الصرع
تقرير الجودة الصحية_إعداد: مبارك حمدان
يُعد الصرع من أقدم اضطرابات الدماغ التي عرفها الإنسان، والإصابة به لا تعني الجنون أو التخلف العقلي حيث لا صلة بين الصرع والمرض العقلي، ولكن قد يعاني المصاب بالصرع من الإحباط والاكتئاب أو القلق نتيجة خوفه من مرض الصرع خاصة إذا كانت استجابته للعلاج غير كاملة.
وفي حالات نادرة يمكن للصرع أن يكون مصاحبا باختلال نفسي أو اضطراب في الشخصية، كما يمكن للذاكرة أن تضطرب قليلا بسبب الاستعمال المتواصل للأدوية المضادة للتشنجات، ولكن مريض الصرع إنسان طبيعي ويجب أن يمارس نشاطاته وعمله وهواياته كأي شخص آخر.
وقد ورد ذكر الصرع قبل أكثر من 2000 عام قبل الميلاد، وهناك إشارات لذلك في النصوص الإغريقية القديمة وفي الإنجيل. ولم تكن هناك دراسات جادة إلا في أواسط القرن التاسع عشر، فقد كان السير تشارلز لوكوك أول من حدد المسكنات التي ساعدت على التحكم بالنوبات في عام 1857. وفي عام 1870 قام جون هغلنغز جاكسون بتحديد الطبقة الخارجية للدماغ، وعرفها بأنها ذلك الجزء المعني بالصرع. وأوضح هانز برجز في عام 1929 أن هناك إمكانية لتسجيل نبضات الدماغ البشري الكهربائية
وعليه، فإن الصرع حالة مرضية مزمنة ناتجة عن زيادة النشاط الكهربائي لخلايا المخ وينتج عنها اختلال في وعي المريض وتصرفاته لمدة مؤقتة تزول من دون إحداث أي تغيرات دماغية بعد زوالها. وليست كل حالات التشنج هي مرض الصرع؛ حيث إنه من الممكن لهذه التشنجات أن تحدث نتيجة أمراض أخرى مثل انخفاض نسبة السكر في الدم.
كيف نصنف النوبات التشنجية؟
صنفت المنظمة العالمية لمكافحة الصرع نوبات الصرع إلى نوبات كلية (Generalized Seizure)، ونوبات جزئية (Seizure Partial).
* النوبات الكلية: وهي النوبات التي يرافقها فقدان الوعي وقد تكون صغيرة، ينتج عنها فقدان الذاكرة حيث تبدأ بنظرة شاردة كالسرحان، وفقدان القدرة على النطق، أو الكلام غير المفهوم وكذلك توقف الجسم عن أي حركة، ثم تليها أحيانا رجفة بالعينين وهزة بالرأس أو حركات عشوائية متكررة مثل البلع أو فرك الوجه أو لمس الأشياء المجاورة ثم يفيق المريض. أما النوبات الكبيرة فينتج عنها فقدان للوعي مصاحب بتصلب في الجسم واحتقان في الوجه يليه هزات متكررة في الجسم كله وقد يصاحبها خروج زبد من فم المريض أو قد يعض المريض على لسانه أو يصاحبه خروج البول أو البراز خلال النوبة، وبعد هذه الهزات يدخل المريض في حالة نوم عميق لمدة زمنية متفاوتة حسب درجة الحالة، وعندما يفيق المريض لا يتذكر شيئا عن النوبة سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
* النوبات الجزئية: هي النوبات التي لا يفقد فيها المريض الوعي بل يكون مدركا خلال النوبة وبعدها، ويستطيع المريض أن يصف النوبة كاملة. ويمكن لنوبة الصرع أن تنتهي بنهاية النوبة الجزئية ويمكن أن تتطور إلى نوبة كلية صغيرة أو كبيرة
أسباب وعوامل الصرع:
يمكن عزو انواع معينة من مرض الصرع الى خلل في الجينات المسؤولة عن الطريقة التي تتصل بها خلايا الدماغ ببعضها البعض، لكن المعروف هو ان انواعا نادرة فقط من المرض هي التي تنجم عن جينات معينة معتلة. واكثر من هذا، يبدو ان الخلل في اي مجموعة من مئات الجينات يمكن ان يشكل عاملا مركزيا في نشوء وتطور مرض الصرع.
قد تحدث النوبة الصرعية، في حالات كثيرة، نتيجة لحادث، مرض او صدمة طبية، مثل: السكتة الدماغية التي تسبب ضررا للدماغ او تمنع وصول الاكسجين الى الدماغ. وفي حالات نادرة، قد يعود سبب ظهور مرض الصرع الى ورم في داخل الدماغ. وفي كل الاحوال، فان نوبات الصرع لا تحدث كلها بسبب عامل معين واحد يمكن تشخيصه وتحديده. وهذا ينطبق على نحو النصف من المصابين بمرض الصرع.
من بين عوامل الخطر:
- التاريخ العائلي
- اصابات في الراس
- سكتة دماغية او امراض اخرى في الاوعية الدموية
- امراض تلوثية في الدماغ، مثل التهاب السحايا وحدوث تشنجات وارتعاشات متواصلة خلال مرحلة الطفولة، جراء ارتفاع الحرارة والحمى.
ومن الأسباب المعروفة التي تسبب تشنجات مؤقتة تزول بزوال السبب ولا تعتبر حالة صرع: حالات انخفاض السكر بالدم، ونقص الكالسيوم وأملاح الصوديوم في الدم، وانخفاض الأكسجين في الدم مثل حالات توقف القلب المفاجئ، والفشل الرئوي، وفشل وظائف الكبد، وتعاطي المخدرات وتناول الكحول بكثرة.
ما العوامل المحفزه لحدوث النوبة ؟
قلة النوم – الإجهاد والتعب – ارتفاع الحرارة – شرب الكحول – المرض – الإمساك – اضطرابات الدورة الشهرية
أنواع الصرع:
* الصرع الجزئي (Partial Epilepsy)، وهو الذي ينتج عن زيادة الشحنات الكهربائية في جزء معين من المخ. ومن أمثلة ذلك: صرع الفص الأمامي، وصرع الفص الخلفي، وصرع الفص التيمبورالي. ومن الممكن أن ينتج عن إصابة معروفة أو غير معروفة في الدماغ ونادرا ما يكون وراثيا.
* الصرع العام (Generalized Epilepsy)، وهو الذي تبدأ فيه زيادة شحنات الكهرباء في المخ كاملا، ويصحبه فقدان الوعي مباشرة أو حركات لا إرادية في الأطراف من دون أي مؤثر أو إحساس سابق. وهناك أنواع عديدة من هذا الصرع، وتلعب الوراثة دورا مهمّا في معظم أنواعه ونادرا ما يكون نتيجة إصابة مبكرة في المخ أو خلل وراثي في إنزيمات أو كيميائيات الجسم. وتصيب أنواع الصرع المختلفة كل الأعمار.
* الصرع غير المحدد (Unclassified Epilepsy) ، إما لأن المريض يعاني من أعراض الصرع الجزئي والصرع العام معا، أو لأن الأعراض والفحوصات لا تسمح بتحديد نوع الصرع.
التشخيص:
يعتمد تشخيص مرض الصرع على عدة محاور:
أولا : التاريخ المرضي و الفحص السريري من قبل إختصاصي الدماغ والأعصاب من ضمنها سماع قصة ما حدث بالضبط من شاهد – غير المريض- كان موجودا وقت حدوث النوبة . ذلك لأن المريض غالبا ما يكون غائبا عن الوعي. و هي إحدى أهم الأدوات لتشخيص الصرع و نوعه
ثانياً : تخطيط الدماغ الكهربائي
أما الأداة الثانية لتأكيد التشخيص هي : أن يقوم الطبيب بعمل رسم كهربائي للمخ بواسطة جهاز يسجل بدقة النشاط الكهربائي للمخ وذلك بواسطة أسلاك تثبت على رأس المريض حيث تسجل الإشارات الكهربية للخلايا العصبية على هيئة موجات كهربائية ويتم تكرار هذا الإجراء لرصد نوبات المرض والموجات الكهربائية خلال نوبات الصرع أو ما بين النوبات يكون لها نمطاً خاصاً يساعد الطبيب على معرفة هل المريض يعانى من الصرع أم لا
ثالثا:الأشعه المقطعيه والرنين المغناطيسي:و لها فائدة كبيرة في تحديد الأورام الدماغية
كيفيه التعامل مع مريض الصرع أثناء النوبه:
- خلال السقوط، يجب منع المريض من أن يصاب بأذي (حماية رأسه من الصدمات المحتملة)
- خلال حركات التشنج، يجب إفراغ المكان حول المريض، وتجنب الأشياء الخطرة التي يمكن أن تضره .لهذا يمكن وضع بطانيات أوملابس علي الأرض في محاولة لتخفيف الصدمات.
- خلال فترة الغيبوبة، يجب إبقاء المريض في وضع آمن : مدد المريض علي جانبه مع جذب الرأس بعناية قليلاً إلى الخلف للسماح للعاب بالخروج ولتمكينه من التنفس. تمديد ( أثناء الغيبوبة). ريثما يستعيد صحوته، يجب مراقبة التنفس بعناية
- في أي وقت من الأوقات لا يجب التدخل في سير الأزمة. ويجب ألا تحول دون هزات أو حركات التشنج لأن هذا الأمر يعرضه لخطر الإصابة أو الضرر
- لا تضع أصابعك في فم الشخص أثناء حالة التشنج، فقد تتعرض لعض شديد وهذا لن يمنع الضحية من عض اللسان
- قم بإراحة المريض وإبلاغه عن أي إصابات.لا تحاول أن تتحكم في حركات المريض
- لا تحاول إعطاؤه أي دواء أثناء النوبة ولا تحاول إيقاظه منها
- تذكر دائماً أن المريض يكون بعد النوبة مرهقاً وخائفاً … حاول أن تهدىء من روعه قدر استطاعتك
- تذكر أن تسجيلك لحالة المريض أثناء النوبة ومدة النوبة نفسها مفيدة للطبيب المعالج
- لا تدع الشخص إلا بعد انقضاء الأزمة. بعد الأزمة، هذا الشخص لا يزال مضطرب ومرتبك لعدة دقائق
- مهما كانت هذه الأزمة، فمن الضروري أن استشارة طبيب الضحية لمعرفة لماذا وقعت هذه الأزمة (وقف العلاج، التعب، وتعاطي الكحول …)
العلاج:
يتم علاج مرض الصرع لدى معظم الاشخاص بفضل استعمال دواء واحد يكبح النوبات. وفي المقابل، قد يزداد عدد النوبات، حدتها وخطرها لدى اخرين، من جراء تناول الادوية.
اكثر من نصف الاولاد الذين تلقوا العقاقير من اجل علاج الصرع قد يستطيعون في نهاية المطاف التوقف عن تناول الادوية ليعيشوا حياة طبيعية بدون نوبات. عدد كبير من البالغين الذين يعانون من الصرع سيكون بمقدورهم، هم ايضا، التوقف عن تناول الادوية في حال مرور اكثر من سنتين على النوبة الاخيرة.
علاج الصرع بالدواء الصحيح والجرعة المناسبة قد يكون مهمة معقدة. من المرجح ان يوصي الطبيب المعالج بدواء محدد ووحيد بجرعة قليلة نسبيا، ثم يزيد الجرعة بصورة تدريجية حتى يصبح بالامكان التحكم بالنوبات. واذا ما جرب مريض ما بالصرع تناول عقارين منفردين دون جدوى، فقد يوصي الطبيب المعالج بدمج العقارين معا.
كل العقاقير المضادة لنوبات الصرع لها اعراض جانبية قد تشمل: التعب الخفيف، الدوخة وازدياد الوزن. وقد تظهر، ايضا، اعراض اكثر حدة منها: الاكتئاب، الطفح الجلدي، فقدان التناسق الحركي، مشاكل في التحدث والكلام والتعب الشديد.
من اجل تحقيق الضبط الاقصى للنوبات الصرعية، ينبغي تناول العقاقير طبقا لما يصفه الطبيب، بالضبط. كما ينبغي المحافظة على اتصال وتشاور دائمين مع الطبيب المعالج، لدى تناول اية ادوية اخرى، اي كان نوعها. ومن الممنوع اطلاقا التوقف عن تناول الادوية التي وصفها الطبيب المعالج بدون استشارته.
وفي حال لم يجد علاج الصرع بالادوية لكبح النوبات نفعا او لم تحقق نتائج مرضية، قد يوصي الطبيب بطرق علاجية اخرى، مثل المعالجة الجراحية او المعالجة الاشعاعية او الحمية الغنية بالدهون.
المصادر:
1- https://www.webteb.com/neurology/diseases/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%B9
2-http://www.altibbi.com/
3-http://archive.aawsat.com/details.asp?section=15&article=707637&issueno=12428#.VasKDRuqqko