بقلم / د. عبد الوهاب بن عبد الله الخميس

 الصادره من صحيفة الاقتصادية
مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

 

أبارك لأخي الدكتور أيمن بن أسعد عبده تقلده منصب الأمين العام لهيئة التخصصات الصحية. ولا شك أن هيئة التخصصات الصحية كانت في حاجة إلى أمين جديد من خارجها لإعادة النظر في المخرجات المتوقعة منها وإعادة ترتيب أولوياتها ومعايير الجودة التي تتبعها. شهادتي في الدكتور أيمن مجروحة لكني بالفعل متفائل بوجود قامة مثل الدكتور أيمن خصوصا أنه من الكفاءات الوطنية المخلصة والمتمرسة في العمل الأكاديمي والعملي والبحثي والإداري. لذا أتمنى أن يقود الهيئة لمرحلة تكون الشفافية والوضوح واتباع معايير الجودة أساسا في عمل الهيئة المستقبلي. فلا يمكن أن تكسب الهيئة المصداقية دون أن تكون قادرة على تعزيز الشفافية في قراراتها. وأتمنى حقيقا أن يدفع الدكتور أيمن الهيئة لمرحلة تتيح للمشركين في الهيئة الاطلاع على قرارات الهيئة بشفافية خصوصا قراراتها المتعلقة بالبرامج والتصنيف خصوصا للتخصصات الصحية غير الطبية.

آمل من الأمين العام ألا يجعل من صلاحياته أو صلاحيات مساعديه أحقية في تجاوز معايير الاعتماد خصوصا المتعلقة بالبرامج لأن المجاملة فيها ستكون على حساب جودة الخدمات الصحية. وفي الجانب الآخر على الأمين العام أن يعمل على توحيد معايير الاعتماد والتصنيف بين القطاعين الخاص والعام. فمعايير الجودة يجب أن تكون موحدة وتطبق على الجميع دون تمييز جهة عن جهة أو قطاع عن قطاع. وقد سبق أن دعوت إلى توحيد معايير تقييم البرامج سواء البرامج الصادرة من الجامعات الحكومية أو الجامعات الأهلية. نريدها أن ترفع شعار “تقييمنا موحد لأن معايير الجودة موحدة”. فالهيئة تطبق روح النظام عند تقييم البرامج الصحية التابعة للجامعات الحكومية، بينما تطبق نص النظام عند التعامل مع برامج الكليات الصحية الخاصة. كما سبق أن دعوت هيئة التخصصات الصحية إلى مراجعة آلياتها في تقييم برامجها في مقال سابق بعنوان “التحول الذي نطمح إليه من هيئة التخصصات الصحية”.

الهيئة تعاني ازدواجية واضحة في القرارات المتعلقة بالتصنيف. من حق المصنفين والمشتركين في الهيئة أن تكون الرؤية حول آلية عمل الهيئة واضحة ومحددة. فإما أن تتولى الهيئة تصنيف الأفراد دون اشتراط معادلة التخصص “ويكتفى بمعادلة الشهادة فقط دون ذكر التخصص” من قبل إدارة معادلة الشهادات التابعة لوزارة التعليم أو لا تقبل أوراق المتقدمين لحين الانتهاء من معادلتها “التخصص والشهادة معا” من قبل إدارة المعادلات التابعة لوزارة التعليم. اشتراط معادلة الشهادة والتخصص من قبل البعض واستثنائها من قبل البعض الآخر دليل على ازدواجية التقييم وخصوصا أن مثل هذه الاستثناءات تتم من قبل أطباء إداريين في الهيئة وليس من قبل مختصين في التخصصات المعادلة! بل أصبح بعض موظفي الهيئة يخبرون معارفهم في حاله رفض معادلة برامجهم العلمية أو شهادتهم المهنية أن عليهم طلب استثناء أسوة بالبرامج أو الأشخاص الآخرين الذين حصلت لهم استثناءات من قبل إدارة الهيئة!

نريد من الهيئة أن تعاد إليها هيبتها وتصبح حازمة في تقييم كل البرامج الصحية والأفراد دون استثناء لأنها أحد أهم صمامات الأمان لضبط الجودة الصحية.

لا شك أن الدكتور أيمن عبده يعي أن الاستثناءات في معايير الجودة خرق صريح لمفهوم الجودة.

من أهم التحديات التي قد يواجهها الدكتور أيمن مدى قدرته على أخذ خطوات حقيقية لإقناع المستفيدين بأن هيئة التخصصات الصحية تقدم خدماتها لكل العاملين في القطاع الصحي من إخصائيين وفنيين وغيرهم وليست خدماتها مقصورة على الأطباء وأطباء الأسنان. فهيئة التخصصات الصحية تستقطع مبالغ مالية نظير تقديم خدماتها لكل المختصين الصحيين كالممرضين والإخصائيين والفنيين وليس فقط الأطباء وأطباء الأسنان. لذا فمن حقهم أن يكون تمثيلهم في الهيكلة التنظيمية والمجالس التنفيذية بشكل أكبر. يخبرنا موقع الهيئة أن أكثر المشتركين في الهيئة هم من فئة التمريض ثم الأطباء “يشمل الأطباء وأطباء الأسنان” ثم الإخصائيين “وإن كانت أعداد الإخصائيين السعوديين أكثر من الأطباء السعوديين المسجلين حسب الموقع” ثم الصيادلة، فأعداد الممرضين والممرضات المسجلين في الهيئة تجاوز 240 ألف مشترك بينما لم يصل عدد الأطباء “بمن فيهم أطباء الأسنان” 130 ألف طبيب ومع ذلك تدار الهيئة من قبل أطباء فقط. فالأمين العام ومساعدو الأمين العام “3 مساعدين” كلهم أطباء علاوة على المجالس التنفيذية داخل الهيئة. أليس من حق الفئات المستفيدة من الهيئة أن يكون لهم تمثيل أفضل خصوصا في الهيكلة والمجالس التنفيذية؟ بل حتى مجلس الأمناء ظل تمثيل الفئات من غير الأطباء محدودا جدا ولا يتناسب مع حجم الفئات التي تستفيد من خدمات الهيئة.

نريد من الأمين العام أن يكون أكثر شفافية في الإفصاح عن موارد ومصروفات الهيئة. أليس من حق المستفيدين من خدمات الهيئة معرفة مصير اشتراكاتهم الدورية؟ وهل المبالغ المقتطعة سنويا كافية أم أنها مبالغ في قيمتها؟ وهل للهيئة استثمارات في مواردها المالية؟ وهل الهيئة تسعى لتحقيق عائد سنوي من أجل استثماره في مشاريعها المستقبلية؟ وما هي الفئات الأكثر إيرادا للهيئة؟ والفئات الأكثر استهلاكا لمصروفاتها؟ ولماذا لا تصدر الهيئة دليلا لإيضاح تفاصيل استثماراتها المالية، حيث يكون متاحا لجميع المشتركين؟ ولماذا لا تفصح الهيئة عن أهم المعايير التي على ضوئها تم تحديد قيمة الاشتراكات الدورية فيها؟ وهل تتم مراجعة قيم اشتراكات الأطباء والإخصائيين والفنيين بشكل دوري؟ ومن يتولى هذه المهمة؟

ختاما، هيئة التخصصات الصحية من الجهات التي يجب أن تدار بعقلية منفتحة لأن الهيئة تستقطع مبالغ مالية من المستفيدين من خدماتها، لذا يجب أن تكون شفافة في قراراتها ومواردها ومصروفاتها. نريد من الأمين العام أن يفعِّل دور الهيئة، حيث تكون بحق هيئة للتخصصات الصحية ولا تعكس الواقع المشاهد لأنها فعليا هي هيئة للتخصصات الطبية فقط. كما نريد من الأمين العام أن يلتف لملف البرامج العلمية خصوصا الخاصة بالتخصصات الصحية غير الطبية لأن واقعها يشكو حاله لرب العالمين ولا يتناسب مع عمر الهيئة والتطور الذي تشهده الهيئة خصوصا في البرامج الطبية والدارسات العليا.