معلوماتية صحية/ اعداد:ا.سماء الجشي

 

ولّت رؤية المملكة 2030 القطاع الصحي اهتمامًا كبيرًا ومن أحد أهداف برنامج تحول القطاع الصحي “توسيع تقديم خدمات الصحة الإلكترونية والحلول الرقمية، فضلاً عن تحسين جودة الخدمات الصحية، والتركيز على رضا المستفيدين عبر تطبيق واتباع أفضل المعايير الدولية القائمة على الأدلة”.

حجم البيانات في القطاع الصحي ضخم جدًا ومصادر المعلومات فيه متعددة ومختلفة مثل الملف الطبي للمريض والخدمات المقدمة له، سجلات الأمراض، الملفات الإدارية، الأبحاث الطبية، الأجهزة الطبية، وقد تشمل أيضا مواقع التواصل الاجتماعي. [1] تنقسم البيانات إلى نوعين: بيانات منظمة (structured data) أو بيانات غير منظمة (unstructured data). [2]

يساعد هذا الكم الهائل من المعلومات والتي يطلق عليها “البيانات الضخمة Big Data” على اتخاذ القرارات وتحسين الرعاية الطبية المقدمة من خلال تحليل البيانات وتصويرها ودراستها واتخاذ الإجراءات المناسبة بناءً على النتائج. وبالمنطق، فإن تحليل البيانات المنظمة سهل جدًا وقد لا يحتاج إلى أي تدخل بشري، بالمقابل تحليل البيانات غير المنظمة والتي تمثل 80% من البيانات في القطاع الصحي، يستدعي التدخل البشري في معظم الأحيان. ولكن التطور الرقمي أتاح لنا تحليل هذه البيانات باستخدام – Natural language processing  و Text mining –  بعيدًا عن الطرق التقليدية. [3]

ومن طرق تحليل البيانات آليًا استخدام لغة البرمجة بايثون Python والتي تستخدم ويعتمد عليها في علم البيانات بشكل كبير وواسع، ويفضل عدد كبير من مطوري التكنولوجيا الطبية استخدام بايثون في التطبيقات الصحية لأسباب عدة منها: بساطة تركيب الجمل أثناء البرمجة (Syntax)، مصدر مفتوح ومتاح للجميع (Open Source)، التوافقية “Interoperability” أي سهولة تبادل المعلومات مع التقنيات ولغات البرمجة الأخرى وتوافقه أيضا مع قانون نقل التأمين الصحي والمساءلة [ Health Insurance Portability and Accountability Act (HIPAA) ]

تساعد بايثون في بناء خوارزميات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، والتي بدورها تساعد في التشخيصات الطبية [5]. أثبتت إحدى الدراسات العلمية بعنوان An application of machine learning to haematological diagnosis في عام 2018 بأنه يمكن التنبؤ -باستخدام النموذج التنبئي للتعلم الآلي machine learning predictive model – بأمراض الدم عن طريق نتائج الفحوصات المخبرية للدم فقط والتي تظهر أكثر بكثير مما ينظر له الأطباء ويعتمدون عليه في نتائج الفحوصات بالعادة. [6]

قد تستفيد المستشفيات أيضًا من تحليل البيانات باستخدام لغة البرمجة بايثون لتنظيم العمل وتوزيعه. مثلًا، إذا تم جمع بيانات قسم الطوارئ ولوحظ ارتفاع عدد المراجعين في أيام عطلة نهاية الأسبوع (الجمعة والسبت) في فترة زمنية معينة (من الساعة العاشرة مساءً حتى الواحدة فجرًا)، فيتم بناءً على هذه المعلومات زيادة عدد المناوبين في هذه المدة وتقليل عدد المناوبين في الأيام التي يلاحظ فيها أقل عدد من مراجعي الطوارئ مما يساعد على تقليل أوقات الانتظار وتقديم رعاية أفضل للمرضى.

ومن الأمثلة الأخرى استخدام بايثون في تصميم نموذج لتعلم الآلة في الورقة البحثية الصادرة عن “لين لحلول الأعمال” لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعرف على حالات عودة مريض القلب في المستشفيات التابعة لوزارة الصحة بالمملكة ما بين عامي ٢٠١٦ و٢٠١٩. [7]

بالمختصر، عملية تحليل البيانات تتكفل بدراسة التوقعات وتترك لنا مهمة اتخاذ القرارات وبناء الاستراتيجيات. وقد أثبت برنامج أداء الصحة التابع لوزارة الصحة السعودية أهمية البيانات وفاعلية نتائج تحليلها للحصول على المؤشرات التي تساعد في تحسين الرعاية المقدمة للمريض.

ختامًا، يعتقد المختصون بأهمية لغة البرمجة بايثون بكونها أساس لبناء الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة وينصح بتعلمه لكل المهتمين والراغبين بتطوير مهاراتهم في مجال المعلوماتية الإكلينيكية.
 المصادر: