مستشفيات بدون جدران
إعداد: أ. ياسمين فيصل
مستشفيات بدون جدران معك أينما ذهبت ترتديها لعيش حياة تملؤها الصحة والعافية. نعم اصبت اتحدث عن التقنيات التي يمكن ارتدائها اذ ان لها شعبية كبيرة في الوقت الحالي وخصوصا بإعادة تشكيل الرعاية الصحية وليس من الصعوبة معرفة السبب. اذ ان لديها القدرة على متابعة حالة المريض خارج المستشفى بشكل مستمر عن طريق قياس العلامات الحيوية كنبضات القلب، الضغط، الحرارة و معدل التنفس ومعدل الاكسجين في الدم وحتى نمط وجودة النوم. لذا بإمكاننا القول ان هذه الأجهزة سوف تحدث ثورة بالنظام الصحي اذا تم نشر الوعي عن تطبيقاتها واهميتها على رفع جودة الحياة. في هذا المقال سوف نذهب في رحلة لنكتشف كيف يمكن لأجهزة صغيرة يمكن ارتدائها بناء مستقبل الرعاية الصحية تماشيا مع رؤية المملكة في القطاع الصحي.
أولا، التحول في القطاع الصحي يشمل أربعة اهداف استراتيجية ١. تسهيل الحصول على الخدمات الصحية، ٢. تحسين جودة وكفاءة الخدمات، ٣. تعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية، ٤. تعزيز السلامة المرورية. عند استخدام هذه الأجهزة فإن متابعتها لحالتك الصحية تعزز الوقاية من الامراض بتوفير رعاية شخصية عن طريق تحليلها لبياناتك والكشف المبكر عن بعض المخاطر الممكنة اذ ان الكشف المبكر يؤدي الى التدخل السريع ونتائج افضل مع خفض التكلفة والتقليل من وصول المرضى الى الحالات حرجة.
ثانيا، نحن في العادة ضحايا لنمط حياة غير صحي. بناءا على الاحصائيات فإن نسبة الوفيات الناتجة عن الامراض المزمنة في السعودية تصل تقريبا الى ٧١ بالمئة. كثير من تطبيقات الساعات الذكية تحتوي على اشعارات مبنية على خصائص دقيقة لتحفز على عادات صحية مثل المشي، الاكل الصحي، و تحسين النوم. مثلا، اذا لم يمشي الشخص لمدة طويلة سوف ترسل اشعارات لأهمية الحركة والتمارين. بهذه الطريقة ممكن ان تساهم تطبيقات الأجهزة المرتدية على تقليل معدل الامراض المزمنة مثل السمنة، السكر، الضغط، و القلب والذين يشكلون حمل أساسي على تكلفة القطاع الصحي وجودة الحياة. أخيرا فان الصحة الجيدة في الكبر هي نتيجة اتباع نظام حياة صحي منذ الصغر.
ثالثا، مازلنا نعاني من ان احتياج المرضى يتجاوز القدر الاستيعابية للمستشفيات. وهذا يؤدي الى ساعات طويلة في الانتظار وشهور عديدة للحصول على موعد والذي قد يؤدي الى تدهور حالة المريض والتدخل الطبي المتأخر. لكن عند استخدام هذه التقنيات يمكننا تقسيم حالات المرضى بناءا على الخطورة الى من يحتاج الى الذهاب فعليا للمستشفى ومن يحتاج فقط الى مراقبة عن بعد من خلال جهاز بسيط يمكن ارتداؤه متصل مع الطبيب المسؤول لمتابعة حالته وتفعيل تنبيهات عند الحاجة لتدخل فعلي من الجهة المسؤولة. وهذا أيضا مهم للغاية للأماكن النائية والقرى التي تفتقر الى قوى عاملة صحية ذات كفاءة عالية. وأخيرا يمكن التقليل من الزيارات المتكررة للمستشفى للحالات الغير مستقرة عن طريق متابعتهم لحظة بلحظة واشعار ممارسو الرعاية الصحية للتدخل السريع عند حدوث أي تدهور بالحالة قبل ان تكون اكثر خطورة.
رابعا، لقد اثبتت هذه التقنيات فعاليتها في الصحة النفسية. جميعنا نعلم على مدى خطورة حالات الاكتئاب والقلق على الفرد والمجتمع وبنفس الوقت صعوبة تشخيصها وعلاجها. لكن عند استخدام الأجهزة المرتدية سوف تتمكن من تحديد اضراب في معدل ضربات القلب ومعدل التنفس والمساعدة في تحديد العلامات المبكرة للضغط والقلق وبالتالي امكان التدخل الطبي بأسرع وقت قبل الوصول الى مراحل خطرة من الصعب التحكم فيها.
خامسا، لطالما كان لكبار السن دور فعال في المجتمع كقادة ذو خبرة في مختلف المجالات ومع ذلك فإنهم أيضا بحاجة الى رعاية صحية مكثفة حيث انهم اكثر عرضة للأمراض المزمنة. من المتوقع في السنوات القادمة ان يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم ٦٠ سنة واكثر بنسبة ٦٤٪ ويفوق عدد الشباب عالميا. ومن هنا تأتي ضرورة دعمهم عن طريق هذه الأجهزة لتوفير رعاية صحية متكاملة تراقب حالاتهم ومستوى الحركة و التنبؤ عند الحاجة الى التدخل الطبي الطارئ. مثال، عند مراقبة حركة الشخص فانه بالإمكان معرفة اذا كان هناك خطورة اغماء فمن الممكن ارسال اشعارات لممثلي الرعاية الصحية للتدخل في اسرع وقت والحد من حدوث إصابات خطيرة.
لكل شيء سلبيات وإيجابيات ولا تخلو هذه التقنيات من بعض السلبيات التي من المتوقع التغلب عليها في المستقبل، أولا، الخصوصية، حيث تجمع هذه الأجهزة بعض المعلومات الشخصية والصحية. ولكن مع وجود تطبيقات تؤمن الحفاظ على سرية البيانات وعدم افشائها الا للأفراد المصرح لهم والزام وجود سياسة خصوصية محكمة يمكن حل هذه المشكلة. ثانيا، دقة تنبيهات هذه الأجهزة، مع وجود اثباتات علمية على مدى فعالية ودقة هذه الأجهزة الا انه هناك دائما احتمالية وجود بعض الأخطاء. وهذا حساس بالنسبة للتشخيصات والتنبيهات الخارجة من الجهاز لأنها ممكن ان تعطي علاجات خاطئة وتؤدي الى نتائج غير مرغوب بها.
عند دمج التقنيات التي يمكن ارتداؤها مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي فإن هذا سيساعد على احداث ثورة في النظام الصحي. ستساعد على تحسين مشاركة المريض في رعايته الصحية من خلال إعطائه مقترحات وتنبيهات على صحته ونظام حياته. سيكون من السهل التنبؤ بدرجة خطورة حالة المرضى وتقسيمهم من الأكثر للأقل خطورة ومراقبة تطور حالتهم بدون أي عِبْء على المنشأة الصحية. جمع بيانات ذات جودة عالية من خلال مستشعرات هذه الأجهزة سوف يمكن تحليلها واستخدامها بعدة طرق. أولا، متابعة ممارسي الرعاية الصحية لحالات المرضى عن بعد وتحليل البيانات لكتابة تقرير مفصل عن حالة المرضى قبل الزيارة او الموعد لتكون مرجع أساسي يساعد الطبيب على فهم الحالة والتشخيص. ثانيا، تقليل عدد ساعات الانتظار عن طريق التنبؤ بنسبة الخطورة وتقسيمهم بالأولوية الى فئات ومن الأولى للحضور للموعد ومن يمكنه استخدام التطبيب عن بعد. ثالثا والاهم الوقاية خير من العلاج فسيساعد الذكاء الاصطناع على تعزيز نظام حياة صحي للأشخاص لتقليل العرضة للأمراض المزمنة.
اثبتت الأجهزة القابلة للارتداء فعاليتها في مختلف المجالات وخصوصا في الصحة. عن طريق مساعدتها في توفير رعاية صحية شخصية، تعزيز نمط الحياة الصحي، تقليل التكلفة، وتحفيز مشاركة المريض في رعايته الشخصية، نستطيع القول بانها سوف تحدث ثورة في القطاع الصحي. ارجو ان نكون جزء من ابتكار تطبيقات رعاية صحية من الممكن ان تساهم على الوصول الى اهداف تحول الرعاية الصحية بالمملكة. وبالختام بعد الاطلاع على الكثير من التطبيقات اعتقد انه يجب علينا ان نثق اكثر في التقنية والتفاؤل بها.
المراجع: