بقلم / عبدالله بن بخيت

الصادره من صحيفة الرياض

 مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

 

تذكرني شعبية توفيق الربيعة بشعبية المرحوم غازي القصيبي. كلاهما حقق نجاحات شعبية. يعزو بعض الناس نجاحات الربيعة والقصيبي إلى الإخلاص. لا شك أنهما عملا بإخلاص. عندما نؤكد على هذا التميز الأخلاقي كأننا نقول إن الوزراء الآخرين الذين لم يحالفهم النجاح في اعمالهم يفتقرون للإخلاص. هذا سخف لا مبرر له. الفرق بين المديرين يكمن في القدرة. البشر لا يتساوون في الامكانات الإدارية.

القصيبي يتفوق على الربيعة في التعامل مع الإعلام وتوظيفه في العمل ولكن الربيعة محظوظ أن جاء في زمن الإعلام المفتوح. لا يحتاج إلى بناء علاقات مع الصحفيين.. إعلامه هو إنجازاته. من يقنع الجماهير على تنوعهم واختلاف أهدافهم ومصالحهم فلا شك أنه مدير عظيم.

لكن سؤال التجارة شيء، وسؤال الصحة شيء آخر. ما الذي سوف يفعله الربيعة مع ناقة عريمان. هذا الاسم الذي اراه مناسبا لهذه الوزارة المترهلة. من تعامل مع وزارة الصحة سيعرف أنها جهاز بلا مقضب ولا طرف. لفه من الأسلاك المتداخلة التي لا اول لها ولا آخر. سبق ان اقترحت لحل مشكلة وزارة الصحة هو انشاء وزارة صحة جديدة من الصفر. تنمو الوزارة الجديدة بالتدريج. تقضم من القديمة صلاحيتها دون أن تتماس معها أو تقترب منها أو ان يكون بين الجهازين أدنى اختلاط. أهل الصحة أدرى بمعنى العدوى. الشيء الآخر على الربيعة أن يعرف أن النجاحات السريعة التي يمكن ان تنجح في الوزارات الأخرى لا يمكن أن تنجح مع هذه الوزارة.

وزارة الصحة لا توفر لقياداتها مجدا عاجلا. الترميم والتدابير السريعة لن ينفعا. تحتاج هذه الوزارة إلى رؤية. ما الذي يجب أن تكون عليه عام 2030 تزامنا مع الرؤية الوطنية الشاملة، ثم العمل على ذلك بدأب وتحمل سخط الناس.

من العدل والانصاف أن نقول إن وزارة الصحة قدمت الكثير. لمست ذلك في كندا. أكثر من طبيب كندي امتدح العناية الصحية السعودية بالأطفال. عرفوا ذلك من تجاربهم مع الأطفال السعوديين المسجلين في المدارس الكندية. لكن هذا لا يمنع من اتهامها بالترهل ولا شك ثمة فساد يخرم جوانبها.. آمل ألا تقودنا المشكلات الصعبة التي تواجهها هذه الوزارة إلى تلبية دعوات الخصخصة. الحل السحري المزعوم. لا يجوز للدولة أن تتنازل عن جوهر دورها ومهامها. (الصحة الأمن والتعليم). نحن لسنا أميركا. الأميركان على استعداد لتخصيص البيت الأبيض. لم تقم دولتنا على الرأسمالية. قامت على الشعور بالمسؤولية والاحساس بالآخر والتعاون العائلي. إذا واجهتنا مشكلة يجب أن نحلها في إطار هذه الاستراتيجية. خبرة الاميركان لا تناسبنا أخلاقيا. التخصيص لا ينفع معه الترقيع. يا تخصيص يا ما فيه تخصيص. ارجو الا ننخدع بأن نفصل برنامجا صحيا للأغنياء وبرنامجا آخر للفقراء. هذا كلام خطير. سيقود حتما إلى الطبقية. الدولة مسؤولة عن علاج الغني والفقير على حد سواء كما هي مسؤولة عن امن الجميع وتعليم الجميع دون تفريق. إذا أردنا أن نستفيد من تجارب الأمم الأخرى فيمكن أن نستفيد من أوروبا أو كندا. لا بأس ان نستفيد من الاميركان في المسائل الفنية والإدارية اما المسائل الاخلاقية والإنسانية علينا أن نلجأ إلى دول شعارها الإنسان أولا.

أمران ارجو النظر فيهما الأول إيقاف تجارة الادوية. تؤمم الدولة الدواء. تستورده الدولة وتوزعه الدولة. الشيء الثاني النظر في مسألة المستشفيات الاهلية.. ولكي نضمن عدالة الخدمات الصحية يتوجب تأميم المستشفيات الاهلية. تحويلها إلى القطاع العام. تجارب المستشفيات التي تديرها قطاعات حكومية غير وزارة الصحة تعطينا الدليل على إمكانية نجاح المستشفيات التي تديرها الدولة. (التخصصي الحرس الوطني الدفاع الداخلية). ما معنى أن تكون هذه المستشفيات أفضل من مستشفيات وزارة الصحة؟

علينا أن نتعلم من انفسنا.

في الأخير ارجو أن يعمل معالي الوزير بروح المهندس الباني لا مطفئ الحرائق.