الموارد البشرية كميزة تنافسية

 

تعرف بيئة الأعمال في الوقت الحاضر شدة منافسة وكثرة منافسين في ظل اقتصاد السوق الذي من بين خصائصه إزالة القيود الجمركية ورفع حماية الدولة للمؤسسات، وبالتالي فإن المؤسسة الاقتصادية ستجد نفسها مضطرة لمواجهة هذه المنافسة: مما يحتم عليها العمل على الأقل للبقاء في السوق، ولعل ما يساعدها على ذلك حصولها على ميزة تنافسية تعتبر بمثابة صمام أمان لمواجهة المنافسين.

كما يشهد قطاع الخدمات الصحية حالة من التنافس الشديد في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع وعولمة الأسواق وانفتاحها وتنامي احتياجات أسواق العمل وحاجات ورغبات العملاء في الأسواق المحلية والإقليمية لمواكبة متطلبات العصر. وأصبحت مسألة الخدمات الصحية بشقيها العلاجي والوقائي من المسائل المهمة التي أولتها الدول جل اهتمامها خاصة عندما اعتبرت منظمة الصحة العالمية أن الخدمات الصحية خدمة قابلة للتداول بين الدول، وأهمية انفتاح الخدمات الصحية على العالم أجمع لما تشكله من فرص لتطوير المجتمعات والرقي بها إلى المستويات العالمية.

يعنى التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية بوضع التصور طويل الامد لقسم الموارد البشرية من خلال وضع جميع امكانيات المنظمة (المالية والمعلوماتية والبشرية والفكرية) ضمن حزمة واحدة لتحقيق هدفها مع موائمة التخطيط الخاص بقسم الموارد البشرية مع الخطة الاستراتيجية وذلك من خلال فرز احتياجات المنظمة من الطاقة البشرية لمدة معينة والعمل على البحث عنها وتعيينها وتدريبها وتطويرها من اجل تحقيق الرؤية الموضوعة ضمن الخطة الاستراتيجية لها. اضافة الى ذلك تعيين الكفاءات واستقطابهم كنوع من تعزيز الطاقة البشرية للمنظمة بالقيمة المضافة للعنصر البشري والموجود ضمن سوق العمل مما يهيأ لها ميزة تنافسية مع نظيراتها من المنظمات العاملة في نفس المجال.

ما هي الميزة التنافسية؟

تُعرف الميزة التنافسية في الأعمال التجارية بأنها السمة التي تسمح للمنظمة للتفوق على منافسيها. ويمكن أن تشمل الميزة التنافسية الحصول على الموارد الطبيعية، مثل الخامات عالية الجودة أو مصدر طاقة منخفض التكلفة، والعمالة ذات المهارات العالية، والموقع الجغرافي، والعوائق المرتفعة للدخول إلى الأسواق، والوصول إلى التكنولوجيا الجديدة.

استراتيجيات تحقيق الميزة التنافسية بالقطاع الصحي

  • التكلفة: يتم تصميم الاستراتيجية لتحقيق ميزة تنافسية من خلال تقديم خدمات صحية مقابل رسوم منخفضة.
  • التمايز: تتبنى الاستراتيجية تقديم خدمات صحية عالية الجودة تؤدي إلى تمييز العلامة التجارية وولاء العملاء.
  • التركيز: يتم تصميم هذه الاستراتيجية لتحقيق اختراق في مجال تقديم خدمات صحية لفئات معينة بذاتها (أطفال ومواليد، كبار السن، معاقين، غيرهم) باستخدام استراتيجيتي التمايز والتكلفة.

وتلعب الموارد البشرية المؤهلة دورا كبيرا في تحقيق الميزة التنافسية لأي مؤسسة صحية عند تطبيقها لأي من استراتيجيات تحقيق الميزة التنافسية السالفة الذكر. فالاستثمار في العنصر البشري المحلي يساعد كثيرا في خفض تكاليف توظيف وتعيين العمالة الأجنبية ذات الأجر العالي المرتفع، مما ينعكس على انخفاض تكاليف رسوم الخدمات المقدمة للمريض.   

ولا ننسى دور العنصر البشري المدرب والمؤهل والمحترف في قدرته على تقديم أفضل خدمات وبجودة عالية وعلى مدى طويل لكافة المستفيدين وخير مثال على ذلك حصول معظم المؤسسات الصحية (الربحية/غير الربحية) على شهادات الاعتماد والتميز من قبل مراكز الاعتماد المحلية والعالمية.

كما أن اهتمام الموارد البشرية بداية بتوظيف واستقطاب المتخصصين ومن ثم تدريبهم وتأهيلهم في تخصصاتهم النادرة، يكفل ويمنح المؤسسة التركيز على التعامل مع الفئات الخاصة وتقديم أفضل خدمات رعاية صحية وبرسوم منخفضة.

أمثلة على بعض المزايا التنافسية في الرعاية الصحية

  • التركيز على الخطط والفكر الاستراتيجي
  • مستوى أرباح جيد ومركز مالي مستقر
  • البيئة المواتية للاقتصاد والأعمال
  • السمعة الحسنة
  • القاعدة الواسعة من العملاء
  • نظم معلوماتية متطورة يدعمها كادر فني وإداري عالي التأهيل
  • اتفاقيات التعاون المشترك
  • الجهود المتواصلة لكي تصبح المنظمة مركزاً طبياً معتمداً على المستوى الدولي
  • الخدمات الشاملة
  • شبكة العقود الخارجية
  • فريق إدارة واسع الخبرة

وأخيرا يمكننا أن نوصي مؤسسات الرعاية الصحية بضرورة التمسك بالموارد البشرية المتاحة لها حاليا واستقطاب الكفاءات المتميزة والاحتفاظ بها ودعمها وتطويرها واعتبارها ميزتها التنافسية التي تنافس بها محليا وعالميا.

بقلم/د. أميرة عبد الرحمن أحمد برهمين

مستشفى النور التخصصي – مكة

إدارة تخطيط الموارد البشرية