الجودة الصحية ( متابعات ) باسم القرشي

جرت العادة من الاتحاد العالمي للسكري نشر احصائيات مرض السكري، وتجمع هذه الاحصائيات في مجلد خاص يسمى أطلس اتحاد مرض السكري العالمي أو الدولي. ووددت في هذه المقالة الوقوف على الاحصائيات العالمية لمرض السكري سواء المحلية أو العالمية المعتمدة. وفقا للأطلس (وهو مجلد الخرائط التابع لمرض السكري) الصادر عن الاتحاد في اصداره السابع، فان أعداد الاشخاص المصابين بمرض السكري يتزايدون بشكل كبير عاما بعد عام، وطبقا للإحصاء الأخير فإنه يوجد 415 مليون مريض بالسكري في العالم في عام 2015 كما ذكرنا سابقا.

ولكن من المشاهد أنه تزداد معدلات الاصابة بمرض السكري في بعض الدول أكثر من غيرها من الدول الأخرى. ومن المثير للانتباه والأسف معا أننا نشاهد أن ثلاثة من دول الخليج العربي مصنفة ضمن أكثر عشر دول عالمية في معدل الاصابة بمرض السكري النوع الثاني، حيث نجد أن القائمة تضم المملكة العربية السعودية في المركز السابع عالميا، ودولة الكويت في المركز التاسع، بينما تحتل دولة قطر المركز العاشر. وربما يرجع هذا الى العادات الغذائية غير الصحية وقلة النشاط وقلة الحركة المصاحب للتطور في اسلوب الحياة خلال العقود الماضية. لذا فإننا نجد أن معدل الاصابة في منطقة الخليج أعلى كثيرا من معدل الاصابة العالمي. فعلى سبيل المثال فإن معدل الاصابة بمرض السكري في المملكة هو حوالي عشرين في المئة أو أكثر، مما يعني وجود شخص مصاب بالمرض بين كل خمسة مواطنين كحد أدنى. وفي دراسة حديثة قام بها المركز الجامعي للسكري بجامعة الملك سعود وفي عينة من حوالي ثمانية عشر الف مواطن ممن تزيد أعمارهم على ثلاثين عاما وجد أنه 25 % تقريبا من العينة لديهم مرض السكري، بالإضافة الى 25% آخرون لديهم اختلال مستوى السكر خلال الصوم، وهي تعتبر حالة من اضطراب مستوى السكر في الدم تظهر في بداية مرض السكري ويصاحبها مقاومة للأنسولين. وقد تتطور هذه الحالة إلى النوع الثاني من مرض السكري. ومن جانب اخر أوضحت إحدى الدراسات مؤخراً أن متوسط الفترة التي تأخذها هذه الحالة لتتطور إلى النوع الثاني من مرض السكري أقل من ثلاث سنوات. وأيضا من واقع الدراسة تبين أنه من بين الخمسة والعشرين بالمئة المصابين بالسكري أن ستين بالمئة فقط كانوا على علم سابق بإصابتهم بالمرض، مقابل أربعين بالمئة لم يعلموا بإصابتهم الا بعد قيامهم بقياس مستوى السكر لديهم اثناء الدراسة. وهذا يتفق مع ما جاء مسبقا من الاتحاد العالمي لمرض السكري أن نصف مرضى السكري عالميا لم يتم تشخيصه بعد. وقد خلصت هذه الدراسة في نهايتها الى أن معدل اختلال التمثيل الغذائي لسكر الدم في البالغين (مرض السكري او اختلال السكر أثناء الصوم) قد وصل الى نسبة وبائية في المملكة العربية السعودية. وأن سبب ذلك هو وجود عدة عوامل للخطورة ينبغي مقاومتها، بالإضافة الى التحول السريع من حالة اختلال السكر أثناء الصوم الى الاصابة الفعلية بمرض السكري.

حقن الانسولين الحديثة المستخدمة

ومعالجة مضاعفات مرض السكري:

هناك عدة أنواع من الإنسولين هي الانسولين طويل المفعول: مثل الليفيمير واللانتوس، وتصل فترة عملهما إلى 24 ساعة ويعطى كل واحد منهما مرة واحدة في اليوم وغالباً يكون ذلك قبل النوم.

الانسولين قصير المفعول: مثل النوفورابيد والأبيدرا، والذي يعطى قبل الوجبات الرئيسية وعلى حسب كمية الكربوهيدرات المتناولة، حيث يغطي الكربوهيدرات المتناولة في الوجبات الغذائية.

الانسولين المخلوط أو المختلط: مثل النوفومكس والهيومالوج مكس، وهو مزيج بين الانسولين طويل المفعول وقصير المفعول في حقنة واحدة، يتم إعطاؤها مرتين يوميا قبل الوجبتين الرئيسيتين، حيث يغطي الجزء القصير المفعول مقدار الكربوهيدرات المتناولة في الوجبة الغذائية، بينما يتحكم الجزء طويل المفعول في مستوى السكر ويمنع ارتفاعه على مدار اليوم.

ويستخدم الطبيب ما يراه مناسبا من أنظمة الانسولين بحسب ما يتناسب مع كل مريض، فمع مرضى النوع الأول يغلب استخدام حقن الانسولين طويل المفعول مرة يوميا، مع ثلاث حقن من الانسولين قصيرة المفعول مع كل وجبة غذائية، نظرا لما يحتاجه المريض من الانسولين الذي لا يقوم الجسم بإنتاجه. ومن المعلوم أنه مع تكرار مرات حقن الانسولين يزداد الخوف من حدوث انخفاض السكر. لذا ينصح الطبيب مرضى النوع الأول تحديدا بالقياس المتكرر لمستويات السكر، وأيضا الحرص على تناول وجبات غذائية تحتوى على كميات مناسبة من الكربوهيدرات تجنبا لحدوث نوبات الانخفاض في السكري.

أما مع مرضى النوع الثاني فقد يستخدم الطبيب الانسولين طويل المفعول فقط مرة واحدة يوميا كبداية للعلاج. وميزة هذا النظام هو قلة عدد الحقن (مرة واحدة فقط يوميا غالبا ما تكون في المساء أو عند النوم) مع التحكم الفعال بمستويات السكر على مدار اليوم. كما أنه طريقة جيدة لكسر حاجز الخوف من إبرة الانسولين الذي يعتري المريض اذا ما أخبره الطبيب انه لن يحتاج الا الى حقنة واحدة يوميا. ولكن يعيب هذا النظام أنه يفتقر الى تغطية الارتفاع في مستوى السكر بعد الاكل.

ثم بعد ذلك تأتي أكثر أنظمة الانسولين قوة وفاعلية وهو النظام الذي يصف فيه الطبيب للمريض الانسولين طويل المفعول مرة يوميا، مع ثلاث مرات من الانسولين قصير المفعول، ليكون المجموع أربع مرات حقن يوميا، وهو النظام الشائع استخدامه مع مرضى النوع الأول كما أشرنا. ويتميز هذا النظام أنه أكثر الانظمة فاعلية من ناحية التحكم في مستويات السكر بالدم، وأكثرها تحقيقا لنتائج إيجابية مع المرضى وتجنبيهم الآثار والمضاعفات لمرض السكري. وهو ما يمكن أن نطلق عليه :” العلاج المكثف بالانسولين”. غير أن الثمن الذي يتحمله المريض مقابل ذلك هو زيادة حدوث انخفاض السكري، سواء النوبات البسيطة او الخطيرة. وأشارت دراسات عدة أن أكثر المرضى تعرضا لنوبات انخفاض السكر هم الأكثر استخداما للعلاج المكثف بالانسولين. وهو الاختيار الصعب على الأطباء وعلى المرضى الذي أشرنا اليه قبل كذلك.

نظائر الانسولين الحديثة:

باستخدام الهندسة الوراثية وتقنيات معينة تقوم معامل خاصة بتغيير أو استبدال أحماض أمينية بعينها في جزيء الانسولين، وينتج عن هذه التغييرات الدقيقة فوائد كبيرة، أدت الى تغيير الحركية والديناميكية الدوائية لعمل الانسولين داخل الجسم البشري. فأصبح الانسولين متوسط المفعول يعمل لفترة أطول وأطلق عليه طويل المفعول، بالإضافة الى تميزه بخطر أقل بالنسبة الى انخفاض السكر، نظرا لعدم ارتفاع تركيز الانسولين الى مستويات عالية كما كان الحال سابقا، مما يترتب على هذا الارتفاع حدوث الانخفاض الحاد في مستوى السكر.

ولم تتوقف الابحاث والتجارب المعملية والاكلينيكية عن التطوير والتحديث، فقد تمكن العلم حديثا من إنتاج إنسولين عالي الجودة، فائق المدى زمنيا، وهو انسولين الديجلودك، والذي يتفوق على الأنواع الأخرى من الانسولين طويلة المفعول أنه يعمل بشكل ثابت ومستوى (منبسط) على مدار اليوم، مما يقل معه خطورة حدوث انخفاض السكر البسيط أو الحاد الى أدنى المعدلات، وهذه الفاعلية تم اثباتها معمليا وإكلينيكيا، بالإضافة الى خاصية مميزة لم نرها من قبل في الانسولين، هي خاصية المرونة التي تسمح للمريض بأخذ الجرعة الخاصة به بما يتناسب مع نشاطات حياته اليومية، فعلى سبيل المثال إذا كان المريض يمتد سفره لعدة ساعات يصعب معها أخذ جرعته اليومية في وقتها المعتاد، فمن الممكن مع الديجلودك أن يأخذ المريض جرعته اليومية قبل أو بعد ميعادها بعدة ساعات دون أن يؤثر ذلك على التحكم بمستوى الجلوكوز وفي نفس الوقت دون خطورة أو خوف من حدوث نوبات انخفاض السكري. انسولين الديجلودك هو تطور كبير في صناعة الانسولين عالميا، وقد تم طرحه في الاسواق الاوروبية والاميركية، ونامل أن نراه قريبا في السعودية ليكون إضافة مهمة وفعالة في تحسين حياة مريض السكري والسيطرة على مخاطر السكري ومضاعفاته وخاصة فترة الصيام وفي فترة الإجازة الصيفية التي هي فترة السفر والتنقل ويكون فيها المريض بحاجة فعلية الى المرونة في أخذ العلاج الإنسوليني. كما تنتظر الأوساط المحلية قدومه لمحاولة تجربته على مرضى السكري في فترة الصيام وهل سيقلل من عدد حالات انخفاض السكر. حيث ان الدراسات أوضحت أنه يقلل من عدد مرات انخفاض السكر أثناء النوم.