السكري ينهش مجتمعنا … والطب يُقدم حجج لا تصمد أمام زفير عاجز
السكري الداء الوباء فمن حيث الترتيب هو الوباء الثالث بعد أمراض القلب والسرطان الأكثر فتكاً في دول العالم الحديث.
مرض السكري هو موضوع طافي الذيول أتعب العقول شائك ملتبس سأجتهد وأحاول بعد توفيق الله عز وجل أن أشبع الموضوع حقه وأغطي أركانه من زاوية نقد المعايير المتبعة لقياس مرض السكري وتبيان مدى الخلط العلمي والعبث الفكري الذي لا يقع فيه أطفال صغار عوضاً عن حاملي أعلى الشهادات.
هنالك ثلاث طرق تستخدم لقياس سكر الدم:
الطريقة الأولى : هي الطريقة الأكثر شيوعاً، قياس سكر الدم بعد صيام ٨-١٢ ساعة وهذه الطريقة تعكس فقط مستوى الأنسولين والسكر في الدم في حالة الصيام وبالكاد تشير إلى مستوى السكر في الدم عند تناول الوجبات والتي تعتبر لب الباب وجوهر المسألة فمعظم أوقاتنا أكلاً لا ًصياماً.
بنظرة شمولية تاريخية في مراحل التطور لهذه الطريقة نوقن بلا ريب أن تحديد تركيز معين ( ١٠٠ ملجم/ دسلتر، ١٢٠ ملجم/ ديسلتر، ١٤٠ ملجم/ ديسلتر) واعتبارها النقطة الفاصلة لضم شخص جديد إلى شريحة مرضى السكري واعتبارها الضوء الأخضرلصرف دواء السكري(metaformin) هوخطأ فادح وهرطقة بإسم العلم.
طوال العقد التاسع من القرن المنصرم – ١٩٩٠- كان التركيز سكر الدم ١٤٠ ملجم /ديسلتر في حالة الصيام تعتبر المؤشر الصريح بأن يطلق على الشخص مريض سكري ويصرف له الدواء (metaformin) وبعد فترة من الزمن وتحديداً في عام ١٩٩٨ ُخفض المعيار إلى ١٢٦ ملجم/ ديسلتر حتى يعامل الشخص كمريض سكري و تكر السنون وتمضي الأيام و ينخفض المعيار إلى ١٠٠ ملجم /ديسلتر حتى يُفجع الشخص بأنه مصاب بداء السكري والإنخفاض القادم ننتظره على الأبواب …
بهذه الطريقة المبتذلة تتضاعف أُسيّاً مبيعات دواء السكري ومبيعات أجهزة قياس سكر الدم وهذا و بملئ المعنى هو الإتجار الضحل الوضيع بإسم العلم، يتظاهرون أنهم حريصون لخدمة العلم وهم ينكثون غزله أنكاثاً.
الطريقة الثانية : قدرة الجسم على موازنة سكر الدم بعد تناول كمية محددة من الجلوكوز.
في هذه الطريقة يعطى الشخص ٧٥ جرام من الجلوكوز بعد صيام ٨-١٢ ساعة ويقاس السكر خلال ساعة و ساعتين فإذا كان تركيز السكر في الدم أعلى من ١٤٠ ملجم/ ديسلتر بعد ساعتين من التناول فيعتبر الشخص في طريق الإصابة بالسكري وإذا كان التركيز ١٩٩ملجم / ديسلتر يصرح بأن الشخص مصاب بالسكري، كما علمتم هذه الأرقام اجتهادية كيفية ليست دقيقة والخطأ الفاضح أن بعض الأطباء يتعاملون مع هذه الأرقام وكأنها قياس درجة حرارة جسم انسان والفرق بيّن ظاهر للعامة عوضاً عن الأطباء بين الحمى والسكري فالمرض الأول تصاب به بين ليلة وضحاها والثاني يتطور بمراحل متباطئة تدريجية حتى يظهر العرض. ٧٥ جرام جلوكوز ؟؟
الخطأ الذي لا يُغتفر في هذه الطريقة هي الكمية المبالغ فيها إلى حد الإسفاف ف ٧٥ جرام تعادل كمية الجلوكوز في ٦ علب كوكاكولا ، نعم ٦ علب هذه الكمية قد تضر بشخص صحيح معافاً فما بالك بكهل اهترئت سنين عمره أو حامل ثقل حملها واقترب وضعه.
الطريقة الثالثة لقياس سكر الدم : هيموجلوبين A1c في هذه الطريقة تقاس كمية الجلوكوز المرتبط بالهيموجلوبين في خلايا الدم الحمراء، شاعت الطريقة بسبب رخصها. الخطأ الذي لا يقل خطورة عن الأخطاء في الطرق السابقة هو أنها قد تعكس نتائج خاطئة اذا كان الشخص مصاب بفقر الدم أو الجفاف، شائع معروف و لا يُمترى فيه لكل دارس المدى الواسع انتشار فقر الدم خصوصاً في سن الكهولة أو فترة الحمل إذاً هذه الطريقة ليست مجدية في كثير من الأحيان.
قارئي الكريم، أرد ُت بما كتبت أن أُعلن صيحة نذير تقول توقف وتريث ومن ثم أشبع فضولك المعرفي بالسؤال والإستبصار قبل الوقوع في أفخاخ بعض شركات تصنيع الأدوية والأجهزة الطبية والتي تُفتن أكبر وأضخم المعامل العلمية بما تقدمة من دعم ليس له سقف حدود لتوقع بعض ضعاف النفوس ممن اسمتهم درجتهم العلمية بأعاظم النجباء والعلم منهم براء، براءة الذئب من دم يوسف.
للإنصاف وعدم التحيف وحتى نتحدث من عند الخطام والزمام ، أنصح بإجراء الثلاث الطرق مجًتمعةً (مراعاة خفض الكمية المتناولة من الجلوكوز في الطريقة الثانية) وعدم التسرع في تحديد اذا كنت مصاب بالسكري أو لا إلا إذا أجمعت الثلاث الطرق إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم وهنا استحضر حديث رسولنا الكريم وكأني اسمعه لأول مره : ( دع مايريبك إلى مالا يريبك ) رواه للترمذي. ُ
كان ذلك عرض مقتضب يسير وإلا فالكتب التي ألفت ودُبجت لشرح هذا الموضوع بالمئات إن لم تكن بالألوف، إن أصبت فمن الله ومنه وكرمه و إن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
بقلم المحاضر/ أحمد سلامة
كلية علوم الأغذية والزراعة