الجودة الصحية ( متابعات ) ندى العصيمي

لم تكن تعلم المواطنة منال ذات الـ23 ربيعًا، التي اختارت مستشفى خاصًّا في مكة لتضع مولودها البكر، أنها لن تعود إلى بيتها مرة أخرى، ولن ترى ابنها الذي رأى النور بعيدًا عنها.. لقد ذهبت لترتاح من عناء الولادة فأراحها المستشفى بخطأ طبي إلى الأبد!
 
 من جانبه، أوضح مشاري الحربي، زوج المتوفاة، أنه راض بقدر الله، ولا اعتراض على أمره.. وأوضح: بدأت فصول القصة الحزينة في يوم 7 ديسمبر بعد مراجعتي مستشفى خاصًّا شمال مكة أنا وزوجتي، ودخلنا على دكتورة النساء والولادة لمعرفة تاريخ الولادة، وبعد الكشف والفحص عليها أبلغت الدكتورة زوجتي بأن حركات الجنين قلَّت عن السابق؛ وطلبت عمل تخطيط للجنين لمعرفة حالته، وهل يمكن للجنين التحمل أم أن الحالة تستدعي الولادة عن طريق الطلق الصناعي أو العملية القيصرية.
 
 وأضاف “الحربي”: بعد عمل التخطيط للجنين والرجوع للدكتورة قالت لا بد من التنويم حالاً، وإعطائك جرعة الطلق الصناعي، وإذا لم تنفع لا بد من عمليه قيصرية، وتم عمل أوراق التنويم الساعة الـ 11 والنصف ظهرًا، ودخلت كشك الولادة في حينها، وتم إعطاؤها جرعة الطلق الصناعي، وانتظرت حتى الساعة الرابعة عصرًا والرحم لم ينفتح سوى 5 سم، واستمرت هذه الحال حتى الساعة الـ 10 ونصف ليلاً، وتم زيادة جرعة الطلق الصناعي، وإبلاغها بأن النتيجة سوف تظهر خلال ست ساعات من وقت أخذ الجرعة، لكن النتيجة ظهرت خلال 10 دقائق، وتوسع الرحم من 5 سم إلى 10 سم، وقتها تمت الولادة، لكن الجنين خرج من دون نبض وتنفس، وتم تحويله إلى غرفة الإنعاش، فيما كانت الأم تنتظر خبرًا عن طفلها، وتم إنعاشه – الحمد لله – لكن للأسف لم يكتشفوا أن الأم تنزف إلا بعدما عملوا أكثر من غرزة لتخييط المكان، وطلبوا مساندة حينها من استشاري آخر، ولم يأتِ إلا الساعة الـ 12 و40 دقيقة بعد نصف الليل، وبعد الكشف على الحالة أصر الاستشاري بأنها مصابة بالصرع، ولم يسعفها بل كان يجادلني على أنها مصابة بالصرع، لكنها تشنجت بسبب النزيف.
 
 وأضاف “الحربي”: تم تحويلها إلى العناية المركزة بعدما توقف القلب عن النبض الساعة الـ 1 و166 دقيقة، واستمرت فترة الإنعاش أكثر من 20 دقيقة، ورجع القلب ينبض بمساعدة الأجهزة، لكن دون تنفس من الرئة، وتم إعطاؤها دمًا وصفائح دموية إلى أن استقرت الحالة، وتم إعطاؤها أدوية مهدئة، وطلبوا مني التوقيع على ورقة عملية خطيرة في البطن لمعرفة النزيف، وبعدما أخذت الورقة واستخرت الله قام الفريق الطبي بالفحص على زوجتي، والرجوع لي، وأبلغوني بأنهم لا يحتاجون للعملية. فهل هذا كلام يعقل؟! يطلبون التوقيع على ورقة عملية خطيرة، ونسبة نجاحها ضعيفة جدًّا، وفي خلال أقل من عشر دقائق يفحصونها ويقولون “خلاص ما يحتاج”!!
 
 وأردف: جلست على هذه الحال دون أي تحسن أو أي نتيجة، وكنت أطالب بعمل أي شيء لإسعافها، لكنهم كانوا يقولون حالتها خطيرة، وليس بأيدنا شيء. وفي اليوم الثالث قالوا لو تحسنت وظائف الكلى والكبد سوف نعمل أشعة مقطعية للجسم، لكنهم لم يعملوها إلا اليوم الرابع، وحجتهم طول الفترة، وأن وظائف الكلى والكبد والقلب والرئة والدماغ سيئة. وعند سؤالهم في اليوم الخامس عن عمل الأشعة المقطعية قالوا لا نقدر أن نعمل الأشعة؛ لأنها تعبانة. وبعد صلاة الظهر قالوا سوف نعمل الأشعة الآن!!
 
 وواصل: تم عمل الأشعة وقتها، وتبيّن أنه لا يوجد نزيف في الرئة كما قالوا بعد دخولها العناية المركزة، بل هناك جلطات في الدماغ وسوائل أيضًا، ولا يوجد لدينا الجهاز الخاص بأشعة الرنين المغناطيسي، وسوف نكتب تقريرًا ونحولها إلى مدينة الملك عبدالله الطبية لعمل اللازم. ووافقتُ وطلبت منهم عمل التقرير في أسرع وقت ممكن لإنهاء الإجراءات، لكنهم تأخروا حتى الساعة الـ3 و40 دقيقة، وعند مراجعتهم وسؤالهم عن التقرير هل انتهى أم لا قالوا زوجتك نزلت تعمل أشعة رنين تحت. كيف تنزل وهم قالوا لا يوجد لدينا هذا الجهاز؟ وكيف تنزل دون علمي؟!
 
 وتابع “الحربي” فصول المعاناة: وبعد ذلك توجهت إلى الشؤون الصحية مرة أخرى، وطلبت تحويلها إلى أي مستشفى آخر بسبب إهمالهم وتهاونهم، وبعد المحاولة مع أكثر من مستشفى تم أخذ الموافقة في مستشفى حراء في تاريخ 13/ 3/ 1438هـ، وتم تحويلها، لكنها تحولت إلى هناك وهي متوفاة دماغيًّا. وحسبما أفاد الفريق الطبي في مستشفى حراء العام، فإن فترة العلاج انتهت، وكانت متوفاة دماغيًّا حين وصولها لهم، وتوفيت – رحمها الله – بتاريخ 27/ 3/ 1438هـ وهي لم ترَ ابنها قط. فحسبي الله ونعم الوكيل.
 
 وطالب “الحربي” بتدخل الجهات المختصة لإنصافه، ومحاسبة المستشفى والأطباء المتسببين في وفاة زوجته التي لم ترَ طفلها قط.
 
 من جانبها، أوضحت الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة لـ”سبق” أنه بعد إحالة القضية للجهة المختصة أفادت بأنه تم استلام القضية من قِبل الإدارات المختصة بالمديرية العامة للشؤون الصحية، مع التحفظ على ملف المريضة المتوفاة؛ وذلك تمهيدًا لإجراء التحقيقات اللازمة مع المسؤولين بالمستشفى؛ لعرضها علي لجنة استشارية طبية لدراستها، والتحقيق مع الفريق الطبي المعالِج، وإكمال الإجراءات الإدارية والفنية من قِبل الجهات الرسمية، وإعداد تقرير مفصَّل بذلك. مؤكدًا أنه إذا ثبت أي تقصير أو إهمال فستُحال جميع أوراق القضية إلى الهيئة الصحية الشرعية للبت فيها.
 
 الجدير بالذكر أن المتوفاة منال ليست الوحيدة، بل أعادت للأذهان قصة وفاة المواطنة تهاني أثناء ولادتها في مستشفى خاص بسبب خطأ طبي في شهر إبريل من عام 2016، وهي القضية التي تفاعل معها المجتمع السعودي لتأثر زوجها وأبنائها من رحيلها بسبب مسلسل الأخطاء الطبية.