الجودة الصحية -العنود الحديثي(الرياض)

ما هي أبرز المضاعفات التي قد تحدث خلال العمل الجراحي أو حتى بعده؟ وهل من «أخطاء طبية» أم أنها مجرّد مضاعفات خارجة عن إرادة الجميع؟ صحيح انّ العمل الجراحي لا يخلو من الأخطار، وانّ الطبّ لم يتوصّل بعد إلى جعل احتمال المضاعفات ينخفض إلى الصفر، لكن مع التقدّم الحاصل، يُقال إنّ نسبة مضاعفات الجراحات باتت أقلّ من نسبة حوادث السير. من هذا المنطلق، يتّبع الأطباء منهجاً واضحاً يقتضي التحضير المسبق والكامل للعملية الجراحية مهما كان نوعها. إذ يشدّد الاختصاصيون على وجوب إجراء كل فحوص الدم المخبرية قبل العملية، وزيارة طبيب البنج قبل أربع وعشرين ساعة على الأقلّ من موعد الجراحة، وإبلاغ الطاقم الطبي بالتاريخ الصحيّ الكامل وبالحساسية تجاه الأدوية.

كما يجب تناول كل الأدوية المطلوبة قبل الخضوع لمبضع الجرّاح، تجنباً للمضاعفات. ويتمّ التشديد على أنّ التوجّهات الحالية في نظام الاعتماد الاستشفائي تعتمد أولاً على سلامة المريض. مشاكل أثناء الجراحة إنّ «ما قد يسوء في غرفة العمليات ويؤدّي إلى مضاعفات هي أولاً مشاكل من جرّاء البنج. إذ من الممكن أن يعاني المرء حساسية تجاه البنج من غير ان يدري، خاصة اذا كان يخضع للجراحة للمرّة الأولى. وهذا الأمر قد يتعقّد إلى درجة حدوث تشنّج في قصبات الهواء، مما يمنع حتى فرصة إعطاء التنفس الصناعي لإسعاف المريض. وهذا الأمر قد يودي بحياته. إلاّ أن مشاكل البنج تضاءلت إلى حدّ الزوال تقريباً، بفضل التطوّر الحاصل والتشديد والتمرّس». أمّا من حيث المبدأ، فلكلّ جراحة مضاعفات خاصة بها حسب نوعيّتها ومدى خطورتها. إحدى المشكلات هي احتمال حصول نزف طارئ أثناء الجراحات الكبيرة، تزداد خطورته إذا لم يتمّ تأمين دم بديل. لذلك، لا بدّ من تأمين دم قبيل العملية عند طلب الجرّاح للتحضّر لكل الاحتمالات». ويمكن أن تتأثر أعضاء مهمّة بالعملية، إذ تكون مجاورة للعضو الذي يتمّ العمل عليه. ان عدم توفر الاجهزه الطبية الجراحية المناسبة وعدم وجود فريق طبي متكامل مساعد للجراح اثناء العملية قد يزيد من حدوث المضاعفات الطبية الجراحية.

في مجال جراحة النساء والتوليد قد تزداد مخاطر المضاعفات الجراحية خصوصاً اذا كانت المريضة لديها عمليات جراحية متعددة مثل عمليات قيصرية سابقة او وجود التصاقات داخلية نتيجة التهابات حوضية مزمنة او بسبب ما يعرف بالبطانة الهاجرة او بسبب وجود اورام كبيرة الحجم اياً كانت حميدة او خبيثة حيث في مثل هذه الحالات يحدث تغيير تشريحي لاعضاء الجسم المجاورة للجهاز التناسلي للمرأة قد يصعب في كثير من الحالات تفادي حدوث المضاعفات فمثلاً قد تكون هناك التصاقات شديدة ما بين الامعاء والرحم والمثانة التي هي في الاساس ملاصقة للجزء السفلي من الرحم وقد يصعب في بعض الحالات الوصول للرحم وخصوصا اثناء اجراء العمليات القيصرية لاخراج الجنين من هذه المنطقة الحرجة ومن هنا قد يحدث رتق متوقع في هذه الاعضاء وفي الغالب يتم اخبار المريضة بالمضاعفات هذه قبل اجراء العمليات ولكن على الطبيب أخذ الحيطة والحذر وربما يستوجب الاستعانة باطباء الجراحة العامة والمسالك ومع ذلك قد تحدث مثل هذه المضاعفات.

اما في حالات الاورام النسائية حتى لو كانت حميدة قد تزداد معها حدوث المضاعات خصوصا في حال وجود اورام ليفية كبيرة الحجم ومتعددة او وجود اورام سرطانية في المبيض او الرحم قد تتمد هذه الاورام في منطقة الحوض مما قد يؤثر على النطاق التشريحي للاعضاء المجاورة ناهيك عن وجود التصاقات داخلية والتهابات مزمنة مما يصعب تفادي حدوث مضاعفات ورتوق في الاعضاء المجاورة مثل الحالب والمثانة والامعاء وحتى الاوعية الدموية الملاصقة للاورام مما قد يضطر الكثير من الاطباء عند اكتشافهم هذه التغيرات بعدم اكمال الجراحة تفاديا لحدوث المضاعفات حتى لوكانت المريضة محتاجة لازالة المرض مثل حالة الاورام السرطانية او حتى الاورام الليفية المسببة للنزف او الالم.

يعمد العديد من الاطباء الجراحين في مجال امراض النساء والتوليد في تفادي اجراء العمليات المعقدة والتي ربما يصاحبها بعض المضاعفات اما باحالتها الى اطباء اخرين او باعطاء مواعيد بعيدة مما قد يسبب تفاقم بعض الحالات. وحتى في بعض العمليات القيصرية المتعددة او وجود نزول في المشيمة التي قد تصاحبها بعض المضاعفات يتفادى الكثير من الاطباء اجراء العمليات وتحويلها الى اطباء او مستشفيات اخرى على الرغم من استطاعتهم القيام بها وذلك حتى لا يتعرض للمساءلة في حال حدوث مضاعفات مما يزيد العبء على بعض الاطباء والمستشفيات مما يزيد من فترة الانتظار التي تصل لعدة اشهر.

من المعروف ان المضاعفات المصاحبة للعمليات الجراحية تختلف من عملية الى اخرى فمثلا العملية القيصرية الاولى تختلف كثيرا عن العمليات المتعددة حيث تقل نسبة المضاعفات والخطورة في العملية الاولى بالمقارنة بالعمليات القيصرية المتعددة السابقة التي قد يصاحبها العديد من التغيرات التشريحية والالتصاقات التي قد تعوق الجراحة بسهولة. وكذلك ان عملية ازالة الرحم بسبب نزف تختلف عن عمليات ازالة الرحم بسبب وجود اورام سرطانية التي تستوجب ازالة جذرية للانسجة المجاورة مما قد يسبب حدوث مضاعفات اكثر.

جميع الاطباء الجراحين دون استثناء تحدث لديهم مضاعفات اثناء العمليات الجراحية وتتفاوت هذه المضاعفات حسب نوع العملية وحجم وخطورة المرض.

مضاعفات بعد الجراحة بعد انتهاء العمل الجراحي، قد يظنّ البعض أن الخطر زال 100% وأنه لا جدوى من توخّي الحذر لأنّ الإجراء الطبي قد اكتمل على خير ما يُرام. لكن لا بدّ من التنويه ببعض المشاكل والمضاعفات التي قد تحدث حتى بعد انتهاء الجراحة. انه من الممكن حصول قصور في التنفّس بعد العملية أو التهابات في الرئتين مثلاً، وهي كلّها مضاعفات ومشاكل عامة قد تصيب أي شخص. أمّا المشاكل الأخرى، فقد تكون التهاب الجرح بحدّ ذاته. وقد يكون بسيطاً ويزول من تلقاء نفسه، أو أشدّ خطورة ويقتضي بإعادة فتح الجرح للعلاج. ومن الممكن حدوث نزف بعد الجراحة لمدة يومين إلى أربعة أيام ريثما يزول هذا الاحتمال. وقد تحدث التهابات داخل مكان العملية وأكثر شيوعاً في منطقة البطن، إذ تكون القطب غير دقيقة أو تكون ظروف الجراحة صعبة أو حالة طوارئ». وإذا لم تكن القطب سليمة وصحية، قد تحدث التهابات بعد خمسة أو ستة أيام تؤدي إلى Septic Shock وبالتالي تسبّب الموت في بعض الحالات المتقدّمة أو المهملة أو عند المرضى ذوي المناعة المتدنية بسبب أمراض مزمنة أو علاجات دوائية.

أخطاء طبيّة!

لا بدّ من التفرقة ما بين المضاعفات الطبية والمشاكل التي هي فوق قدرة تحكّم الجرّاح والطاقم الطبي والتي لا يمكن توقّعها أحياناً أو الوقاية منها، وما بين الأخطاء الطبية الواضحة نتيجة الجهل أو الإهمال أو قلّة النظافة. انّ الخطأ الطبي الأوّل هو قيام الجرّاح بعملية ليس مخوّلاً إجراءها أو لا يتقنها أو يُجريها للمرّة الأولى دون إرشاد. كما من الممكن حدوث خطأ ألا وهو نسيان شاشة أو أداة معيّنة داخل بطن المريض. لكن الأهمّ هو حدوث مشكلة مهمّة طبية واختيار الجرّاح عدم إخبار الأهل والمريض بالموضوع. وهنا تكون مخالفة بالخطّ الحمر العريض، إذ انّ الخطأ ليس طبياً فحسب، بل هو خطأ أخلاقي وإنساني بحت.