القطاع الصحي في المملكة إلى أن يسهم تطبيق التحول في التغلب على التحديات التي يواجها النظام الصحي في المملكة من خلال:

(1) تيسير وصول المستفيدين للخدمة والحصول عليها عند الحاجة(2) رفع جودة أداء ومخرجات خدمات القطاع الصحي(3) تقليل تفشي الأمراض المزمنة والسيطرة عليها (4) رفع أعداد وكفاءة القوى العاملة في القطاع الصحي وتوطينها (5) ترشيد واستدامة الانفاق على خدمات القطاع الصحي (6) استحداث نظام رقمي متكامل يدعم الخدمات الصحية.

وسعياً لتحقيق التحول شهدت الأعوام الماضية حراكاً حثيثاً تضمن حزمة مبادرات وبرامج ومشاريع لتطبيق أهداف برنامج التحول والذي سينفذ عبر مراحل متتابعة. كما دشنت برامج أخرى لا ترتبط مباشرة بالقطاع الصحي، ولكنها تعتبر جوهرية لتأسيس البُنى التحتية التي تقوم عليها التحولات المرجوة. ومن الأمثلة البارزة التي عايشناها في الفترات القريبة السابقة: تأسيس مكاتب تحقيق الرؤية تتبع للمديريات الصحية في كل منطقة إدارية – تأسيس التجمعات الصحية في عدة مناطق داخل المملكة – إطلاق مشروع الترميز الطبي – مشروع برنامج تحسين تجربة المريض – مركز سلامة المرضى – الأكاديمية الصحية الافتراضية – وغير ذلك من المشاريع والمبادرات الجريئة.  

في ظل هذا الزخم الهائل من الحراك على المستوى الصحي نحو تحقيق التحول، أطلت جائحة كوفيد-19 وألقت بظلالها على أداء القطاع الصحي الذي يمر بفترة انتقالية مهمة ووتيرة تسارع تنفيذ المشاريع. طالت التأثيرات السلبية للجائحة وتبعاتها جميع الأنظمة الصحية في العالم دون استثناء، بل كانت الأنظمة الصحية في الدول المتقدمة هي الأكثر تأثراً وشارف بعضها على الانهيار التام. كان الوضع أشبه بامتحان عملي (مفاجئ) و (قاسٍ) لنظام صحي يعيد تشكيل نفسه، ومع ذلك كان أداء النظام الصحي السعودي بوضعه الانتقالي استثنائياً واستباقياً ومتجاوباً بمرونة وكفاءة فائقة مع المستجدات والمتطلبات. لم يتوقف الأمر عند تجاوز أزمة الجائحة، ولكن تجاوزه إلى استغلال وتوظيف تحدياتها إلى تعزيز مستوى مهم من مستويات الرعاية الصحية وهو الرعاية الافتراضية. وبينما مازالت معظم الانظمة الصحية حول العالم تعمل على التعافي من صدمة الجائحة، شهدنا مؤخراً وبكل فخر تدشين أكبر مستشفى افتراضي على مستوى العالم.  

كل ماتقدم من مشاهدات يجعلنا – قبل المسؤولين – نثق بأن التحول في النظام الصحي يسير في المسار الصحيح وسيصل إلى تحقيق مستهدفاته لننعم بإذن الله بنظام صحي يقدم خدمات رعاية صحية شاملة وعالية الجودة لجميع المستفيدين قبل حلول عام 2030م. 

 

بقلم / د. أسامه فلاته