الجودة الصحية ( صحيفة الوطن ) :

فيما اتهم نائب وزير الصحة حمد الضويلع بعض شركات تصنيع الأدوية بتقديم رشاوى لأطباء ومسؤولي الوزارة، شدد وزير الصحة المهندس خالد الفالح على ضرورة أن تكون النزاهة أساسا في قطاع الصحة، مؤكدا أن التفريط فيها يعرض الصحة والأنفس للخطر. وأكد الوزير عزم وزارته على مواجهة الفساد قائلا “نعيش الآن عهد الحزم والعزم، ونرى خادم الحرمين لا يساوم أبدا في الضرب بيد من حديد على الفساد، كما شهدناه في مواقف عدة، ولذلك فلن نجعل بيننا نحن العاملين في الصحة، مكانا لمن لا يلتزم دوما بأعلى معايير النزاهة والأمانة”. وتعهد الوزير بأن يقف في وجه أي تهاون أو تفريط في الأمانة بكل حزم وصرامة، ولن يسمح لأحد من ضعاف النفوس بأن يقوض الجهد والعرق اللذين يبذلهما آلاف العاملين المخلصين في وزارة الصحة، بتشويه تلك الصورة الرائعة التي ترسمها جهودهم الخيرة.

محاور استراتيجية مكافحة الفساد

وأشار الفالح إلى أن استراتيجية الوزارة في مكافحة الفساد تشمل 6 محاور هي:
التوعية بمجالات تضارب المصالح والممارسات المنافية للأمانة.
تحديد أعراض الفساد للتمكن من اكتشافه مبكرا.
الإنذار من خلال ما يطلق عليه عالميا لقب “إطلاق الصافرة” بتوفير قنوات للتبليغ عن حالات الفساد مع ضمان السرية للمبلغ والتشجيع والتقدير والمكافآت له.
بناء نظم جميع أنواع العمل في الوزارة بطريقة توفر الشفافية، ولا تتيح مجالا لوقوع حالات الفساد.
تقوية نظم المراقبة وأساليب التحري والتدقيق وآليات الرفع عن المخالفات بما في ذلك تطبيق العقوبات النظامية والقانونية تجاهها.
بناء الشراكات مع جهات مثل الهيئة العامة لمكافحة الفساد والجهات الرقابية الأخرى لمحاربة الفساد بجميع أشكاله.

توصيات لتعزيز النزاهة
طالبت وزارة الصحة بتحديث مجموعة من أنظمتها الداخلية، وتفعيل العقوبات على المخالفين وبما يضمن تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. وطرح المستشار القانوني الدكتور خالد بن سعد الحبشان عضو الهيئة الصحية الشرعية في ورقة عمل تناقشها ندوة “دور القطاع الصحي في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” بالرياض، 3 مقترحات وتوصيات لتعزيز النزاهة، تشمل تحديث الأنظمة الصحية وتضمينها آلية لفرض الرقابة على الأعمال الصحية عن طريق مؤسسات الرقابة في الدولة لضمان الحيادية في رصد المخالفة.
وتضمنت التوصيات رفع مستوى العقوبات لتصبح صارمة على المخالفين، بجانب عقد ندوات وورش عمل للموظفين والممارسين للأعمال الطبية لتوعيتهم وتثقيفهم بالأنظمة التي تعينهم على معرفة واجباتهم والتزاماتهم. وشدد الحبشان في ورقته التي تحمل عنوان “تحديث أنظمة الصحة ودورها في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” على تحديث نظام مزاولة المهن الطبية ونظامي المؤسسات الصحية الخاصة والمنشآت والمستحضرات الصيدلانية، وبما يحقق الشفافية الكاملة في أداء المهام.

الإجازات المرضية
كشف الأمين العام للمجلس الصحي السعودي الدكتور يعقوب المزروع، أن المجلس يعكف حاليا على إنشاء نظام إلكتروني لمنع التلاعب في الإجازات المرضية، مشيرا إلى أن المجلس ينطلق من رؤية تتمثل في التنسيق والتكامل بين الجهات الصحية في المملكة، لضمان الوصول إلى مستوى صحي مميز، حيث يعمل على اقتراح أنظمة وتنظيمات للقطاع الصحي، تسهم في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، وتضمن التنسيق والتكامل بين الجهات الصحية المختلفة في المملكة لتقديم خدمات صحية ذات جودة عالية بطريقة ميسرة ومأمونة، تمنع الازدواجية وإهدار الموارد، وتحقق العدالة في توزيع الخدمات الصحية.

قرارات ملزمة
أكد الدكتور المزروع أن قرارات المجلس تعد ملزمة لكافة القطاعات الصحية بعد اعتمادها من رئيس مجلس الوزراء، ويعمل المجلس مع الجهات الصحية والقطاعات ذات العلاقة بما يضمن تنفيذ برامج وطنية، تسهم في تعزيز الصحة العامة، وحماية المواطنين من الأمراض المتوطنة والوافدة. وأضاف أن المجلس أعد إستراتيجية وطنية للرعاية الصحية، روعي فيها جميع الجوانب، بما في ذلك تعزيز قيم النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، توجت بإقرارها من مجلس الوزراء الذي كلف المجلس بتنفيذها. وركز المجلس عند إعداده لتلك الإستراتيجية على دراسة الوضع الراهن للخدمات الصحية وأهم التحديات التي تواجه النظام الصحي في المملكة.

صور الفساد
شهدت نقاشات ندوة “دور القطاع الصحي في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد” كثيرا من الاعترافات والاتهامات والمفارقات، وتبادل العتب بين المشاركين، إضافة إلى تقاذف المسؤولية بين الجهات وإطلاق تحذيرات متعلقة بالفساد، أملا في إيجاد سبل للقضاء عليه.
وفي هذا السياق، اتهم نائب وزير الصحة حمد الضويلع بعض شركات تصنيع الأدوية، بتقديم رشاوى لأطباء ومسؤولي وزارة الصحة، حيث لفت إلى لقاء جمعه مع وزير الصحة وعدد من مصنعي الأدوية قبل أيام قليلة، قائلا: لفت نظري أن مصنعي الأدوية يلجؤون إلى ممارسات تعودوا عليها، قد تكون مقبولة بالنسبة لهم، فيما أرى أنها تضارب صارخ للمصالح، وهي “انتدابات للمسؤولين والأطباء وإعطاؤهم تذاكر سفر”. وأضاف أن الانتدابات والتذاكر لا تكون بدون مقابل، فالأطباء يصرفون الوصفات الطبية يمينا ويسارا للحصول عليها. واستطرد الضويلع: قلت لهم إن هذا الأمر غير مقبول في وزارة الصحة.
واستغرب الضويلع في مداخلة بعد الجلسة الأولى من الندوة، من عدم توقيع العاملين بالوزارة على إقرار الذمة المالية، مشددا على أنه من أساسيات المهنة، خاصة للموظفين المسؤولين هم وعوائلهم، وهو ما لم أجده خلال عملي في القطاع الحكومي بوزارة الصحة. كما استغرب الضويلع من وجود مسؤولين يمتلكون شركات ومؤسسات في نفس النشاط، وهو ما اعتبره “تضارب واضح في المصالح”.

مواجهة الفساد بالأنظمة
ركز الأمين العام للهيئة السعودية للتخصصات الصحية الدكتور عبدالعزيز الصايغ على أهمية تعزيز أخلاقيات المهنة لدى الممارسين الصحيين، مؤكدا أن الهيئة اكتشفت 3200 شهادة ممارس صحي مزورة، وأن المزورين في القطاع الصحي لا يشكلون سوى نسبة 1% من إجمالي عدد الممارسين الصحيين الذي بلغ عددهم 540 ألف ممارس، فيما اعتبر نائب رئيس هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” الدكتور عبدالله العبدالقادر، أن القضاء على الفساد يتأتى بتطبيق الأنظمة وليس بالأخلاقيات، مشيرا إلى وجود خيط رفيع بين أخلاقيات المهنة والربح والخسارة، في جميع المنظومة “المستشفى، الطبيب، الصيدلي، التاجر”، وما تعلمناه من تجربتنا في “نزاهة” هو أن مواجهة الفساد تكون بتطبيق الأنظمة، وليس بالاعتماد على الأخلاقيات، فعندما يكون هناك ربح وخسارة فأول جدار يسقط هو جدار الأخلاقيات.
واتفق المدير التنفيذي للتراخيص في قطاع الدواء بالهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتور هاجد بن محمد بن هاجد، مع ما ذهب إليه الدكتور العبدالقادر، حيث أكد أن مواجهة الفساد يجب أن تكون بالأنظمة وليست بالاعتماد على الأخلاقيات، مشددا على أهمية أن يكون هناك نظام وبروتوكول واضح للممارسة الطبية بداية من الكشف وحتى صرف الدواء.

استفادة الأجانب
رفض الدكتور منصور الوكيل، أحد منسوبي القوات المسلحة، اتهام الأطباء والصيادلة بتلقي نسبة مقابل الوصفات الطبية، واصفا ما ذكره الدكتور حمد الضويلع بأن فيه كثيرا من التجني بحق الممارسين الصحيين. ولفت الوكيل إلى سيطرة العاملين الأجانب في القطاع الصحي على ميزانيات البحوث العلمية والمشاركات في المؤتمرات الدولية، مؤكدا أن 90% من ميزانيات البحوث في القطاع الصحي والمشاركات في المؤتمرات الطبية الدولية تذهب للأجانب، مطالبا بضرورة أن يكون هناك توزيع عادل في هذا الخصوص.

اعتراف هيئة الدواء
اعترف المدير التنفيذي للتراخيص بقطاع الدواء في الهيئة العامة للغذاء والدواء الدكتور هاجد بن محمد بن هاجد، بوجود أطباء يتسلمون من الشركات نسبة معينة من قيمة الأدوية، التي يصرفونها للمرضى، واصفا القضية بـ”الحساسة”، إلا أنها موجودة ولا أحد يستطيع أن ينكرها. واعتبر في سياق رده على سؤال لأحد المشاركين بخصوص فوضى صرف “المضادات الحيوية” في المستشفيات والصيدليات، بأنها ممارسة، وأن الرقابة عليها من اختصاص وزارة الصحة.
كما اعترف هاجد بحدوث نقص في بعض أنواع الأدوية خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن السبب يعود إلى الوكلاء، وليس هيئة الغذاء والدواء. أما فيما يتعلق بالخضار والفواكه الملوثة بمبيدات حشرية، فأكد الدكتور هاجد أن الخضار والفواكه المعلبة المستوردة من مسؤولية وزارة الزراعة، ولا علاقة لهيئة الغذاء والدواء بها، مشيرا إلى اكتشاف كميات من المواد الغذائية المستوردة، تحتوي على نسبة من المبيدات الحشرية، يجري العمل بالتنسيق مع باقي الجهات للتعامل معها.

عتاب للجهات الصحية
عاتب متحدث “نزاهة” عبدالرحمن العجلان الجهات الصحية لعدم تعاونها مع الهيئة، وعدم تزويدها بالمعلومات التي تحتاجها. ولفت إلى عدم تزويد هيئة الغذاء والدواء لنزاهة بمعلومات عن الأدوية الفاسدة التي تم ضبطها أخيرا.

تحديات النظام الصحي
واستعرض المزروع ما تضمنته الإستراتيجية، وما يقوم به المجلس تجاه تلك التحديات وهي:
العمل على تعدد مصادر تمويل الأنشطة الصحية إلى جانب موارد الميزانية العامة للدولة، مع العمل على زيادة الموارد المالية.
ترشيد الإنفاق.
رفع كفاءة أنشطة وخدمات الرعاية الصحية كأساليب عملية لمكافحة الفساد.
توفير نظم وقواعد بيانات صحية وإدارية ومالية حديثة مدعمة بالتقنيات المتطورة.
الرفع بطلب إنشاء المركز الوطني للمعلومات الصحية للتنسيق بين القطاعات الصحية بغرض الترابط المعلوماتي بينها، وكذلك إنشاء مركز وطني للبحوث والدراسات يراعي ويشجع إجراء البحوث الصحية التطبيقية.

تحديات القوى العاملة
حدد المزروع التحديات التي تخص القوى العاملة، وسعى المجلس إلى حفظ حقوقها عن طريق التنسيق والتكامل بين مختلف الجهات، التي تقدم خدمات الرعاية الصحية بما يؤدي إلى الاستخدام الأمثل للموارد البشرية المتاحة، ويزيد من كفاءة وسرعة الأداء بما يلي:
يدرس المجلس حاليا موضوع التلاعب في الإجازات المرضية وكيفية إدارتها عن طريق إنشاء نظام إلكتروني، ووضع المحددات الخاصة بالدخول على النظام، لمنع التلاعب بما يؤدي لسهولة الرقابة وسرعة وجودة الأداء.
حدد المجلس التحديات التي تتعرض لها أنظمة تقديم الرعاية الصحية، فسعى إلى تطوير نظم الإدارة والتشغيل في المرافق الصحية بما يلائم طبيعة الخدمات الصحية.
يسعى المجلس إلى تحقيق التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص في تقديم الخدمات الصحية، والمشاركة في إنشاء وإدارة وتشغيل مرافق الخدمات الصحية ومشاريع التنمية الصحية.
لاحظ المجلس التحديات التي تواجه المستفيدين من الخدمات الصحية، فعمل وفقا للأساس الاستراتيجي العاشر على تحقيق توزيع متوازن للخدمات الصحية، بما في ذلك الخدمات التخصصية جغرافيا وسكانيا، وبما يلبي الاحتياجات الصحية الحقيقية لكافة أفراد وفئات المجتمع.
يقوم المجلس بتقويم دوري للخدمات الصحية، ويقترح تعديل الأنظمة واللوائح المنظمة لذلك، كما يقوم بتعديل القرارات الصادرة منه وفق ما يستجد وينسجم مع المصلحة العامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
إعداد مشروع نظام للأخلاقيات الصحية (حقوق المرضى والممارسين والعاملين والمنشآت وواجباتهم).
اقتراح عدد من التعديلات على بعض الأنظمة الصحية وهي: نظام مزاولة المهن الصحية، ونظام المؤسسات الصحية الخاصة، ونظام المستحضرات الصيدلانية والعشبية