الجودة الصحيه (الرياض)

بعد العمليات الجراحية.. نسبة قليلة من المرضى يتعرضون للمضاعفات رغم اتخاذ جميع الاحتياطات!
الكثير من المضاعفات للعمليات الجراحية أصبح من الممكن تلافيها أو تجنبها
هناك مئات بل آلاف العمليات الجراحية التي تجرى لآلاف المرضى ويومياً لعلاج مختلف الأمراض وهناك مجهود كبير يتم بذله في محاولة جعل هذه العمليات الجراحية ناجحة ومحاولة تفادي المضاعفات لا سمح الله. وعادةً مايكون هاجس المريض ونقطة تخوفه هو احتمال حدوث هذه المضاعفات بعد إجراء أي نوع من العمليات الجراحية. وعلى الرغم من التقدم الكبير في مجال الطب إلا أنه في بعض الأحيان قد تحدث المضاعفات بالرغم من أخذ جميع الإحتياطات اللازمة.

ان العمليات الجراحية هي جزء لا يتجزأ من الخطة العلاجية لمختلف الأمراض سواءً أمراض المخ أو أمراض الأعصاب أو أمراض العيون أو أمراض العظام أوالمفاصل أو الأمراض الباطنية. عادةً مايلجأ الأطباء إلى العمليات الجراحية في حال فشل العلاج التحفظي وعندما يكون التدخل الجراحي مهماً لإنقاذ حياة المريض أو لإعادة المريض وفي غالبية الحالات التي يتم إجراء الجراحة فيها بشكل روتيني فإنه لايتم اللجوء إلى الجراحة إلا إذا كانت النتائج المتوقعة منها تفوق خطورتها بالمراحل الكبيرة. أما في الحالات الحرجة مثل حالات الحوادث أو حالات طارقة لاسمح الله فإنه قد لا يكون هناك خيار آخر إلا التدخل الجراحي. وبغض النظر عن نوع العملية ومكانها فإنه من المعروف أنه هناك مضاعفات عامة قد تحدث بعد أي نوع من أنواع الجراحة. هذه المضاعفات قد تؤثر على حياة المريض أو قد تؤثر على الجزء الذي تم إجراء الجراحة له. ومع التطور الكبير الذي حدث في مجال الجراحة خلال العقود الماضية فإنه أصبحت هناك الكثير من الإجراءات التي يتم اتخاذها لمرضى العمليات الجراحية ليتم تقليص نسبة حدوث المضاعفات بإذن الله.

التخدير

هناك خطورة بسيطة عند إجراء أي تخدير سواء كان عام أو موضعي. ومع التقدم في مجال التخدير فإن هذه الخطورة أصبحت بسيطة جداً بحيث أن حالات الوفاة الناتجة عن التخدير العام أصبحت نادرة وقد تحدث في حالة ما بين كل مئة ألف حالة. ومن ضمن الإجراءات التي يتم اتباعها للتقليص من مضاعفات الناتجة عن التخدير هو أن يتم إرسال المريض أو المريضة قبل العملية بفترة كافية ليقوم طبيب التخدير بعمل تقيم شامل للمريض أو المريضة ولمعرفة مواقع الخطورة ومحاولة تعديل أي مشاكل صحية ضد المريض أو المريضة مثل ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع السكر في الدم وغير ذلك. وبالإضافة إلى ذلك فإن عملية التخدير يتم تقديمها من قبل استشاريين مدربين وضمن فريق طبي يتكون من الاستشاري والأخصائي وفني التخدير وطاقم التمريض المساعد له. ويتم متابعة دقيقة للمريض خلال الجراحة. وفي كثير من الأحيان يتم اللجوء إلى تخدير الموضعي أو التخدير المحلي مثل تخدير النصفي في محاولة لتقليص احتمالية حدوث المضاعفات بشكل أكبر. كل هذه الإجراءات أدت إلى نقلة نوعية كبيرة في مجال تخدير المرضى الذين تتم لهم عملية جراحية كبرى.

الأمراض المصاحبة

في كثير من المرضى وخصوصاً كبار السن قد تكون لديهم أمراض مصاحبة مثل أمراض الغدد الصماء أو مرض السكري الشائع جداً في مجتمعنا أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الربو وغير ذلك من المشاكل الصحية المزمنة. وفي هذه الحالات يتم عرض المريض على الاستشاري المناسب قبل إجراء الجراحة لفترة كافية. فمثلاً المريض كبير السن والذي يكون لديه ارتفاع في ضغط الدم أو تاريخ مرضي لمشاكل القلب يتم عرضه على استشاري أمراض القلب الذي يقوم بعمل الفحوصات والأشعات والتحاليل اللازمة مثل قياس جهد عضلة القلب وعمل أشعة صوتية للقلب وتخطيط للقلب وغير ذلك من الإجراءات التي تستخدم لقياس كفاءة الدورة الدموية. وفي حال وجود أي خلل أو قصور فإنه يتم إعطاء المريض الأدوية المناسبة لتهيئته بشكل تام للعملية الجراحية. ونفس الشيء ينطبق على مرض السكري حيث يتم عرض المريض على طبيب الأمراض الباطنية لوضع خطة للتحكم في نسبة السكر في الدم قبل العملية بفترة مناسبة. وفي بعض الحالات قد تكون هناك عوامل خطورة أخرى أو قد يكون هناك صعوبة في التحكم في هذه الأمراض مما يستدعي عناية مركزة في مرحلة العملية وما بعدها وهنا يأتي دور جناح العناية المركزة حيث يتم حجز سرير في قسم العناية المركزة لهذه الفئة من المرضى بحيث يقبل المريض أو المريضة يوم أو بضعة أيام في العناية المركزة تحت ملاحظة دقيقة لكي يتم التأكد من سلامة وظائف الأعضاء وعدم حدوث مضاعفات بإذن الله.

الالتهابات الجرثومية
من المعروف أن جلد الإنسان هو أهم وأول دفاع ضد الالتهابات الجرثومية. وفي أي عملية جراحية في الجسم سواءً كانت عن طريق فتحة صغيرة أو جرح كبير فإن الجلد يتم إختراقه لإجراء الجراحة مما قد يؤدي لاسمح الله إلى دخول الالتهابات الجرثومية المختلفة إلى داخل الجسم في منطقة الجراحة وحدوث إلتهاب جرثومي فيها. ولكن مع تطور في مجال الجراحة فإن أصبح هناك مضادات حيوية كثيرة يتم إعطاؤها للمريض أو المريضة قبل إجراء الجراحة وأثناء الجراحة وبعد الجراحة لبضعة أيام لتقليل نسبة حدوث هذه الالتهابات الجرثومية. وقد أدى هذا إلى تقليص نسبة حدوث هذه الإلتهابات الجرثومية بصفة عامة إلى أقل من 1% والحمدالله. كما أن الحرص على التحكم في مرض السكري وفي التغذية السليمة في مرحلة ما قبل وما بعد العملية يساعد على رفع مقاومة الجسم ومناعته وبالتالي إلى تقليص من حدوث هذه الالتهابات الجرثومية. بالإضافة إلى ذلك فإن تجهزات المستشفيات والأجهزة الطبية هذه الأيام أصبحت ذات جودة عالية وكل ذلك أدى إلى تقليص نسبة حدوث هذه الالتهابات.

الجلطات الوريدية

والجلطات الشريانية

إن عملية التخدير نفسها وعملية استلقاء المريض لبضعة ساعات أثناء العملية الجراحية بالإضافة إلى وجود أمراض مسبقة أو وجود ارتفاع في ضغط الدم وكذلك عمر المريض كلها تؤدي إلى احتمال حدوث مضاعفات في الأوردة والشرايين. فالبنسبة للأوردة فإن أهم المضاعفات التي يجب الاحتياط منها هو حدوث الجلطات الوريدية العميقة وخصوصاً في الساقين والفخذين. هذه الجلطات تحدث بعد العمليات الجراحية الطويلة أو عند المرضى كبار السن أو أصحاب الأوزان الزائدة أو عند عمليات استبدال المفاصل للركبتين أو الوركين أو عند العمليات الكبيرة في منطقة البطن أو الحوض. هذه الجلطات الوريدية في حال حدوثها لاسمح الله تؤدي إلى تكون جلطة في الأوردة العميقة وهذه الجلطة الدموية عندما تنفصل من الوريد تسبح بالدورة الدموية وتذهب إلى الرئة وقد تؤدي إلى موت مفاجئ نتيجة الجلطة الرئوية لاسمح الله. وهذه المضاعفة في الحقيقة هي من مضاعفات السيئة والتي تجعل الفريق الطبي يشعر بإحباط عند حدوثها. ولهذا فإنه تم تطوير العديد من العقاقير الطبية التي يتم استخدامها حالياً لمنع الجلطات الوريدية العميقة عند مرضى العمليات الجراحية. وهذه الأدوية متوفرة في جميع المستشفيات وهي عادةً ما تعطى على شكل حقن تحت الجلد يتم البدء بها مباشرةً بعد العملية الجراحية ويتم الاستمرار بإعطائها لبضعة أيام أو لبضعة أيام أوبضعة أسابيع حسب نوع العملية. وقد أثبتت هذه العقاقير فعالية وكفاءة كبيرة في تقليص نسبة حدوث الجلطات الوريدية العميقة وتبلغ نسبة نجاحها فوق 90%. وفي الحالات النادرة التي تحدث الجلطات الوريدية فيها فإنه يتم تشخيصها عن طريق الأشعة الصوتية أو الأشعة المقطعية وتتم الاستعانة بطاقم طبي مكون من استشاري أمراض الدم وصيدلي متخصص في الصيدلة السريرية. وفي هذه الحالات يتم إعطاء المريض أو المريضة أدوية مذيبة للجلطات لفترة من الوقت عادةً ما تكون فعالة في الغالبية العظمى من المرضى في إذابة هذه الجلطات. أما بالنسبة للشرايين فإنها قد تكون معرضة أيضاً لحدوث جلطات عميقة خصوصاً عند مرضى كبار السن حيث تكون الشرايين متصلبة وغير مرنة مما يؤدي إلى سهولة انسدادها أو حدوث تشنجات فيها وقد يؤدي ذلك إلى نقص تروية في أجزاء من الجسم. والواقع أن الجلطات الوريدية والشريانية هي السبب وراء حرص الفريق الطبي المعالج على سرعة تحريك المريض قدر الإمكان وعدم إبقائه في السرير لفترات طويلة حيث إن حركة المريض تؤدي إلى زيادة الدورة الدموية وفعاليتها وتؤدي تقليص فرص حدوث الجلطات الوريدية العميقة بإذن الله.

التهابات الرئة

في بعض الحالات التي يتم إجراء الجراحة فيها تحت تخدير كامل فإن المريض أو المريضة في مرحلة ما بعد الجراحة قد يتعرض لانسداد بعض الشعيرات الهوائية في الرئتين مما يؤثر سلبياً على التنفس ونسبة الأكسجين في الدم. في هذه الحالات يتم عمل جلسات علاج طبيعي تنفسي بغرض مساعدة المريض على التنفس بقوة وبعمق لكي يتم فتح هذه الشعيبات الهوائية. كما أنه ممكن الاستعانة ببعض الأدوية التي تساعد على تمدد الشعيبات الهوائية وبالتالي إلى وصول الهواء إليها. أما في حال تطورت الحالة فإن هذا الانسداد في الشعيبات الهوائية قد يؤدي إلى ترسب بعض الجراثيم ويؤدي إلى حدوث التهاب رئوي لاسمح الله. وفي هذه الحالة فإنه يتوجب عمل الأشعات السينية المتكررة والاستعانة باستشاري الأمراض التنفسية والرئتين لإعطاء المضادات الحيوية اللازمة لعلاج هذا الالتهاب الجرثومي في الرئتين. وبصفة عامة فإن هذه المضاعفات ذات نسبة بسيطة ونادرة وعند حدوثها عند الغالبية العظمى تستجيب للخطة العلاجية بإذن الله.

احتباس البول والبراز

في كثير من المرضى الذين تتم لهم عمليات جراحية كبرى فإنه قد يكون هناك صعوبة في إخراج البول أوالبراز في الأيام التي تلي الجراحة وذلك نتيجة عدم الانتظام في وظيفة الأمعاء نتيجة اختلاف النظام الغذائي وأيضاً في بعض الأحيان نتيجة الآلام تحدث بعد العملية أو نتيجة استخدام الأدوية المسكنة للآلام التي قد تكون من بعض عوارضها الجانبية وحدوث إمساك أو صعوبة في التبرز. وفي هذه الحالات يتم أخذ الاحتياطات اللازمة مثل وضع قسطرة للبول لبضعة أيام في مرحلة مابعد الجراحة لكي تسهل على المريض إخراج البول، وتقلل من حاجته إلى الحركة والذهاب إلى دورة المياه، وكذلك لكي يتمكن الفريق الطبي من قياس كمية البول التي يفرزها المريض وهي إحدى المؤشرات الهامة التي تدل على سلامة الدورة الدموية وسلامة دورة الكليتين. أما بالنسبة لإخراج البرازفإنه عادةً مايتم وضع بروتوكول معين لهذا الشأن يتكون من الأدوية المانعة للإمساك عن طريق الفم على شكل حبوب أو شراب وقد يستلزم الأمر استخدام تحاميل عند بعض الأشخاص. وخلال بضعة أيام أوعندما يستطيع المريض القيام والحركة فإن القسطرة البولية يتم اخراجها وعندما يتمكن المريض الحركة فإن هذه الأعراض عادةً ما تزول ويتمكن من الذهاب إلى دورة المياه بدون مشاكل في الغالبية العظمى من المرضى. وفي فئة قليلة من المرضى وخصوصاً الرجال الذين لديهم تضخم في البروستات فإن صعوبة التبول قد تستمر وفي هذه الحالة يجب استشارة طبيب المسالك البولية لأخذ الإجراءات المناسبة وإعطاء الأدوية اللازمة للمساعدة على التبول.