تبذل قيادتنا الرشيدة وفقها الله الأولوية القصوى لصحة المواطن ، ويتضح ذلك جليًّا وبشكل يكاد يكون يومي من خلال التحديث والتطوير المستمر في المنظومة الصحية وآليات العمل الصحي ومستهدفاته التنموية سواء على المدى الطويل أو القصير، حيث حملت رؤية المملكة 2030 مضامين محققة للتطلّعات السامية للقيادة الحكيمة إذ تنصّ الرؤية على “منظومة صحية تسهم في تعزيز وحماية ورعاية صحة الفرد والمجتمع”.

وتأسيسًا على ذلك فإن من المعاني الضافية والمستهدفات الهامة لتلك الرؤية السديدة العناية بتجربة المريض بهدف الإرتقاء بجودة الخدمة الطبية المقدمة، وإذا كانت تلك تطلعات الرؤية فإن مسؤولية تحقيقها تبقى مسؤولية الممارسين للعملية الصحية بكافة قطاعتها سواء الطبية او المساعدين لتطبيق مفهوم العناية بتجربة المريض وبناء الثقة بين الكوادر الطبية والمريض بما يعود بالخير العميم سواء على الوطن أو المواطن.

حصل لي موقف في احدى المستشفيات، ذات مرة رأيت امرأة مسنّة على كرسي متحرك وفي عينيها نظرات الحزن، أتيت لأسألها إن كانت تريد شيئا؛ لأنني لم أرى سوى الخادمة برفقتها فقالت: أنا يا أبنتي امرأة مسنة ولا احتمل الجلوس على الكرسي فترة طويلة وأريد فقط من يشعر بي، أنا ليس لي سوى الله سبحانه والخادمة التي ترينها  “هي لا تعي و لا تعلم عن ديارنا أي شيء ” وعندما ذهبت إلى الاستقبال حتى استفسر؛ لأنني انتظرت كثيرًا واتفاجأ برد “غيرك منتظرون كثيرًا وأتوا قبلك بساعات يا خالة”!!  يا ابنتي تمنّيت أنها راعت كبر سني، وتحدّثت معي بصوت هادئ وقالت سأحاول قدر المستطاع كي تدخلين على الطبيبة ولن تتأخري اكثر من ذلك ، سوف تتبدل حالتي وأطمئن واقوم بتلاوة مصحفي حتى يحين دوري. هذه السيدة المسنة طرحت المشكلة وعرضت الحل في آن واحد.

إن اهم ما يحتاجه المريض في اللحظة الأولى لطلب الخدمة الطبية الشعور بالاهتمام بمعاناته، وكأنه الوحيد صاحب المعاناة ولا أحد غيره. ويتخذ ذلك الشعور بالاهتمام من الاداريين والفريق الطبي بالمريض في اللحظات الاولى ومنحه الوقت الكافي للتعاطف مع حالته مهما كانت تبدو بسيطة من وجهة نظر الفريق الطبي؛ لكنها بالنسبة للمريض تعد معاناة وألمًا يحتاج معه إلى أن يشعر باهتمام كل من حوله ولاسيّما الفريق الطبي.

هنالك الكثير من القصص التي تروى والحكايات والحوارات التي تدور بين الفريق الطبي حول الحالة المرضية وعندما يبدأ المريض السؤال عن حالته أو عن نتيجة التحاليل الطبية ليجد المريض نفسه في مواجهة مع سيل من المصطلحات الطبية التي لا يعرف معناها ولا بماذا تتعلق؛ لذلك فإن العناية بتجربة المريض تبدأ من اللحظة الأولى لاستقبال المريض، لأن المريض يبدأ في تسجيل انطباعاته منذ وصوله إلى مدخل المنشأة الصحية ،فإن بدأت اللحظة الأولى بداية جيدة ثم واجه صعوبات في المنتصف فقد يبدأ المريض في التعميم على التجربة بالمجمل انها ليست موفقة، ولذا فإن الكلمات الأولى التي يسمعها المريض تجعله يبدأ في تسجيل انطباعاته عن تلك التجربة. فحسن المعاملة والرفق  بالمريض من جميع العاملين في الأوساط الطبية اول ما يحتاجه المريض لاسيما كبار السن.

كما قال رسولنا الكريم ” تبسمك في وجه أخيك صدقة ” ولذا هي دعوة نوجهها إلى كافة العاملين في الوسط الطبي حول أهمية العناية بتجربة المريض والإحسان إلى كبير السن والرجل والمرأة والصغير وجميع المرضى فجميعهم بحاجة إلى لمسة إحسان.