جودة النوم و مصير الذاكرة
تثقيف صحي _ إعداد: أ. أبرار باعطية
لكل منّا ذاكرة قد تخذله بين الحين والآخر، سواءًا كُنا ننسى اسمًا أو نجد صعوبة في تذكر ما حدث في اليوم السابق، وقد يميل البعض الى الاعتقاد بأن السبب هو أننا مشغولون للغاية بالحياة ومشاغلها مما يؤدي بنا إلى النسيان أو صعوبة التذكر بشكل صحيح، إلا أن الحصول على قسط جيّد من الراحة في الليل قد يكون فارقًا كبيرًا في هذه المشكلة..
بدايةً علينا ذكر أن للذاكرة ثلاث جوانب أو مراحل:
- مرحلة الاكتساب: وهو الحصول على معلومات جديدة
- مرحلة الدمج: ويعني تخزين المعلومات التي تم اكتسابها
- مرحلة الإسترداد : وهو استعادة الذكريات من التخزين
وهُنا يلعب النوم دورًأ مهمًا في كل جانب من جوانب الذاكرة هذه، إذ أن النوم الجيد وتجنب الحرمان من النوم قد يُحدث فرقًا حقيقيًا في قدرتك على الحصول على معلومات جديدة وعلى التعلم.
الاكتساب والاسترداد للمعلومات يحدث عندما يكون المرء مستيقظًا بعكس الدمج، فإنه لا يحدث إلا أثناء النوم العميق، حيث أن الدماغ للشخص النائم يوفر الظروف المُثلى لتقوية الذاكرة.
النوم والذاكرة يتشاركان في علاقة معقدة، فعند الحصول على القسط الكافي من الراحة والنوم تتم معالجة المعلومات الجديدة بمجرد الاستيقاظ، وحتى النوم بعد التعلم يعمل على دمج المعلومات و الذكريات مما يسمح بتخزينها في العقل.
واستنادًأ على ابحاث أُجريت يمكننا القول بأن توطيد الذاكرة يحدث أثناء النوم من خلال تقوية الروابط العصبية التي تشكّل ذاكرتنا، ومما ذكره الباحثون أننا حين نحرم من النوم فإن تركيزنا و انتباهنا وحتى يقظتنا تنحرف، مما يزيد من صعوبة تلقي المعلومات إذ أنه وبدون النوم والراحة الكافيين لن تتمكن الخلايا العصبية من تنسيق المعلومات بشكل صحيح وقد نفقد قدرتنا على الوصول إلى المعلومات التي تم تعلّمها مسبقًا.
بالإضافة إلى ذلك قد يتأثر أيضًأ تفسيرنا للأحداث ونصبح غير قادرين على اتخاذ قرارات سليمة لأنه لم تعد لدينا القدرة على تقييم الموقف بدقة والتخطيط وفقًا لذلك ولا اختيار السلوك المناسب والصحيح للموقف.
أيضًا لقلة النوم والحرمان منه أثر على المزاج وبالتالي له عواقب على التعلم والذاكرة !!، تؤثر تغيّرات المزاج على قدرتنا في الحصول على معلومات جديدة وبالتالي يصعب تذكر المعلومات.
الأرق :
يُعرف الأرق بأنه الصعوبة المستمرة في بدء النوم أو الحفاظ عليه، وأيضًا معروف بأنه يُسبب ضعفًا إدراكيًأ أثناء النهار، هذه الإضطرابات التي تؤدي إلى النعاس المفرط اثناء النهار يمكن أن تُسبب هفوات في الذاكرة.
انقطاع النفَس النومي :
إضافةً للأرق يأتي انقطاع النفَس النومي والذي يُعزز من فقدان الذاكرة، ويُعرف بأنه الانقطاع المؤقت لمجرى الهواء أثناء النوم والذي يمكن أن يتسبب في اختناق الأشخاص أوتلهثهم بحثًا عن الهواء، طبقًا لنتائج الدراسات، فإن انقطاع النفس النومي يمكن أن يتداخل مع عملية تقوية الذاكرة، مما يجعل الناس يواجهون صعوبة في تذكر بعض ذكريات حياتهم .
الـزهايمر.. ماعلاقته بالنوم ؟
ذكر كتاب ” لماذا ننام للكاتب ماثيو وُوكر ” أن بروتين الأميلويد وهو أحد الفضلات السامة في الدماغ والمرتبطة بداء الزهايمر والذي يقوم بإزالته جهاز الـglymphatic أثناء النوم هو وغيره من الفضلات السامة الأخرى في الدماغ، أنه إذا تم الحرمان من نوم انعدام حركة العين السريعه بالتحديد فإن زيادة فورية لتراكم الأميلويد ستحدث في الدماغ إلى جانب عدد من السموم الأخرى وخاصة في المناطق التي تولّد النوم العميق، فتُهاجم هذه المناطق وتجعلها تتآكل وتتدهور. إذًا يمكن التعبير عن هذه المسألة بطريقة أخرى وأكثر بساطة أن ” اليقظة إضرارٌ منخفض السوية بالدماغ، في حين أن النوم معالجة عصبية له “
دورة النوم الصحية:
تتكون دورة النوم الصحية للبالغين من أربع مراحل متميزة، تعتبر المرحلتان الأوليتان من نوم حركة العين غير السريعة الخفيف NERM والثالثة هي النوم العميق من الـNERM، هذه المراحل الثلاث تقوم بإعداد عقلك لتعلم معلومات جديدة في اليوم التالي، وعدم النوم الكافي يؤدي إلى تقليل قدراتك التعليمية بنسبة تصل إلى 40% .
وخلال مراحل حركة العين غير السريعه هذه يقوم الدماغ أيضًأ بفرز ذكرياتك المختلفة من اليوم الذي يسبقه وكأنه يقوم بتصفية الذكريات المهمة والقضاء على غيرها.
في مرحلة الـREM وهي نوم حركة العين السريعة تحدث معظم الأحلام، و من خلالها ينقل مهاد الدماغ الإشارات من الحواس الخمس إلى القشرة الدماغية وتقوم بتفسير ومعالجة المعلومات من ذكرياتك.
إذًا.. يعاني الأشخاص الذين حُرموا من النوم الكافي تبعًا لذلك من صعوبة تذكر الأشياء وذلك لأن الدماغ لم يمتلك الوقت الكافي لإنشاء مسارات جديدة للمعلومات التي تم تعلمّها مؤخرًا..
يعتمد مقدار النوم الذي يجب أن تحصل عليه كل ليلة إلى حد كبير على عمرك، و أظهرت الدراسات إلى أن الأطفال إضافةً إلى البالغين يتمتعون بتقوية أقوى للذاكرة بعد النوم الجيد ليلًأ.. ولكن في كل الأمور يجب عدم الإفراط والمبالغة ، إذ أن النوم المفرط أيضًأ من الممكن أن يؤدي إلى ضعف الإدراك، لذا يجب الحصول على القدر الأمثل من النوم ليلًا .. لأن القليل أو الكثير من النوم قد يكون له أثار سلبية.
عدد الساعات الأمثل للنوم الليلي بناءًا على العمر حسب منشور نشرته وزارة الصحة:
المصادر: