بقلم/ د. محمد عبدالله الخازم

الصادره من صحيفة الجزيره

مجلة الجوده الصحيه _ دينا المحضار 

هناك جدل حول خصخصة الخدمات الصحية، وأول عيوبه تكمن في عدم التعريف الدقيق لمفهوم الخصخصة لدى من يلق التصريحات و المحاورين وبالتالي المتلقي. عندما نتحاور حول فكرة لم يتم تعريفها فإنه يخشى تحوله إلى حوار طرشان كما يقال.

الخصخصة كمصطلح مطلق تعني نقل ملكية القطاع العام للقطاع الخاص. هذا يعني بيع المستشفيات الحكومية للقطاع الخاص ليدار القطاع عن طريق القطاع الخاص. لكن التصريحات المتنوعة طرحت أفكار أخرى أعتبرها البعض تعريفاً للخصخصة أو أمور تتداخل معها مثل:

1 – إسناد بناء وتأسيس المستشفيات الجديدة عن طريق القطاع الخاص مقابل تشغيلها وإدارتها على مدى سنوات طويلة. بمعنى أن الملكية ستبقى للدوله.

2 – تشغيل المستشفيات الحكومية عن طريق القطاع الخاص، مقابل آلية تأمينية حكومية تغطي تكاليف العلاج للمواطن.

3 – تشغيل المستشفيات عن طريق الشركات التجارية، وفق عقود تبرم مع الدولة وهي تجربة قديمة كانت موجودة حتى عهد قريب.

4 – تأسيس شركة حكومية أو مساهمة (نصف حكومية) تتولى تأسيس و إدارة المستشفيات بدلاً من وزارة الصحة.

5 – إدارة المستشفيات الحكومية وكأنها خاصة بميزانيات مستقلة تتناسب مع مخرجات وفي نفس الوقت تتولى الدولة التمويل عن طريق تأمين حكومي.

6 – التأمين الصحي بتحويل الميزانية الحكومية إلى تأمين حكومي ويتنافس على الكعكعة التأمينية المستشفى الحكومي و الخاص معاً.

وربما غير ذلك من الأفكار المتعلقة بالملكية والتشغيل والإدارة والتمويل. منذ فترة وأنا أناشد وزارة الصحة بتوضيح مفهومها الرسمي حول المقصود والمفهوم الذي تتنباه للخصخصة، لكن الحديث يبقى عائماً وحالماً حول كلمة يتم ترديدها و يعتقد أنها السحرية لحل مشاكل القطاع الصحي. ولأن الصحة أصبح يتعاقب عليها منذ فترة وزارء ليس لديهم الخبرة التاريخية بتطورات القطاع الصحي السعودي، نود أن نذكر على عجالة بأن القطاع الصحي السعودي مر بأكثر من تجربة في مجال إدارة وتشغيل المستشفيات:

1 – هناك تجربة إدارة المستشفيات عن طريق شركات – أجنبية قويه- ومنها تلك الشركات التي أدارت العسكري والتخصصي والحرس وبعض مستفيات الصحة. وقد عادت أرامكو لهذا النموذج الملكف بتشغيل مستشفاها الصغير بعقود باهظة مع جهات أمريكية.

2 – هناك تجربة تشغيل المستشفيات عن شركات تشغيل صحية محلية غالبيتها كانت بعقود متواضعة وعمالة متواضعة، هدمت الكثير مما أسسته الشركات العالمية. ومهم هنا تصنيف تشغيل الشركات هنا إلى مرحلتين.

3 – هناك تجربة إدارة وتشغيل المستشفى عن طريق الحكومة مباشرة وهذا كان ولا زال يحدث في غالبية مستشفيات وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية.

4 – هناك تجربة التشغيل الذاتي وهي التي نضجت بشكل أوضح في التخصصي والحرس الوطني ومدينة الملك فهد الطبية وغيرها.

5 – هناك تجربة التشغيل الذاتي التابعة لوزارة الصحة، وأصنفها منفصلة كما صنفت تشغيل الشركات لمرحلتين لأنها مختلفة عن التجربة في القطاعات الأخرى أو تجربة قطاعات منحتها لصحة بعض الاستقلالية كمدينة فهد الطبية والعيون وتخصصي الدمام..

لكل نموذج ميزاته وعيوبه، فالتجربة الأولى عن طريق شركات أجنبية قوية كانت مكلفة وعالية، لكنها أسست لنظم متميزة في التشغيل والإدارة لازالت هي الاساس بالتخصصي والحرس وغيرهم. أحد المأخذ التي يكررها البعض حول تلك التجربة تكمن في ضعف الاهتمام بالقوى العاملة السعودية، وهي نقطة محل جدل بين المهتمين، لأن من يدافع عنها يرى أنه لم تكن هناك كوادر كافية.

تجربة التشغيل عن طريق الشركات المحلية والبعض يخلطها بتجربة الشركات الأولى، لكنني أفصلها، كانت سيئة لضعف العقود وتواضع الرقابة وتحول شركات غير متخصصة إلى شركات صحية همها جلب أرخص الكوادر على حساب الكفاءة، وعدم عنايتها بالجوانب المساندة كالصيانة والتجهيزات والتدريب وغير ذلك.

تجربة التشغيل الذاتي ربما هي الأنضج إذا ما أخذنا تجارب التخصصي والحرس والمدينة الطبية وقوى الأمن، لكن عند تطبيقها بالصحة لم تكن وفق المأمول لأن الوزارة كانت ولا زالت تعاني شح الكوادر القيادية والإدارية المتميزة ولأن ضغوط الميزانية تأتي دائماً ضد الصحة وليس مستشفيات القطاعات الأخرى ولأن قيادي الصحة لم يتكيفوا مع فكرة استقلالية إدارة المستشفى وهم عتاة المركزية والبيروقراطية وكما تسببوا في فشل تجربة تشغيل الشركات، حاولوا تأسيس برامج تشغيل تدار بفكر وزارة الصحة المركزي، لذلك نحن نتحدث عن نوعين من برامج التشغيل الذاتي.

للموضوع بقية