تُصادفنا أيام نكون بها في أمس الحاجة لمبادئ الإدارة سواء كانت على الصعيد الشخصي أو العملي , وتناول هذه المادة ومعرفة ماهيتها تعتبر من ضروريات الحياة , الإدارة في أي مجال فنٌ لا يستحدث من العدم يتطلب مهارات دقيقة وخبرات كثيرة لتحمل هذه المسؤولية فعندما نتحدث عن الإدارة الصحية المسألة تعظُم فهي ليست كأي إدارة , التعامل فيها يكون مع أرواح بشرية ثمينة , ليس كل إداري قائد فالقائد الإداري فيها هو الأنجح .

 

كثيراً ما أُشبه القيادة بلعبة الشطرنج واللاعب المتمكن الفذ هو القائد فسلاسة حركاته وخطواته المدروسة تعمل فارقاً يصب في طريق نجاحه في اللعبة , فالشطرنج تتطلب ذكاء ودقة تحكم من ملكها لوزيرها , التطوير في الأسلوب الشخصي للاعب واستخدام الذاكرة والبديهة والخيال مطلب الفوز في هذه اللعبة , كذلك القائد في المجتمع الصحي , سلاسة تحكمه وذكائه في منظومته ومعرفة نتاج كل خطوة المفتاح لبوابة الانجاز والنجاح ,ومن أهم الصفات التي ينبغي على كل قائد إداري ناجح أن يتّسم بها هي الصبر والحكمة { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرأً كثيراً } .

 

القيادة في الصحة العامة أساسها تحقيق الأهداف وتنفيذها بشكل هرمي بعلاقة راشدة لا يشوبها التحيز وهي ما تعرف بالبيروقراطية التي يعتقد الكثير أنها نظام فاسد مُعقد إلا أنها سلاح ذو حدين فهي تنظيم نموذجي من المفترض أن يؤدي إلى إتمام العمل على أفضل وجه ، ولا تعتبر مرضاً إلا إذا أساء الإداريون والموظفون استخدام أركانها وهي ما تعرف بالبيروباثولوجيا ,فكما عرفها الألماني ماكس فايبر ” هي مجموعة من الأسس الإدارية التي تُخرج السياسة العامة للمؤسسة إلى حيز الواقع وتضعها موضع التنفيذ الصحيح لتحقيق الأهداف “.

 

أن تكون مديراً قائداً يعني أن تنظر للإدارة كمسؤولية لا كمنصب، أن تكون نظرتك لسمو المجتمع ولرفعة مكانته وتسهيل طرق خدماته لراحة المجتمع الذي نحن منه وإليه , القيادة فن يضيف إلى الإدارة رونقاً هاماً فالقيادي اقرب إلى موظفيه ومساعدهم الأول كما أن طلب المشورة منهم عاملاً مهم جداً عائده على الموظفين من شتى الاتجاهات كبير , كما قال تعالى {وشاورهم في الأمر }, كما انه يحدثُ فارقاً من الناحية العملية في جودة التنفيذ وسرعة الوصول للانجاز المنشود .

 

ختاماً القائد الصحي الناجح هو لُب الصحة العامة , كن قائداً لا إدارياً فقط كن ساعياً للتغيير للأفضل دائماً لا مكتفي بالمطلوب انجازه فالحياة في المجتمع الصحي يتحسن بالعلاقة الطردية فكما قالت د.جون ماكدونو من جامعة هارفارد للصحة العامة ” إذا كان بإمكانك فعل شئ عظيم وتحد جلل للتغير والتقدم كن أول من يسعى لفعله “.

 

نُهى سعيد.