امتدادًا للحراك المستمر في القطاع الصحي السعودي، صدرت موافقة المقام السامي الكريم بتأسيس شركة الصحة القابضة وتنظيم مركز التأمين الصحي الوطني إيذانًا بِبدء مرحلة مفصلية وهامة من مراحل التحول في نظام الرعاية الصحية بالمملكة أشبه ماتكون بالفطام و الفصال. بموجب هذا القرار والتوجه تتفرغ مهام وزارة الصحة إلى التنظيم والإشراف (من منظم ومشرّع، ومقدّم للخدمات الصحية، و مموّل إلى إدارة الأداء، و رسم السياسات والإستراتيجيات و التخطيط)، على المؤسسات الصحية بقطاعيها العام والخاص، فيما تنتقل مسؤوليات تقديم خدمات الرعاية الصحية إلى شركة الصحة القابضة وفقًا لنموذج الرعاية الصحية الحديث بمستوياتها المختلفة، بينما يتولى مركز التأمين الصحي الوطني تمويل وشراء الخدمات الصحية ليحصل المستفيدين عليها مجانًا دون مقابل.

لحين ورود تفاصيل إضافية، نستعرض على عجالة أبرز ملامح الكيانين حديثي الإنشاء. 

 

شركة الصحة القابضة والتجمعات الصحية:

 

  • شركة الصحة القابضة: هي شركة حكومية تأسست بقرار مجلس الوزراء السعودي في 3 ذو القعدة 1443هـ الموافق 2 يونيو 2022م. ووفقًا للقرار سينتقل منسوبو وزارة الصحة إلى العمل تحت مظلة شركة الصحة القابضة والتي تتولى بدورها تقديم الخدمات الصحية من خلال عدد من الشركات والمؤسسات الصحية المتخصصة (مراكز رعاية صحية أولية – مستشفيات – مختبرات – عيادات تخصصية – مراكز تأهيل…الخ) تتبع لها وتخضع لإدارتها. تنتظم هذه الشركات والمؤسسات الصحية في تكتلات ومنظومات صحية متكاملة وشاملة تعرف بالتجمعات الصحية تتوزع جغرافيًا لتغطي كل أنحاء المملكة.   
  • التجمع الصحي: هو عبارة عن “شبكة متكاملة ومترابطة من مقدمي خدمات الرعاية الصحية الخاضعة لهيكل إداري واحد، وتقدم خدماتها لشريحة من سكان المملكة، وتسمح بتنقل الكفاءات الطبية ضمن منظومة التجمع الطبي”. بطريقة تكاملية وتناسقية، ستعمل التجمعات الصحية على تقديم خدمات الرعاية الصحية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية عالية الجودة للأفراد والمجتمعات القاطنة ضمن نطاق جغرافي معين من خلال منظومة من المؤسسات الصحية  تمتلك جميع الموارد البشرية والمادية اللازمة تتناسب مـع نـوع المخاطـر الصحيـة والاحتياجات التـي تميـز التجمـع الصحـي وتتأثر بالتركيبة الاجتماعية والاقتصادية لذلك المجتمع.

 من أبرز التساؤلات التي أثيرت خلال الايام الماضية في هذا الجانب طرحت من قبل منسوبي وزارة الصحة وكانت تتعلق بألية التعامل معهم بعد انتقالهم إلى ملاك شركة الصحة القابضة فيما يتعلق بالعقود والرواتب والعلاوات والتقاعد أو الاستقالة. إلا أن تصريحات وزير الصحة والمسؤولين جاءت مطمئنة بأن حقوقهم ورواتبهم لن تمس في بداية الانتقال، وما نزال في انتظار نشر المزيد من المعلومات في هذا الخصوص من مصادرها الرسمية.  

 

التأميــن الصحــي الوطنــي:

 

ستوجه الميزانية المخصصة للصحة والمدفوعـة مـن قبـل الحكومـة لسداد التغطيـة التأمينيـة لكامل حزمة المنافع التي يحتاجها المستفيدون من خدمات التجمع الصحي بما في ذلك الأدوية والمستلزمات الطبية. بحيث لن يطلب من المواطن/المستفيد من الخدمة سداد أي رسوم مالية للحصول على التأمين.  

تشكل المنطقة الجغرافية التي تغطيها خدمات التجمع الصحي مجتمعًا سكانيًّا له خصائصه الاجتماعية والاقتصادية (عدد السكان – عمر الأفراد – نسبة الذكور للإناث – عدد الأطفال – الولادات – الوفيات – الأمراض المزمنة المنتشرة – نسبة التعليم – نسبة البطالة – مستوى المعيشة .. الخ) وسيراعي تمويل الخدمات الصحية خصائص هذه المجتمعات واحتياجاتها. سيكون تمويل خمات الرعاية الصحية مبني على القيمة والأداء والنتائج، وهو ما سيكفل رفع الجودة.   

من أبرز التساؤلات التي أثيرت خلال الايام الماضية في هذا الجانب طرحت من قبل المستفيدين من خدمات الرعاية الصحية وكانت تتركز عن مجانية الحصول على العلاج. وفي هذا الجانب أكدت التصريحات الصادرة من وزير الصحة والمسؤولون لوسائل الإعلام أن الرعاية الصحية ستمول من خلال مركز التأمين الوطني، وسيكون الحصول عليها مجاناً دون مقابل مادي للمواطنين/المستفيدين الذين يترقبون المزيد من التفاصيل بهذا الشأن.

إجمالًا أكد الخبراء والمتخصصون في الشأن الصحي أن التوجه الأخير سيرفع من جودة و أداء القطاع الصحي في المملكة و سيرشد الإنفاق وسيُسهم بإذن الله في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

 

بقلم/ د. أسامة فلاته

طبيب غير ممارس، مهتم بالسياحة الطبية و تحسين تجربة المريض و دعم المرضى.