الصحة العامة متطلب أساسي لإنشاء جيل صحي ومجتمع آمن. فقد تمثل دور كبير في تطوير ودعم البيئة الحديثة والوسائل المعيشية لحياة أفضل. في تعريف موجز للصحة العامة هي جهود المجتمع المنظمة للحماية من الأمراض وتعزيز الصحة. هناك فروع عديدة تمتد من الصحة العامة  وأهمها علم الأوبئة. فهو جوهر الصحة العامة الذي يحمل الأعباء خلف كواليس العلوم الأخرى. لكل علم رواده, أهم رواد علم الأوبئة هم أبقراط وجون سنو, فهما آباء لهذا العلم قديمًا وحديثًا. أبقراط هو طبيب إغريقي, أول مدون لكتب الطب, وقد عُرف أنه أبًا للطب في عصره ولعلم الأوبئة. جون سنو الشهير في اكتشافه لوباء الكوليرا, يعتبر أحد آباء ومؤسسين علم الأوبئة الحديثة. في لندن عام 1854م تعقب جون سنو تفشي وباء الكوليرا في أنظمة المياه, واستطاع إصلاح هذه المشكلة وتغيير التفشي تغيرًا جذريًا. أدى ذلك لحل مشكلات مماثلة في مدن مختلفة وساهم أيضًا في تحسين الصحة العامة بشكل كبير في أنحاء العالم اجمع. سوف نتطرق إلى عدة جوانب عن علم الأوبئة وهي: ما هو علم الأوبئة؟ أمثلة على الأوبئة التي تمت معالجتها أو لم تتم وما يمكن مكافحته في وقتنا الحالي. الأقسام والفئات الممتدة من هذا العلم والأساسيات التي تستند عليها. علاقة الأبحاث في علم الأوبئة ونوعيها الأساسيين بإيجاز.

 

علم الأوبئة أو ما يعرف بالوبائيات هو دراسة توزيع المرض والمحددات في عدد السكان, وتطبيق هذه الدراسة في المشاكل الصحية للوقاية والمكافحة. في عبارة أخرى، علم الأوبئة هو دراسة للصحة والمرض كلاهما في عدد السكان أو المجتمع بذاته. بالإضافة إلى ذلك، تشير الدراسات الوبائية على احتمالية إصابة الناس أو الفرد بمرض معين, ومن الممكن قياس مدى الحالة الصحية لديهم وأساليب الوقاية والحماية من الأمراض. هناك العديد من الأوبئة التي وجد لها علاج وأيضاً التي لم يوجد لها و منها: الكوليرا, الجدري, الحصبة, والطاعون وغيرها الكثير. في وقتنا الحالي  فيروس زيكا وبعض من الأوبئة الأخرى أحدثت ضجة بين العلماء ولازالوا يعملون على ذلك وأنها تشكّل خطرًا كبيرًا على المجتمعات و بعض الدول عالميًا. كما نعلم أن علم الأوبئة علمٌ عريق وواسع ومتعدد الفروع والأقسام, له فئات ممتدة ومستندة على عدة أساسيات سنذكر البعض منها. أولًا، فئات علم الأوبئة على أساس التعرض هي: الأوبئة المهنية والبيئية والغذائية والسلوكية، والصيدلانية. ثانيًا، فئات علم الأوبئة على أساس الأمراض هي: السرطانية, وأمراض القلب، والصحة الإنجابية، وطب الأسنان، والأمراض المعدية، و وقوع الإصابات. ثالثًا، فئات علم الأوبئة على أساس عدد السكان هي: علم الأوبئة في طب الأطفال، وطب الشيخوخة، والأعراق. رابعًا، فئات علم الأوبئة استنادًا إلى نوع أحد العلوم هي: علم الأوبئة الجزيئية والجينية والسريرية، والاجتماعية. يتساءل البعض ما الذي يعتمد عليه الوبائيات؟ يعتمد على لغة الأرقام والأبحاث والدراسات دائمًا, وله استراتيجيات كثيرة تؤدي إلى نتائج تفيد الفرد قبل المجتمع وتعزز الصحة وتقي و تحد من خطر الأمراض, وأيضًا قد تكشف عن العلاج! الدراسات نوعان, دراسات وصفية ودراسات تحليلية. الدراسات الوصفية تساعد على إنشاء النظرية اللازمة للدراسات التحليلية, ومن ثم النظرية يتم اختبارها في الدراسات التحليلية بعد إنشاؤها وصفيًا. لا تحصى فوائد هذا العلم, فهو يشكل أساسًا في الطب الوقائي والصحة العامة وينقذ أروحا على مر العصور من خلف ستار الطب والعلوم أخرى.

 

قد يخفى علينا الكثير في علم الأوبئة أو الوبائيات, فهو علم واسع النطاق وعميقة الجذور. ساهم في حماية الملايين وإنقاذهم من أي وباء كان فتاكًا في الماضي. له دور في تغيير الصحة العامة بشكل إيجابي وتحت الأنظار, من حين وباء الكوليرا في العصر السابق إلى وقتنا الحاضر وقابل لمكافحة بقية الأمراض المبهمة. منذ عام 1900م، زاد متوسط ​​العمر المتوقع < 25 عامًا;30 عامًا وهذا دليلاً على التقدم الملحوظ في مجال الصحة العامة ومن أحد الأسباب الداعمة لهذه النتائج هو علم الأوبئة, فلا شك بالتطورات المستقبلية الباهرة. ففي المستقبل سوف يكون من العلوم المتقدمة المحافظة على صحة الفرد والمجتمع عامةً، وسيكون له تاريخ عظيم  ومديد في المساهمة في حماية البشرية.

 

 

 

ملاك الدوسري