“إن استَطعت كَداود كُنْ”
(سلسلة معادلة الصحة)
شرع الله عز وجل فريضة الصيام لما تحملهُ من فوائد جمة لا تقتصرعلى كسب الأجر فحسب بل هنالك فوائد اخرى قد يجهل البعض عنها وأنا منهم, من هنا راودني الفضول للبحث عن هذا الأمر فوجدت أمور بالفعل تعجبت منها ولما تصور عِظم هذا الأمر و اهتمام الغرب الكبير به.
فتوصلت إلى أن الصيام بلا شك هدية عظيمة لأجسادنا لأنه يجعل الجهاز الهضمي يهنأ براحة فسيولوجية تمكنه من اعادة تحسين ادائه الوظيفي عن طريق الامتناع عن تناول الطعام والشراب لمدة زمنية تتراوح ما بين 9 – 11 ساعة ,فعند تناولنا لوجباتٍ دسمة على الدوام يقوم الجسم ببذل مجهود في عمليات الهضم و الامتصاص والتخزين بالتالي لو تصورنا هذا المجهود على آلة و قمنا بتشغيلها يومياً على هذا المنوال وحَمَلناها طاقة تفوق قدرتها التشغيلية ماذا سوف يحدث لها ؟! بتأكيد سوف تُصاب بالعطب و تحتاج إلى صيانة إذ لم نُلقي لها بالاً , غير ذلك يقوم الصيام بتطهيرخلايا الجسم من السموم المتراكمة التي قد تنتج من خلال تناولنا للمواد الغذائية التي تحتوي على موادِ صناعية .
وقد وجد “مارك ماتسون” ( محقق في المعهد الوطني للشيخوخة والمعاهد الوطنيةالأميركية للصحة ) أن الصيام من 10 إلى 16 ساعة ينشط عمليات الهضم و له دورٌ ايضاً في انقاص الوزن و الوقاية من أمراض القلب و تنظيم افراز الهرمونات .
و في شهر رمضان تحديداً , بجانب كسب الأجر والثواب من الله تستطيع أن تُنِقص وزنك بكل سهولة بواسطة إنقاص كمية السعرات الحرارية في غذائك و ممارسة التمارين الرياضية, ولكن أكثر ما نسمعه “رمضان يزيد الوزن” لماذا ؟! لأن في هذا الشهر يحدثُ العكس تماماً بتالي بدلاً من إنقاص أوزاننا نقوم بزيادتها و ذلك بسبب كميات الطعام والشراب التي تُؤكل وتُشرب في هذا الشهر ومن يرانا قد يعتقد أننا أُصبنا بمجاعة و للأسف هذا من سوء التدبير !!
كانَ يقال أنه يؤثرعلى مرضى المسالك البولية خاصةً مَن يعاني مِن تكوين الحُصَيّات لكن هذا غير صحيح فقد ثَبَت أنه يقوم برفع معدل الصوديوم في الدم فيمنع بذلك تَبلور أملاح الكالسيوم و هو ايضاً ليس خَطِراً على مرضى الفشل الكلوي , كما أن للصيام دورٌ في علاج قُرحة المعدة فهو يقوم بتخفيف معدل الحموضةِ فيها وله دور في علاج مرض التهاب المفاصل المزمن ( الروماتويد ) .
ولدى البعض منا مفهوم خاطئ بأنه يقوم بإجهاد البدن فيؤثر بذلك على نشاطه وهذا المفهوم خاطئ تماماً , فقد أظهرت نتائج بحث أُجريت بواسطة “د/أحمد القاضي وزملاؤه”( من معهد الطب الإسلامي للتعليم و البحوث بنامسيتي فلوريدا بالولايات المتحدة ) وجدوا فيه أنه يزيد من درجة التحمل و كفاءة الأداء العضلي على مَن اُجريت عليهم الدراسة و لُوحظ ايضاً تحسن في سرعة دقات القلب لديهم ,ولهذا شُرِعت وجبة السحور لأنها تقوي الصائم وتَمُده بالطاقة اللازمة للنشاط في نهار الصيام وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: ( تسحروافإن في السحور بركة ).
ولا ننسى أن الصيام يقوم بتهذيب النفس وتقويتها و يُنَمي في روح الإنسان الصبر والإرادة وضبط النفس عن الشهوات وتحسين حالته النفسية لما يُولده الصيام من الشعور بالراحة والسكينة.
بالطبع جميعنا نعلم أن لدى نبينا داود عليه السلام طريقة في الصيام وهي صيام يوماً بعد يوم , وقال النبي محمد عليه الصلاة والسلام إن (أفضل الصيام صيام داود ) لكن نبينا عليه السلام لم يتَبعها وذلك تخفيفاً على الأمة ورفع المشقةِ عنهم , فقد جاء في ” زاد المعاد في هدي خير العباد “: ” وَقَدْ كَانَ يَتْرُكُ كَثِيرًامِنَ الْعَمَلِ، وَهُوَيُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَهُ؛ خَشْيَةَ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ، وَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ (أي : الكعبة) خَرَجَ مِنْهُ حَزِينًا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ قَدْ شَقَقْتُ عَلَى أُمَّتِي ) “
ختاماً إن اردت اتخاذ صيام داود عليه السلام منهاجاَ فهذا خيرا ً لك بشهادة نبينا عليه السلام وإن لم تستطيع فتعدد اشكال الصيام كثيرة وذلك من فضل الله وكرمة علينا فالحمد لله على نِعمهِ التي لاتعد و لا تحصى .
المراجع :
1- أوجه الإعجاز العلمي في الصيام
2 – Canadian Medical Association
اسراء الغريبي