يأتي إهتمام الدول بقطاع الصحة انطلاقا من مسئولياتها أمام رعاياها ، إضافة الى حقائق مثبتة بأن الانسان المعافى المحرك الاهم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ،فالمرض يعطل الطاقة البشرية المنتجة، لذا أولت الدول هذا القطاع اهمية واضحة يفسرها حجم الانفاق المالى والذى يتزايد يوما بعد يوم نتيجة للتطور الهائل والمتسارع للحياة العصرية التى نعيشها وماصاحبها من أمراض وأوبئة جديدة لم تعرف الا حديثا ، كان نتاجها تكلفة مالية العالية غيرمعروفة الحساب مسبقا ، ذلك ان فترة التعافى من المرض لايمكن التنبؤ بها، لذا يعتبر حجم الانفاق الحكومي على هذا القطاع عاكسا حقيقيا لإولوية هذا القطاع بالنسبة للدولة مقارنة بالقطاعات الاخرى ولكن وبالرغم من الإنفاق المتزايد للدول سواء أكانت متقدمة أو نامية على الرعاية الصحية،لم تكن مخرجات هذا الإنفاق متوازنة مع مدخلاته ، لذلك كثرحديث القائمين على أمرهذا القطاع بضرورة إتباع أسلوب التحليل الاقتصادي لمعرفه مكامن العلل فيه ، وظهر لاول مرة علم “اقتصاديات الصحة” للبحث في كيفية تطبيق أدوات علم الاقتصاد على قضايا الرعاية الصحية، وتوضيح جوانبها المختلفة، بحيث تصبح أكثر قابلية للتحليل، لذا استقطب هذا العلم الحديث نسبيا أهتماما عدد كبيرا من الباحثين ، أولئك الذين توسع مدى إدراكهم بمشاكل القطاع الصحي الكلية وأصبحوا ينظرون إليه من كل الزوايا،  بقناعه أن هذا العلم يفسر كثير من المشاكل المحيطة بالقطاع، وكذلك يمكن من خلال تطبيقه إيجاد آليات تؤدي إلى احتواء الانفاق المستمر والمتزايد لهذ القطاع ، ويمكنه ايضا تحديد حجم التدخلات الطبية والصحية المطلوبة لحل هذه المشاكل مما يدعم عملية اتخاذ القرار السليم لدى المخططين الصحيين وصناع القرار.

يمتاز حجم الانفاق الصحى فى دولة الكويت بارتفاعه ، شأنه في ذلك شأن دول الخليج الأخرى والمقصود هنا الإنفاق الحكومي لأنه وبالرغم من الجهود التي تقوم بها دولة الكويت للارتقاء بالوضع الصحي بالبلاد ،إلا أنها تواجه معضلة الإنفاق المتزايد على الرعاية الصحية عاما بعد اخر.

واليوم ونسبة للظروف العالمية لانخفاض أسعار البترول ،والذى يتوقع له ان يستمر لفترة ليست بالقصيرة لابد من وقوف على  مدى تاثير هذا الانخفاض على القطاع الصحى فى الدولة مما يحتم على المخططين إتباع منهجية علمية من خلال تطبيق علم اقتصاديات الصحة إبتدأ من مراعاة استخدام كفاءة الموارد المتاحة والتاكد من الاستفاده القصوى منها قبل المطالبه بزيادتها أو الابقاء على ماهى عليه الان ،  مع وضع ميزانية تراعى رضى المواطن الكويتى وفى نفس الوقت لا تؤثر على نوعية الخدمات المقدمة له. يمكن باجراء دراسات عاجلة تحديد طرائق وتفضيلات المواطن ونوعية الخدمة الصحية التى يفضلها مثل (مسح استخدام وانفاق الاسر على خدمات الرعاية الصحية) وبالاضافة للاستفادة من نتائج الحسابات الصحية الوطنية للعام) 2011NHA ) والاسراع بتنفيذ نظام الحسابات الصحية (SHA) لاهميته فى هذ الوقت وتعضيدا لالتزام وزراء الصحة بمجلس التعاون الخليجى بالمنامة بتبنى هذا النظام الذى من يحدد ضمن اهداف اخرى  حجم وأثر الانفاق على الصحة الوقائية والتى فى راينا انها مهمة فى هذ الفترة لاعتبارات موضوعية باعتبار ان الانفاق على الصحة الوقائية ذو مردود و عائد سريع يفوق الصرف عليه، كما أن طبيعة الكثير من الامراض التى تعانى من الكويت مثل (السمنة ، السكرى، ..الخ)  يمكن الحد من الاصابة منها  باتباع الصحة الوقائية عن طريق تفعيل برامج موجهه تحظى باهتمام أكبرمن الدولة ومجلس الامه وتمتد هذا البرامج لتعلية السلوك الايجابى للمواطن اتجاه الاستخدام الرشيد للادوية وبناء ثقة اكبر فى مؤسسات العلاج الحكومية ومراجعه حجم وفعالية العلاج بالخارج .لذا يتوجب التوصية بالاسراع فى تطبيق اقتصاديات الصحة لاهميته فى هذه الظروف مع  توفر كل الاسباب لاستيعاب هذا المجال تمشيا مع مطلوبات حتمية ناتجه من تطورات الحياة قادت كثير من الدول الى تحقيق معدلات عالية من الرضى الصحى لدى المواطن والدولة .

 

بقلم: محمد يحيى إدريس

اقتصادى صحى