أقراص الكالسيوم الطريق المعبد للسكتة القلبية
التصدي لموضوع معين، وتوضيح ما مدى الزيف الذي يشوبه مرهق ومقلق. لكنه وبنفس الحد ممتع ومبهج. كيف لا وجمال الحقيقة وشرفها يتجلى في غموضها و صعوبة مكامنها.
معظم البشر تعمل عقولهم لا بالمنطق والإستنباط وإنما بالتداعي السيكولوجي.
فمثلاً تتكرر على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا “شرب الحليب يقوي العظام لأنه يمدك بالكالسيوم” بلا شك معلومة صحيحة وبلا شك أُستغلت هذه العبارة من قبل شركات الأدوية لتصنيع أقراص الكالسيوم رغم ماتؤكده مراكز الأبحاث بأن ليست هنالك ثمة علاقة إيجابية بين هشاشة العظام وتناول أقراص الكالسيوم.
فالفرضية التي كانت تؤيد تناول أقراص الكالسيوم للحفاظ على عظام صحية وأسنان قوية بدأت تتقزم وتضمحل في زمن تعملقت فيه تكنولوجيا الأبحاث العلمية.
البروفيسور جون في جامعة كارولينا الشمالية أتم بحثاً ضخم ومميز شمل ١٣٨٤ شخص. كانت النتيجة لافته ومؤكدة أن تناول أقراص الكالسيوم لايؤثر بالمطلق على كثافة وصلابة العظم، بل على العكس معدل الإصابة بكسور العظام كان أكثر تفشياً في المجموعة المتناولة لأقراص الكالسيوم.
على نفس الخط وبنفس الدقة التفاصيلية تسير مجموعة من الأبحاث والتي تؤكد وبدون تنطع أن تناول أقراص الكالسيوم طريق معبد ميسر للإصابة بأمراض القلب. نشرت المجلة الطبية البريطانية في سنة ٢٠١٢ نتائج بحثها الذي استمر لمدة ١١ سنة وشمل ١٢ الف حالة.
تضاعف خطورة الإصابة بأمراض القلب بنسبة ١٣٩٪ في المجموعة التي تناولت أقراص الكالسيوم. فُسرت تلك النتيجة بأن أقراص الكالسيوم تسهل من عملية التكلس (Calcification) في الشرايين مما يضاعف خطورة الإصابة بالسكتات القلبية.
علاقة وطيدة أخرى أثبتتها عدة أبحاث محكمة في مراكز أبحاث الكلى، حصوات الكلى تظهر في أوساط المرضى الذين أوصوا طبياً بتناول أقراص الكاسيوم.
مراكز أبحاث السرطان بدورها وضحت العلاقة المقربة بين تناول أقراص الكالسيوم وسرطان البروستاتا.
من خلال هذا التجوال السريع ابتدأً بمراكز أبحاث القلب ومروراً بنتائج مراكز أبحاث الكلى وانتهاءاً بمراكز أبحاث السرطان وكلها تشير وبلامثنوية لنتائج سلبية لتناول أقراص الكالسيوم.
ربما ينبثق ويبزغ في ذهن من يقرأ الأن سؤال جوهري “لما تُصّنع مدعمات الكالسيوم وتوزع بل وتصرف بالمجان لمعظم كبار السن وخصوصاً النساء في عيادات الأحياء السكنية؟!”
لاتفسير لهذا التعامي والتصامُم عن هذا الفيض من الأبحاث إلا لسببين؛ عدم تحديث للمعلومات والتمسك بما قرأه قبل عقد أو أنهم لا يكادون يبالون تجاه ما قد يصيب مرضاهم لكنهم يكترثون جداً لدراهم معدودة حُددت سلفاً جراء بيعهم لعدد محدد من عبوات الدواء. يعز علي أن اكتب هذا لكن للأسف هو حال ثُلة من الأطباء.
قارئي الكريم، اذا لم تخرج من هذه المقالة إلا بقراءة السطور التالية لكفت فهي بيتُ القصيد، كثافة العظم لامحالة تنخفض تدريجياً بالتقدم في العمر، إذا الحل الأمثل والأجدر أن يُتّبع للمحافظة على عظام صحية يتلخص في النقاط الخمس التالية، وهي عصارة عشرات الأبحاث المُحّكمة:
١- شرب الحليب أو جبنة تشدر المطبوخة بشكل يومي
٢- تناول الأسماك بحد لا يقل عن مرتين اسبوعياً
٣- الإكثار من تناول الخضروات الورقية الخضراء بشكل يومي
٤- التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر لمدةٍ لا تقل عن ١٠ دقائق يومياً
٥- الممارسة المنتظمة اليومية للتمارين الخفيفة لمدة نصف ساعة على الأقل
اللهم امنحني العين التي ترى الحقيقة … والأذن التي تسمعها بشكل جيّد
واللسان الذي يقولها دون أن يتلعثم … واليد التي لا ترتجف عند كتابتها
جزالك الله خير يا دكتور ، والله يكثر من امثالك ، ويزيدك نور وعلم تنفع به المسلمين.
أشكر لك دعواتك الصادقة وأدعوا لك بمثل، الغالي ماهر