الجودة الصحية ( متابعات ) عالية الراعي 

قبل أكثر من ثلاثة عقود، كتبت مقالا هنا في «عكاظ»، بعنوان «مليون مريض بالسكري في المملكة»، ذكرت فيه أنه لا يخلو أي بيت من مريض أو أكثر بالسكري، وأن نسبة المصابين به في السعودية تناهز 25% من نسبة السكان، وليس 5% كما كانت تشير إحصاءات وزارة الصحة آنذاك.

وبنيت أرقامي تلك على مشاهداتي ومتابعاتي في المشافي والمراكز الطبية ومبيعات أدوية السكري التي كانت تحتل المراكز الأولى في إحصاءات الدواء، بصفتي صيدليا ومحررا طبيا يتابع المستجدات التي تطرأ على المجال، وطلبت في مقالي بإجراء دراسة علمية شاملة ودقيقة تحدد انتشار الداء في البلاد، حينها انزعج البعض من
مواضيع أخرى
«الشؤون القروية»: نفذنا 54 %من قرارات المجالس البلدية
ذكر تلك الأرقام، بدعوى أنه مبالغ فيها.

وكان الدكتور محسن الحازمي الرئيس السابق لمركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، أجرى آنذاك بحثا عن السكري في منطقة الرياض وما حولها، أظهر أن نسبة انتشار المرض تفوق ١٧٪‏، وتوالت بعد ذلك الإحصاءات والأرقام، لكنها كانت محصورة في مستشفى أو بلدة، وليست شاملة، وكلها تدور في فلك أن نسبة انتشار السكري في البلاد تراوح بين ١٥-٢٠٪‏.

والآن والعالم يطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري في شهر نوفمبر، ذكرت وزارة الصحة أن المرض يصيب واحدا من كل أربعة في المملكة، بمعنى 25% من السكان، بيد أني أشكك في هذه النسبة، لعدم وجود إحصاء شامل ودقيق عن السكري، ومن خلال متابعاتي واقترابي من المجتمع والمراكز الطبية، أرى أنه يصيب ما يزيد على 40% من السكان.

وأنتهز هذه الفرصة لأطالب بإجراء إحصاء دقيق وشامل عن المصابين بالسكري، تشمل المملكة كافة، وليس مستشفى أو قرية فقط، وتعميم تلك العينة على البلاد كافة، لكن من المعني بهذا الإحصاء هل هي وزارة الصحة، أم الهيئة العامة للإحصاء أم أي جهة؟

وأشدد هنا على أهمية تكثيف التوعية بأضرار السكري، وغرس ثقافة الرياضة والغذاء الصحي في المجتمع، خصوصا إذا ما عرفنا أن كلفة علاج داء السكري في المملكة هي تزيد على ٤٣ مليار ريال سنويا، ويشمل ذلك تكاليف الرعاية الصحية الكاملة للمريض من أدوية وفحوصات وتحاليل وأجهزة طبية وخلافه، ناهيك عن تكاليف علاج المضاعفات الكثيرة الناتجة عن الداء مثل أمراض العيون وتلف الشبكية والفشل الكلوي والأمراض القلبية والجلطات وتلف الأعصاب وغرغرينا الأطراف.

ولو تحدثنا عن جانب واحد من هذه المضاعفات وهو غرغرينا الأطراف، وما يؤول إليه من بتر أحد القدمين أو كلاهما، نجد أن الأرقام في هذا الجانب مخيفة.

فمثلا في مركز واحد فقط، وهو مدينة الملك سعود الطبية، تم خلال العام الماضي إجراء ١٣٠٤ حالات بتر قدم لمرضى السكري نتيجة المضاعفات، وتم تركيب أطراف صناعية لـ٨٠٪‏ منهم.