في عشرينيات القرن العشرين، رسم ماكس فيبر قواعد البيروقراطية كأسلوب إداري أمثل. في وقتنا الحالي ترتبط البيروقراطية بالعمل الروتيني ، طول الإجراءات ، النمطية وكبح الإبتكار ….. فكيف تحولت البيروقراطية من نظام مثالي لإدارة العمل إلى رمز للنمط الإداري السلبي؟  

اليوم، نعايش في عالم الإدارة ظاهرة تحول كثيرة الشبه بتلك التي مرت بها البيروقراطية!

في أواخر القرن العشرين، بدأت المنشآت تتنافس في تطبيقات الجودة والحصول على شهادات عالمية تُعلّق كوسام شرف تتباهى به أمام منافسيها وأمام زبائنها. و مع مرور الوقت وانتشار الشغف العالمي بالجودة بدأت تختنق بعض المنشآت بهذا المفهوم العملاق الذي بات كالوحش القابع على أكتاف العاملين يترقب ساعة الفتك بالقيادة.

بدأت الجودة كمفهوم إداري لتنظيم وتطوير العمل بما يضمن كفاءة الأداء. ففي حين اهتمت البيروقراطية بتنظيم هيكلية العمل، طمحت الجودة لما هو أعمق من ذلك فتعاملت مع تفاصيل العمل المتضمنة داخل تلك الهيكلية. ذلك التعمق ألبس الجودة صفة التداخل في تطبيقاتها مما أدى إلى التباس تلك التطبيقات على كثير من المتبنين للجودة ونتج عن ذلك تطبيق سطحي أدى إلى تحول فاعلية الجودة إلى عشوائية الجودة !!

 

فكما باتت البيروقراطية تمثل الروتين والتعقيد و …و…. أصبحت الجودة في نظر الكثيرين: أعباء عمل إضافية، هدر في الوقت والجهد والموارد، تطبيقات إلزامية غير قابلة للنقاش، ….، …. ، وشعارات براقة بكلمات منمقة.

من المسؤول عن ذلك،

الإدارة العليا…..، خبراء الجودة…..، برامج الجودة التعليمية…..، منظمات الاعتماد العالمية……، ……؟

 

ربما يتطلب الأمر إعادة صياغة الهدف ليصبح: بيئة عمل مثالية ومخرجات عمل تنافسية، عوضاً عن … تطبيق الجودة!

 

“قد يتحول الدواء إلى داء ، إذا أُسيئ استخدامه “