بقلم /  د. محمد عبدالله الخازم 
مجلة الجوده الصحية _ دينا المحضار 

أجدني مضطراً لتكرار بعض الأفكار التي سبق أن طرحتها في السابق في المجال الصحي، رغبة في إعاة لفت الانتباه إليها في ظل تغير المسؤولين والاستراتيجيات بالقطاع. نبدأ بالرعاية الأولية ولا أعتقد أن هناك مسؤولاً صحياً أنكر أهميتها وحرصه على تطويرها.

الفكر التقليدي ينظر للرعاية الأولية ويقيس حجمها أحياناً من خلال عدد المباني أو المراكز. كما يراها الأدنى في سلم الخدمات الصحية ولا تستحق شمولها بالتأمين أو التخصيص أو الإصلاح الجذري ولا تستحق أن يبتعث في تخصصاتها الأطباء..

بعيداً عن التفاصيل؛ نحتاج نقض مفهوم مراكز الرعاية الأولية واستبدالها بمفهوم طبيب العائلة. طب العائلة يُمكن تقديمه في عيادات بسيطة كما نلحظه في دول عدة متقدمة في هذا الشأن، حتى أنك تجد عيادات طب الأسرة بالأسواق باعتبار ما تحتاجه ثلاث أو أربع غرف فقط.

التصور الذي أكرره هو أن يتاح للمستثمرين تأسيس عيادات طب أسرة وفق مفهوم بسيط يتمثل في تولي طبيب العائلة التعامل مع عوائل بكاملها. وليكون التعويض أو التأمين لخدمات الرعاية الأولية عن طريق الحكومة بشكل مباشر للخدمة المقدمة أو في شكل تأميني مبسط. مع تقديم تسهيلات لدعم الاستثمار في هذا المجال.

سيصبح بمقدور الأسرة اختيار طبيبها ولكل مواطن كرت صحي يعالج عن طريقه دون أن يدفع شيئاً وإنما تدفع الحكومة نيابة عنه -كما أشرت بشكل مباشر أو عن طريق وسيط أو نظام تأميني مقنن. مراكز الرعاية الأولية القائمة يمكن تحويل بعضها لتكون مراكز خدمات مساندة (أشعة، مختبرات وغيرها) أو تأجيرها وتخصيصها لاحقاً. و يمكن بقاء بعضها في القرى والمناطق الصغيرة التي قد لا يقبل عليها أطباء الأسرة سواء بإدراتها عن طريق الوزارة أو تأجيرها رمزياً لأطباء الأسرة تحفيزاً لهم للعمل بالمناطق الصغيرة.

خدمات طب الأسرة يمكن حسابها بسهولة سواء عن طريق عدد المشمولين بالخدمة أو بعدد الزيارات وهي ليست عملية معقدة مثل الخدمات الصحية الأخرى. لو افترضنا عدد الزيارات لأطباء العائلة سنوياً سيصل 80 مليون زيارة بالسنة – عدد الزيارات الحالي أقل من 55 مليوناً- وبحساب معدل الزيارة 60 -80 ريالاً نستطيع تأمين الرعاية الأولية بمبلغ يقارب 6-7 مليارات، وهو أقل بكثير من الكلفة الحالية من رواتب وأراض ومبان وتجهيزات وتشغيل وغيرها.

الفكرة هي تغطية الجميع بخدمات طب الأسرة، بطريقة مختلفة وأكثر فعالية. مع الإشارة إلى وجود جوانب إجرائية كإيجاد نظام آلي صارم لتحويل المرضى للمراكز الصحية/ المستشفيات، ووضع معايير واضحة وقابلة للتطبيق لعيادات أطباء الأسرة؛ كاشتراطات التعقيم والسجلات الطبية والربط الإلكتروني وغيرها..

حاولت تبسيط الصورة أعلاه، بعيداً عن التفاصيل التي أرجو أن لا تكون سبباً في تكسير المجاديف وقتل الأفكار قبل مناقشتها…