في حماية ابنة ياقوتة (الجزء الأول )
كيف لا أحكي عن قصتها معي وهي من تحكمت بساعتي البيولوجية؟؟ وهي من قادتني للجنون…؟ وهي ملهمتي…؟ منبهي! والحارس الشخصي…؟ توبتي قدمتها بين يدي منبهها…! لا مرابطة بعد اليوم
– الحادية عشرة مساءاً… (مصافحة أولى)
لقاؤنا الأول… الصداع في اقوى مراحله. جارتي مشغولة جداً. تركتها في خضم نقاش حاد مع الممرضات لتوضيح دورها ودور زميلاتها في مساعدة المريض والاهتمام به والحفاظ على سلامة المستشفى والموظفات وذلك بتنظيم الامن الداخلي بحيث يتم السيطرة على الحركة البشرية الكبيرة من زوار ومرضى وعاملين وايضا بتوفير الجو الأمني للعمل وتنفيذ قرارات الإدارة بتحديد ساعات الزيارة والسيطرة على مسببات الازعاج او مخالفة تشريعات السلامة. وبعد انصراف الممرضات. التفتت لي. بادرتها بالترحيب. أهلا بك. أنا إيمان سريري هنا بجانبك…! أهلا. أنا بشرى مشرفة مسؤولات الأمن والسلامة بالقسم النسائي بمستشفى منى الوادي.
– الرابعة فجراً… (دعاء لياقوته)
–الله يرحمك يا ياقوتة…! الله يغفر لك …! الله يسكنك فسيح جناته…!
صوت ابتهال خاشع في جوف الليل يوقظني. تقلبت في الفراش. انها بشرى على سجادتها تصلي وتدعي. حاولت أن أستوعب …! من هي ياقوته…؟ وعدت للنوم مرةً أخرى.
– السابعة صباحاً… (محاضرة على الفطور)
اصطحبتني بشرى لصالة الفطور. وأخذت تشرح لي كيفية استلامها للمباني. ففي عهدتها مبنى أ ومبنى ب ومبنى السكن وكانت فخورة بإنجازاتها هي وفريق عملها من شركة الامن والسلامة. فقد تم استلام المباني فارغة وبدأ الموظفين والموظفات في مباشرة عملهم من بداية شهر ذي القعدة الماضي وقد تم تركيب وترتيب الاجهزة والاسرِّة وتم عمل صيانة للمصاعد وتجهيز كل شيء في المباني كلها. وكان اهتمامها الأكبر هو تأمين المستشفى وادارة أنظمة الامن والسلامة ومراعاة احتياطات الصحة المهنية.
– الثانية مساءاً… (السلامة للجميع)
في طريقي للغداء. بشرى تشرح لصديقاتها مشرفات الأمن والسلامة عن الصحة المهنية فهي علم مهم جدا يهدف إلى حماية العاملين بمنشآت العمل من الحوادث المحتملة التي قد تسبب بإصابات للعامل أو وفاة لا قدر الله وأيضاً أضرار لممتلكات المنشأة. وأن هذا العلم يترسخ بعدة معايير يجب إتباعها للحفاظ على سلامتنا وسلامة من حولنا. وكررت أن السلامة للجميع وأنها مسؤولية الجميع بتكاتفهن ليعملن في بيئة عمل آمنة ومطمئنة. أحسست في الأيام التالية بفخامة مهمتها وأنني في قربها مؤمنه و بأنني محمية بدورها الجلي في المستشفى من بعد حماية الله سبحانه وتعالى وأن هناك من يرعى سلامتي والاهتمام بالسلامة المهنية، منحني كموظفة شعوراً بالراحة والقدرة على إنجاز عملي في وقت أسرع وبجودة عالية، حيث أنني ليست مجرد أداة لإنجاز المهام فقط، دون النظر إلى سلامتي وحمايتي من المخاطر، مما أدى فعلياً إلى ارتفاع معنوياتي وحبي للمهام الموكلة لي.
حقاً يجب الاهتمام بمعايير الأمن والسلامة المهنية، للحفاظ على العاملين بالمؤسسات من التعرض للمخاطر والإصابات، كما أن لذلك أثر إيجابي على المؤسسات وسير العمل بها وزيادة الإنتاجية، والتي تؤثر بدورها على الاقتصاد الوطني.
– العاشرة مساءاً… (تطبيق السلامة ضرورة للتحسين)
أنا: إلى أين…؟ ألن تنامي…؟ بشرى: ينتظرونني في اجتماع السلامة مع صديقاتي كوثر وعائشة مسؤولات الأمن والسلامة. حسناً سأنتظر عودتك. وهنا وجدت فرصة لمراجعة متطلبات السلامة الأساسية في المجلس السعودي للجودة سباهي CBAHI ووجدت منها ستة معايير متصلة بسلامة المنشئات والمرافق. ووفقًا لمبادئ التحسين الدائم في الجودة فإنه يجب القيام بمراجعة دورية للأداء ولكل ما يسمح بالوقاية من الحوادث والأمراض المهنية. وانه خلال العقود الماضية، تمّ تطبيق أنظمة إدارة السلامة والصحة المهنية في شكل واسع في البلدان الصناعية والمتقدّمة من خلال تضمين المتطلّبات القانونية في التشريعات الوطنية وتعزيز المبادئ التوجيهية الوطنية وهكذا فإنه من الضروري اعتماد نظام إدارة السلامة والصحة المهنية عند تطبيق إجراءات الوقاية والحماية في مكان العمل لتحسين شروط وظروف وبيئة العمل.
أن الحفاظ على صحة العامل وسلامته، يؤدي إلى استمرار وقوة دوران عجلة الإنتاج وتوفير بيئة آمنة للعاملين بالمنشأة، تنفيذ شروط معايير الجودة المنصوص عليها في قانون العمل، وأخيراً نشر ثقافة الأمن والسلامة المهنية في المجتمعات.
– الرابعة فجراً… (سؤال مُلح…!)
–الله يرحمك يا ياقوتة…! الله يغفر لك …! الله يسكنك فسيح جناته…!
تأكدت من صوتها ككل ليلة. انها بشرى … سؤال محير يجول في خاطري…! من هي ياقوته…؟ اسمها فريد ومميز. وعدت للنوم مرةً أخرى.
– السابعة صباحاً… (منبهي المخلص)
من حولي مديرات البرامج. اوامر لا تنقطع. رئيسات الأقسام. حركة لا تهدأ. نداءات متكررة. مشرفات التغذية. أعداد وإحصائيات. منسقات الوحدات. مرضى محولين وحجاج منومين. سيل من المكالمات والمنبهات لم تصمت. ايقنت أنني في الغرفة التي لا تنام أبداً. لمسة حانية. هيا استيقظي انها السابعة صباحاً. !! بشرى ارحميني لم أسمع صوت منبهي بعد !! انا لم أنام أصلاً…! بشرى: هيا استيقظي أنا منبهك…! وناولتني كوباً من قهوتها العربية المنعشة. ابتسمت لها وبدأت في تجهيز ملابسي. كانت هي منبهي بالفعل فترة المرابطة. بشرى الدؤوبة تنام بعد أن نغط جميعنا في سبات عميق وتستيقظ قبلنا لتأمين مبنى السكن والمستشفى لنا. لم أجرؤ على سؤالها ككل مره: من هي ياقوته…؟
– الواحدة مساءاً… (ترسيم وتعريب)
بشرى في أحد الممرات تتناقش مع زوجة حاج ألماني مريض ولاحظت صعوبة في لغة التواصل. طلبت لها المترجم الالماني وتم حل المشكلة. تطرقت مع بشرى بعد ذلك لنوع تدريبها وماحصل عليه من دورات لتلفت انتباهي الى ان برامج اداره السلامة الصحية والمهنية المتحدثة باللغة العربية قليله جدا، ويعزى قله هذه البرامج إلى كون مفهوم السلامة المهنية غير ناضج في الدول العربية ومنطقة شرق المتوسط. وان قله وندرة الأنظمة المتحدثة او المترجمة إلى اللغة العربية يؤدي إلى ضعف الإلمام بهذه الأنظمة وتطبيقاتها في العالم العربي. وفي محاولة لإيجاد حلول لمشكلتها قالت بشرى نحتاج لترسيم لهذه الوظيفة واستحداث كادر وظيفي يضمن وجود سلم رواتب ثابت. كما نحتاج الى تعريب لمادتها التدريبيه والى دورات تقوية للغة الانجليزية ولتوفير مراكز تدريب خاصة ومدربين مؤهلين، لرفع مستوى موظف الامن.
يتبع للجزء الثاني …
بقلم/ أ. أيمان أسامة شرف
أخصائية جودة إدارية