عوائق تمنع إعادة الصحيين لأعمالهم
الجودة الصحية (متابعات) غدير باعمر
أرجعت مراكز صحية ومستشفيات صعوبة إعفاء الموظفين المشمولين بلائحة الوظائف الصحية من ممارسة الأعمال الإدارية إلى 4 عوائق، أبرزها نقص الكوادر الإدارية المؤهلة، ورفض بعض المنشآت الصحية تزويد مرجعها بالأسماء والكوادر التي تشغل مناصب إدارية في المستشفيات.
فيما استجابت وزارة الصحة إلى ضغوط هيئة مكافحة الفساد “نزاهة”، وألزمت مديرياتها بإعفاء موظفيها المشمولين بلائحة الوظائف الصحية من ممارسة الأعمال الإدارية، أكدت مراكز صحية ومستشفيات عدم إمكانية ذلك وأرجعت صعوبة التطبيق إلى 4 عوائق تحول دون عدم تكليف الفنيين مديري مراكز ومنشآت صحية بشكل كامل.
ولخصت مصادر تلك العوائق في: نقص الكوادر الإدارية المؤهلة، ورفض بعض المنشآت الصحية تزويد مرجعها بالأسماء والكوادر التي تشغل مناصب إدارية في المستشفيات، رغبة بعض المنشآت الصحية في الاستفادة من خبرات فنييها في العمل الإداري إلى جانب مهامهم الفنية، المديريات الصحية يقف على رأس الهرم الإداري فيها ممارسون صحيون.
استثناء الأقسام الفنية
كشفت مصادر في وزارة الصحة لـ”الوطن” أن قرار إعادة الفنيين الذين يعملون في أعمال إدارية لا ينطبق على الجميع كون هناك إدارات وأقسام فنية يحتاج العمل بها إلى وجود فنيين. وأوضح المتحدث الرسمي لصحة الطائف سراج الحميدان أن هناك عددا من الإدارات الفرعية والأقسام التي تُصَنّف على أنها إدارات فنية مثل إدارة المتابعة، صحة البيئة، الطب الوقائي، إدارة المستشفيات وغيرها من الإدارات والأقسام التي تتطلب وجود فنيين بها. وأن مدير صحة الطائف كلف إدارتي المتابعة والمراجعة الداخلية بتنفيذ التعميم الذي أصدره بإعادة الفنيين الذين يعملون في إدارات وأقسام إدارية.
وكلف استشاريون في عيادات مستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة أطباء أخصائيين لتغطية غياباتهم عن العيادات لاستقبال المرضى طيلة أيام الأسبوع، وتخلف عدد من الاستشاريين عن عياداتهم لانشغالهم بمناصبهم الإدارية في الشؤون الصحية. وذكرت إدارة مستشفى الملك فهد أن الغيابات تسجل على الاستشاريين ويرفع بالقائمة إلى مديرية الشؤون الصحية لحرمانهم من المميزات، واعتذرت لغياب الاستشاريين الذين يشغلون مناصب إدارية في مديرية الشؤون الصحية أو مرتبطين بعمليات طارئة. وأوضح مصدر مطلع لـ”الوطن” أن وزارة الصحة كلفت الاستشاريين الأطباء بالعمل في العيادات الطبية بالمستشفى وفقا لتخصصاتهم الطبية، إضافة إلى حصولهم على مميزات الوزارة التي تسمح لهم بأحقية البدلات.
تكليف فنيين
كلفت مديريات صحية عددا من الفنيين للعمل مديري مراكز صحية، فيما حذرت وزارة الصحة من عدم تكليف المشمولين بلائحة الوظائف الصحية بأعمال إدارية، وأكدت أن ذلك يعتبر مخالفا للنظام ولا سيما بعد أن وجهت “نزاهة” خطابا للصحة بهذا الخصوص، وشددت وزارة الصحة في تعاميمها لمديرياتها في المناطق والمحافظات بعدم تكليف الفنيين بأعمال إدارية.
ورغم معاناتها من نقص الكوادر الإدارية المؤهلة، استجابت وزارة الصحة إلى توجيهات هيئة مكافحة الفساد، وشددت على إعفاء موظفيها المشمولين بلائحة الوظائف الصحية من ممارسة الأعمال الإدارية حسب مسمياتهم. واصطدمت مساعي الوزارة لإعادة الصحيين إلى أعمالهم الفنية بعوائق، خاصة في المديريات لنقص الكوادر الإدارية المؤهلة، ولأن هذه المديريات يقف على رأس الهرم الإداري فيها ممارسون صحيون.
مشكلة قديمة
اعتبر عضو اللجنة الصحية في مجلس الغرف السعودية الدكتور عبدالرحمن قاري أن مشكلة تعيين الفنيين في مناصب إدارية من المشكلات القديمة التي تعاني منها وزارة الصحة منذ سنوات والتي لم تتغير رغم وجود إداريين صحيين متخصصين قادرين على إدارة المستشفيات والمراكز الصحية مرجعا ذلك إلى سببين رئيسيين:
الأول: سوء فهم من قبل الممارسين الصحيين الذين يرون أن منصب الإداري أهم من المنصب الفني فيقبلون بالمنصب وهو نوع من هدر الكفاءات.
والثاني: الاتجاه العام نحو إسناد المناصب الإدارية للمواطنين ومن ثم تعطي إدارة المراكز الصحية للفنيين والأطباء المؤهلين.
وأضاف أن ذلك نوع من هدر الطاقات لأن الموارد البشرية التي بنتها الدولة على مدى سنوات طويلة وخسرت مبالغ ضخمة في سبيل ذلك غير مستغلة بدليل أن الكوادر الصحية في مستشفيات المملكة من غير السعوديين وتنفق مبالغ ضخمة لاستقدامهم وتشغيلهم كفنيي الأشعة والتخدير والأجهزة الطبية المختلفة. وقال “لو استطاعت الدولة تطوير برامج الإدارة الصحية بالجامعات وتخريج دفعات كبيرة من المختصين في القطاع الصحي وأهلتهم ودربتهم وأعطتهم التدريب الجيد فإن ذلك يعتبر هو الحل المثالي”.
ملاحظات نزاهة
تسارعت خطى وزارة الصحة لإعفاء المشمولين بلائحة الوظائف الصحية من ممارسة الأعمال الإدارية وإعادتهم إلى مزاولة أعمالهم حسب مسمياتهم الوظيفية، وتأتي هذه الخطوة مدفوعة بملاحظات متتالية من هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” التي أكدت في أكثر من خطاب وجهته للوزارة أن ذلك يعد مخالفة كونه متسببا في النقص الحاصل في الكوادر الصحية في المستشفيات ومراكز الرعاية، ولما يمثله من مخالفة في صرف البدلات المالية لهؤلاء الفنيين الذين يزاولون في الواقع أعمالا إدارية.
وأشار تعميم سابق من مدير المتابعة في الوزارة موجه لمديريات الصحة بالمناطق إلى خطابات نائب رئيس نزاهة والمتضمن ملاحظاتهم، وأيضا توجه الوزارة بخصوص ممارسة كافة الكوادر الصحية لأعمالهم كل في مجال تخصصه، وتضمن التعميم اعترافا بما تعانيه المرافق الصحية من النقص في كوادرها الصحية، ما أثر سلبا على أدائها، بعدما طلبت الهيئة من الصحة سحب البدلات من الممارسين الصحيين القائمين بأعمال إدارية، مع حصر أسمائهم وتوضيح خطط آلية عملهم.
مهلة الأسبوعين
حددت وزارة الصحة في يناير الماضي لإداراتها مهلة أسبوعين للانتهاء من حصر الفنيين الذين يشغلون مناصب إدارية، ليتسنى للإدارة العامة للمتابعة دراسة وعرض تلك البيانات على وزير الصحة للتوجيه حيال تكليف المشمولين بالكادر الصحي في أعمال تخصصاتهم، واقتصار العمل الإداري بالوزارة والمديريات على الإداريين فقط.
وعاودت وزارة الصحة تحذيرها لمنسوبيها الفنيين بعدم شغل المناصب الإدارية حتى تكتفي المستشفيات والمراكز الصحية من الاحتياج للكوادر الصحية، في خطاب أرسلته إدارة المتابعة في الوزارة، مستندة على خطابين من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بعدم تكليف المشمولين بلائحة الوظائف الصحية بأعمال إدارية.
وذكر مصدر لـ”الوطن” أن وزارة الصحة عجزت عن ثني الفنيين الصحيين عن شغل الأعمال الإدارية بعد رفض بعض المنشآت الصحية تزويد مرجعها بالأسماء والكوادر التي تشغل مناصب إدارية في المستشفيات بعد خطابات متتالية من المديريات.