لم يعد السفر إلى بلد آخر لتلقي الرعاية الطبية، أمرًا فاخرًا لفئة معينة في المجتمع، بل برزت السياحة العلاجية كظاهرة عالمية مهمة، مدعومة بعوامل مثل التقدم في التكنولوجيا الطبية، وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية المحلية، وزيادة إمكانية الوصول إلى السفر الدولي.

    وفي ظل هذا المشهد المتطور، أصبحت المؤتمرات الطبية تلعب دورًا محوريًا في الترويج وتعزيز السياحة العلاجية.

     تعد المؤتمرات الطبية، الندوات، ورش العمل، والأحداث التي تجمع المتخصصين في المجال الطبي والباحثين وخبراء الصناعة لتبادل المعرفة والخبرة، بمثابة منصة قوية لترويج السياحة العلاجية.

 

 توفر هذه التجمعات فرصة لمقدمي الرعاية الصحية سواءً كانوا أفراد أم مؤسسات، لعرض قدراتهم ومرافقهم وخبراتهم لجمهور عالمي، من دول وأقطار عدة، ومن خلال المشاركة في المؤتمرات الطبية، يمكن لمقدمي الرعاية الصحية اقتناص فرص كبيرة لتنشيط السياحة العلاجية، عبر تعزيز ظهورهم وسمعتهم، لأن هذه المؤتمرات تتيح لهم مساحة كبيرة من التعامل مع مجموعة متنوعة من المرضى المحتملين ومصادر الإحالة والشركاء، لذا يمكنهم تقديم أنفسهم كقادة في مجالات تخصصهم.

     أثناء لقائي المختصين في مجال إدارة الفعاليات والمؤتمرات، لفتتني إجابة الأستاذ محمود البلوشي الذي يعمل كأخصائي فعاليات مسؤول عن تنظيم المؤتمرات الطبية في مملكة البحرين، حيث أفاد بوجود عدد من زوار أحد المؤتمرات الذي عُقد في العام 2019، الذين استفادوا من عمليات طبية حديثة للجهاز الهضمي في أحد مستشفيات المملكة، بعد أن تم عرضها عليهم في أحد المؤتمرات الذي تناول آخر المستجدات والتقنيات الطبية القادمة جنبًا إلى جنب مع الخبراء إلى مملكة البحرين.

     إنّ فرص الترويج للخدمات والمرفقات تشمل تسليط الضوء على خيارات العلاج المتخصصة والتكنولوجيا المتقدمة والنهج الذي يركز على المريض وحالته الصحية، وجذب الأفراد الذين يبحثون عن حلول رعاية صحية مبتكرة وعالية الجودة، كما أن المؤتمرات الطبية تدعم إقامة اتصالات قيّمة مع أقران مقدمي الرعاية الصحية في الصناعة، وتعزيز الشراكات وفرص تبادل المعرفة.

 

التأثير المضاعف على السياحة العلاجية:

     إن التأثير الإيجابي للمؤتمرات الطبية على السياحة العلاجية يتجاوز مجرد الترويج لخدمات الرعاية الصحية، فهي تساعد على نشر المعرفة، عبر مشاركة أحدث التطورات في العلاجات الطبية وتقنيات التشخيص وتعزيز رعاية المرضى وخيارات العلاج.

من ضمن التأثيرات الإيجابية للمؤتمرات الطبية هو تعزيز التفاهم والتعاون بين الثقافات، وتحسين التواصل بين المريض ومقدم الخدمة ورضاه، بالإضافة إلى توليد إيرادات للبلد المضيف من خلال الأنشطة السياحية، وخلق فرص العمل، وتعزيز الاقتصاد المحلي.

     نذكر كمثال على ذلك، نجاح مملكة تايلاند التي برزت كوجهة رائدة للسياحة العلاجية، إذ لعبت مؤتمراتها الطبية دوراً كبيراً في نجاحها، حيث يجذب مؤتمر تايلاند السنوي للصحة العالمية الآلاف من المهنيين الطبيين والمرضى من جميع أنحاء العالم، ويعرض خبرة تايلاند في مختلف المجالات الطبية.

 

 

تسخير قوة المؤتمرات لتعظيم الفائدة للسياحة العلاجية:

بناءً على كل ما سبق يجب على مقدمي الرعاية الصحية والهيئات السياحية مراعاة الاستراتيجيات التالية لتعظيم استفادة السياحة العلاجية:

  • التسويق المستهدف والترويج للمؤتمرات للمرضى المحتملين ومصادر الإحالة في الأسواق الرئيسية، وتسليط الضوء على نقاط القوة والعروض الفريدة في البلاد.
  • التركيز على توفير تجربة سلسة وشخصية لحضور المؤتمر، بدءًا من الإقامة والنقل وحتى الرحلات الثقافية والمتابعة بعد المؤتمر، مما يعني تعزيز تجربة ونهج المريض.
  • إقامة الشراكات بين مقدمي الرعاية الصحية والمنظمات السياحية والوكالات الحكومية لتعزيز وإدارة مبادرات السياحة الطبية بشكل فعال.

 

     ختامًا، دعونا نسلّم بفكرة عمل المؤتمرات الطبية بمثابة حافز للسياحة العلاجية، وتعزيز الروابط بين مقدمي الرعاية الصحية والمرضى المحتملين، وتعزيز التقدم في الرعاية الطبية، والمساهمة في النمو الاقتصادي، ومن خلال تسخير قوة هذه التجمعات واعتماد المناهج الاستراتيجية، يمكن للبلدان تعزيز مكانتها في مشهد السياحة العلاجية العالمية.

 

 

 

بقلم: هبة مؤمنة