بيئة العمل السامة
بيئة العمل السامة
يمكن تعريف مصطلح (بيئة العمل) بأنه جميع الظروف المحيطة بالموظفين (العاملين) في وقت ومكان العمل، وهي الظروف التي يتم من خلالها إتاحة الفرصة للموظفين بأداء مهامهم وتحقيق أهداف المنظمة، وتشمل الظروف المكانية والزمانية والمادية والمعنوية بالإضافة للأشخاص العاملين في نفس المنظمة، كما يمكن تعريف المصطلح بأنه الموقع الذي يتم فيه العمل والإنتاج والسعي لتحقيق الأهداف، كما يطلق على بيئة العمل كل ما يحيط بالموظف في عمله ويؤثر في سلوكه وأدائه وميوله تجاه عمله والمجموعة التي يعمل معها والإدارة التي يتبعها. وتعتبر بيئة العمل أحد العوامل الأساسية في التأثير على الموظف صحيا وعمليا، ولها حسب رأي المختصين عدة أنواع وتصنيفات، لكن في هذا التقرير المختصر سيتم الحديث عن بيئة العمل السامة أو السلبية، وهي خلاف بيئة العمل المثالية أو الإيجابية التي ترتفع فيها الروح المعنوية للموظف ويزداد الشعور بالإنتماء وتزداد الإنتاجية ويتم تحقيق الأرباح وتحفّز الموظفين على تقديم أفضل ما لديهم، وينعكس ذلك على كامل المنظمة وأدائها وسمعتها.
بيئة العمل السامة :
وهي البيئة السلبية التي تقود الموظف إلى الخمول وقلة الإبداع والإنتاج، ولا يجد فيها الموظف التقدير والعدالة والراحة النفسية، وقد يؤدي ذلك إلى مشاكل صحية للموظف وارتفاع نسبة الغياب وتوتر العلاقات وبالتالي التأثير على مستوى إنتاجية المنظمة وتدهور سمعتها، وقد عرّفها روب والتون بأنها المنظمة التي تتفشى فيها العديد من السلوكيات المختلة والهدّامة والاستغلالية والتعسفية دون وجود رادع حقيقي.
علامات بيئة العمل السامة:
– الاستبداد: وعدم وجود المرونة، وحصر القرار بيد فرد واحد أو أفراد محددين، كما أنه لا يتم فيها مراعاة آراء الموظفين الآخرين أو اقتراحاتهم أو مشاركتهم في اتخاذ القرار.
– انعدام العدالة: سواء كان ذلك في المرتبات أو المزايا الأخرى كالترقيات وفرص التطوير المهني والدورات التدريبية.
– انتشار ثقافة اللوم: وهي ثقافة تدمّر المنظمة حيث أن من يمارسها يحاول التنصّل من الأخطاء وذلك بتوجيه اللوم على الآخرين وانتقاد عملهم، تماما كأسلوب الطفل الذي يخشى العقاب.
– الفوضى: ومثال ذلك تحديد المواعيد النهائية لأي مهام بدون تخطيط وبدون التنسيق مع الموظفين القائمين على هذه المهام، والتخبط في إصدار الأنظمة واللوائح بشكل مستمر، وكثرة الاجتماعات التي لا تقدم ولا تؤخر وقد يستمر الاجتماع لساعات دون الخروج بأفكار قابلة للتطبيق، وإن كان هناك أفكار فلا يوجد وسيلة مناسبة لتطبيقها.
– عدم الاحترافية: فتجد أن بيئة العمل منقسمة إلى محسوبيات ومجموعات وإلى موظفين لهم معاملة خاصة وآخرين يعانون التهميش، وقد تصدر قرارات تنحاز للبعض على حساب الآخر، ويكثر في هذه البيئة الهمس والقيل والقال بين الموظفين، وتنتشر الشائعات والمكائد والصراعات، وتفتقر بيئة العمل للشفافية، وغيرها من الأساليب التي تؤثر على الأداء العام للمنظمة.
– أجواء سلبية: فلا يوجد حماس على الوجوه، وقد يشعر الموظف بأنه عالق في هذا المكان، ويكثر التذمر والشعور بالإحباط، ويفتقد الطموح، ويكون المستقبل الوظيفي غامضا، فيتم العزوف عن المشاركة الجماعية والتعاون وعدم الميل للإبتكار والإبداع، ويرتفع معدل الغياب والإستقالات بسبب الأجواء السلبية السائدة.
– تواصل سيء: يطغى في بيئة العمل السامة عدم حصول الموظف على المعلومات اللازمة، وإن حصل عليها تكون ناقصة وغير كافية لأداء المهام، ولا يوجد في هذه البيئة تغذية راجعة، ولا يتم مشاركة جميع الموظفين بالمعلومات ويتم حصرها في عدد محدود من الموظفين، وقد يكون الهدف منها لدى بعض الأشخاص البحث عن الأهمية والرغبة في الاستفراد بالمعلومة واعتقاده أنه بذلك يحافظ على وظيفته ولا يمكن الإستغناء عنه!!، كما أنه إذا تم تكليف موظف بمهام جديدة فإنه يبذل مجهود مضاعف لمعرفة ما هو مطلوب منه تحديدا، ويتم استغلال الموظف واستنزافه وسلب جهوده تحت شعارات برّاقة كشعار العمل الجماعي مثلا!!.
– سياسات تعسفية: حيث يسود الشعور بالجبرية أو الحتمية ولا يوجد خيارات أخرى، وقد يصبح تواجد الموظف على المكتب أهم من الإنتاجية والتأثير، ويتم تصرّف الإدارة بشكل مزاجي وارتجالي ولا يتم شكر الموظف على تفانيه في عمله واعتبار ذلك واجبا لا يستحق الشكر عليه!!.
– يقال للموظف أنت محظوظ بالعمل هنا: وعلى الرغم من كون هذه الجملة قد تكون صحيحة في أوقات انتشار البطالة وصعوبة الحصول على عمل، إلا أنها يجب أن لا تأتي من إدارة المنظمة وإنما بتقدير ذاتي من الموظف أو بنصيحة من طرف ثالث.
– قسم الموارد البشرية لا يقدم المساعدة: حيث لا يتعاملون مع الموظف على أنه حقا مورد بشري مهم كما تتوجب وظيفتهم، وقد يكونون أحيانا جزء من المصاعب التي تواجه الموظف.
كيف يتصرف الموظف إذا كان يعمل في بيئة عمل سامة؟
هناك العديد من الآراء والنصائح الإدارية التي يقدمها المختصين وينبغي على الموظف الأخذ بها عندما يكون يعمل في بيئة عمل سامة، أهمها البحث عن وظيفة أخرى في مكان آخر، وذلك تلافيا للإحتراق الوظيفي والمشاكل الصحية، لكن عندما تكون الظروف الاقتصادية غير مناسبة والفرص الوظيفية محدودة فلابد للموظف الإستمرار في عمله مع الأخذ بالنقاط التالية:
– أداء العمل والمهام على أكمل وجه وبما يرضي الله عز وجل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).
– عدم المشاركة في القيل والقال والتذمر والشكوى للزملاء، والإبتعاد عن السلبيين والتمسك بالإيجابية وعدم التنازل عنها من أجل الآخرين.
– احتفاظ الموظف بسجل خاص به، يتم فيه تسجل جميع انجازاته، خصوصا إذا كان سرقة الجهود واستغلال الإنجازات ظاهرة في المنظمة التي يعمل بها.
– تحديد قائمة نشاطات لكي يبقى الموظف مشغولا خلال ساعات العمل، مثل قراءة صفحات من كتاب أو الإطلاع على بعض الأنظمة واللوائح بحيث يتم كسر الروتين اليومي والابتعاد عن الأجواء السلبية مع الحرص بأن ذلك لا يعطل سير العمل.
– فعل أشياء يحبها الموظف فور خروجه من العمل، لكي لا يجعل المناخ السلبي للعمل يحكم قبضته على حياته، ويلزم وضع حدود فاصلة بين الحياة العملية والشخصية.
– تشجيع النفس والثقة بها وفعل ما يحب، وعدم الاستماع لمن يحاول إحباطه، وعدم الإهتمام بمن يعمل على تهميشه، فمهما حصل لن يستطيع أحد التأثير على أي شخص بدون مساعدته.
– التطوير الذاتي والالتحاق بالدورات التدريبية، والإستمرار في تنمية الذات وتطوير المهارات وعدم العزوف عن ذلك بحجة عدم إتاحة الفرصة من قبل المنظمة التي يعمل بها.
– المحافظة على علاقات عمل إيجابية مع الجميع، والتصحيح السريع لأي خلل يحدث مع الآخرين.
– الاستعانة بعد الله بمتخصص، وذلك لأخذ المشورة الإدارية، ومعرفة ما ينبغي عمله وما ينبغي تجنبه، مع الحرص أن يكون هذا الشخص متخصصا في المجال الإداري أو صاحب تجارب سابقة.
المصادر: